logo
العالم العربي

بعد مجازر الساحل.. أقليات سوريا تبدأ رحلة البحث عن "ملاذ آمن"

بعد مجازر الساحل.. أقليات سوريا تبدأ رحلة البحث عن "ملاذ آمن"
سوريون من قرى الساحل ينزحون باتجاه لبنانالمصدر: وسائل إعلام سورية
21 مارس 2025، 11:07 ص

لم تتوقف محاولات السوريين للهروب من البلاد منذ 14 عاماً، ارتفعت وتيرة الهجرة أحياناً، ارتباطاً بمنسوب العنف والقمع والتنكيل من قبل نظام الأسد و"داعش" والفصائل، وهدأت حيناً آخر، خاصة في السنوات الأخيرة ما قبل سقوط النظام، مع هدوء الجبهات، لكن الهجرات لأسباب اقتصادية لم تنقطع وإن بأعداد أقل . 

اليوم، يعود هوس البحث عن بلد للجوء، ليطرق أبواب من بقي من السوريين، خاصة من الأقليات التي بدأت تستشعر خطراً وجودياً بعد المجازر التي شهدها الساحل السوري في الآونة الأخيرة.

يؤكد العديد ممن تواصل معهم "إرم نيوز" خلال عدة أيام بعد أحداث العنف الأخيرة، أنهم بدأوا رحلة البحث عن ملاذ آمن، مؤكدين أن الهجرة باتت هاجس عشرات الآلاف من السوريين، خاصة من العلويين والمسيحيين، وبنسبة أقل؛ الدروز. 

أخبار ذات علاقة

مركبات محترقة في بلدة جبلة في محافظة اللاذقية الساحلية

خبراء: "ملف الأقليات" السورية تحت المراقبة الدولية إثر الانتهاكات

طمأنة لا صدى لها

منذ وصوله إلى دمشق عقب الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، حرص الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع على طمأنة الأقليات، في وقت حثّه فيه المجتمع الدولي على إشراك جميع المكونات السورية في المرحلة الانتقالية.

وبعد اندلاع شرارة الأحداث في الساحل قبل أسبوعين، وسقوط مئات القتلى في مجازر راقبها العالم بكاميرات القتلة أنفسهم، تعهد الشرع بمحاسبة المتورطين، وشكّل لجنة للتحقيق.

لكن تطمينات الشرع، ولجان التحقيق، والسلم الأهلي، لم تقنع أهالي الساحل بجدية السلطة، لأن الوعود تصطدم حتى اليوم بفلتان بعض مسلحي الفصائل، حيث تستمر عمليات القتل والخطف حتى اليوم، وإن بوتيرة أخف.

من أجل ذلك، يرفض آلاف من أهالي القرى العلوية الذين فروا إلى قاعدة حميميم، الخروج منها رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها في قاعدة غير مجهزة لاستقبال المدنيين بهذا العدد الكبير.

قبل أيام انتشرت شائعة مفادها أن إيران أبدت استعدادها لاستقبال الآلاف من أهالي الساحل الذين لجأوا إلى قاعدة حميميم الروسية هرباً من عمليات القتل. 

موقع"إرم نيوز" تواصل حينها مع اثنين من اللاجئين إلى القاعدة الجوية الروسية للاستعلام عن حقيقة الأمر. نفى الشابان وجود أي مقترح جدّي لنقل اللاجئين إلى إيران، لكن أحدهما أبدى استعداده وكثيرين غيره للذهاب "حتى إلى جهنم" على حد تعبيره.

هذه العبارة باتت تتكرر كثيراً في الساحل السوري، منذ أسبوعين حتى اليوم، فاتحة الباب أمام موجة جديدة وكبرى من اللجوء فيما لو فتحت الدول أبوابها.

ويبدو أن روسيا ستكون أول الراضخين لضغوط طالبي الهجرة، حيث أكد مصدر في حميميم أن روسيا ستبدأ باستقبال الراغبين باللجوء، وقد طُلب منهم تعبئة بياناتهم استعداداً للسفر إلى روسيا، خاصة في ظل رفض اللاجئين إلى القاعدة الخروج دون حصول الساحل على حماية دولية، وإخراج الفصائل، وقوات وزارة الدفاع من الساحل.

لبنان .. الوجهة الأولى

 منذ السادس من آذار الجاري، تمكن المئات من العائلات العلوية من إيجاد طريق للنجاة ومغادرة أماكنها، فيما فرَّ الآلاف من  المسيحيين والعلويين من سوريا خوفاً من موجات انتقامية.

وقد رفعت الحوادث الدامية الأخيرة مستوى التأهب للخروج من البلاد، حيث تُشير تقديرات إلى أن طرق التهريب مفتوحة نحو لبنان.

  تقارير مماثلة من داخل لبنان تدعم هذه المعلومات، فيما تنتشر تسجيلات صوتية، وصفحات اجتماعية، تدعو العلويين إلى التقدّم بطلبات لجوء لدى السفارات.

مع تفاقم هذا الواقع، يستعد العلويون لقطع شوط طويل في محاولات الفرار الاضطراري من البلاد، حيث تنتشر بين الشباب آليات نجاة تبدأ من لبنان وتمتد إلى فرنسا وكندا، سعياً للحصول على اللجوء. 

أخبار ذات علاقة

ساحة تدمر في محافظة حمص

تصاعد دعوات "الحماية الدولية".. هل تتعرض "الأقليات" في سوريا لتهديد حقيقي؟

بالمقابل، تنتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة "فيسبوك"، روابط يُشاركها نشطاء لتقديم طلبات لجوء إلى السفارة الفرنسية في بيروت، مدعومة بشهادات غير مؤكدة حول اهتمام فرنسا باستقبال العلويين والمسيحيين وحمايتهم.

سامية؛ ناجية من حي القصور في بانياس أيضاً، أمضت 3 أيام في أحد الوديان بعد المجازر، ولم تخرج بحرية منذ ذلك الحين، حيث لجأت إلى منزل مؤقت، وترفض العودة إلى حيّها بأي شكل. تؤكد أنها ستبحث عن أي وسيلة للسفر، سواء إلى لبنان أو أي بلد يسمح بدخولها إليه "لن أعود إلى هذ1 ..البلد سأنسى اسمها إن استطعت"، كما تقول.

المسيحيون أيضاً..

في عظته التي أعقبت انطلاق عمليات القتل في الساحل السوري، دعا بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر، الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى وقف "المجازر" في الساحل السوري، ومنح "الشعور بالأمان والاستقرار لجميع أبناء سوريا بكل أطيافهم".

وقال: "كانت المناطق المستهدفة، أماكن العلويين والمسيحيين. وسقط أيضاً العديد من القتلى المسيحيين الأبرياء"، دون أن يحدد عددهم.

أخبار ذات علاقة

أسلحة تم تسليمها سابقا لوزارة الدفاع السورية

سوريا.. ضبط مستودع ذخائر وأسلحة ثقيلة في ريف حمص

والساحل السوري هو إحدى المناطق التي تعيش فيها الأقلية المسيحية في سوريا، والتي انخفض عددها من نحو مليون قبل النزاع في 2011 إلى أقلّ من 300 ألف، بعد موجات النزوح والهجرة، وفق خبراء.

ويعيش مسيحيون في مدينة اللاذقية السورية على وقع مخاوف غير مسبوقة، كما روى عدد منهم، بعد التصعيد الدامي في الساحل السوري الذي راح ضحيته أكثر من 1500 مدني، غالبيتهم من العلويين.
 
تقول ريتا: "أشعر بمزيج من الخوف والترقب للمرحلة المقبلة في سوريا، لكني أصبحت متيقنة أن الهجرة بشكل عام هي الحل الوحيد". 

 يوسف (37 عاماً) يعمل حرفياً في اللاذقية، لم تهدئه تطمينات السلطات، يقول: "لست مطمئناً إلى مستقبلي وليس عندي جرأة للزواج، وإنجاب أطفال في هذه المكان"، وأضاف: "منذ 10 أعوام، سنحت لي فرصة للسفر إلى كندا، لكني راهنت على أن الوضع سيتحسن، واليوم أنا نادم لأنني لم أستغل الفرصة حينها".

 أما بثينة من مسيحيي اللاذقية، فقد بدأت الخطوات لإخراج عائلتها، من أجل تقديم طلب لجوء إلى فرنسا أو كندا، بعدما تلقت تأكيدات من جهات غير رسمية بشأن رغبة فرنسا في استقبال المسيحيين والعلويين في الساحل السوري، وأيضاً استعداد كندا لاستقبال آلاف اللاجئين الجدد هذا العام.

فادي، يستعد للهرب مع عائلته إلى لبنان هو الآخر، ليقدّم طلب لجوء إلى فرنسا، مدفوعاً بالشعور بالاضطهاد، خاصة بعد اختطاف شقيقه في أول أيام المجازر، دون أن يُعرف مصيره حتى الآن. 

الدروز.. قلق المستقبل

رغم أن طائفة الموحدين الدروز التي تسكن بمعظمها في السويداء وبعض مدن ريف دمشق تبقى أفضل حالاً وأماناً من العلويين، بسبب تماسكها وتوحد معظم أبنائها خلف الرئاسة الروحية للطائفة، ووجود فصائل عسكرية تحمي مناطقها من أي هجوم محتمل للفصائل، والأهم تهديدات المسؤولين الإسرائيليين للسلطات الجديدة في دمشق من مغبة الاقتراب إلى الدروز، إلا أن كثيرين من أبناء الطائفة يضعون الخروج من البلاد نصب أعينهم، خشية من مستقبل غير واضح .

أنس، الذي كان يعتقد بأن "خلاصنا من نظام الأسد يعني بداية جديدة لكل السوريين" صُدم كما قال من السرعة التي تذهب من خلالها سوريا إلى "الهاوية". واليوم ينتظر وصول فيزا سياحية من شقيقه للخروج من البلاد.

أما حسام، فقد قرر الخروج إلى لبنان أولاً، وتقديم طلب لجوء إلى كندا له ولزوجته وطفليه، "لدي أقارب هناك لجأوا منذ سنوات وسألتحق بهم". يقول: "لا أرى أي بصيص ضوء.. في كل يوم يتراجع الأمل بأن هذا البلد سيبقى البلد الذي عرفناه يوماً لكل السوريين".  

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC