تعيد إسرائيل استخدام سلاح النزوح وتدمير المباني والمربعات السكنية شمال الضفة الغربية، وذلك بعد أن استخدمته في قطاع غزة، وأدى إلى تغيير قسري لملامح الحياة بمختلف مدن القطاع، علاوة على جعل غزة منطقة غير صالحة للحياة.
وأجبر الجيش الإسرائيلي الآلاف من الفلسطينيين شمال الضفة الغربية وتحديدًا جنين وطمون وطوباس، على النزوح من مناطقهم بسبب عملياته العسكرية، فيما أقدم على نسف عددٍ من المربعات السكنية؛ ما يحول دون عودة السكان إلى مناطقهم.
ويعد هذا الأسلوب الأخطر على الفلسطينيين سواء في الضفة أو غزة، خاصة أنه يجعل المناطق التي ينزح إليها السكان غير صالحة للحياة في حال عودتهم إليها بعد وقف العمليات العسكرية؛ ما يدفعهم نحو الهجرة الطوعية.
ضغط إسرائيلي
وقال الخبير في الشأن العسكري، أحمد عبد الرحمن، إن "إسرائيل تستخدم السلاح الأخطر بهدف الضغط على الفلسطينيين من أجل الهجرة إلى الخارج؛ ما يمكّنها من خلق واقع جديد بالضفة، ويمرر مخططات الأحزاب اليمينية".
وأوضح عبد الرحمن، لـ"إرم نيوز"، أن "ذلك يأتي في إطار خطة عسكرية سياسية أمنية إسرائيلية أمريكية محكمة"، مشددًا على أن الجيش الإسرائيلي سيعمل على تدمير البنية التحتية الفلسطينية، بما يحول دون أي فرصة لمقومات الدولة".
وأشار إلى أن "العمليات في شمال الضفة انتقلت بشكل متسارع من العمليات المحدودة إلى العملية واسعة النطاق والمجال والأهداف، وهو ما سيمكّن إسرائيل من الوصول إلى أهدافها في وقت زمني قصير للغاية"، وفق تقديره.
وأضاف: "سيكون شمال الضفة نموذجًا لقطاع غزة، وبالتالي فإن الفلسطينيين سيكونون مضطرين للقبول بأي مقترح يُعرض عليهم من قبل إسرائيل والإدارة الأمريكية الجديدة، والذي سيكون بعيدًا عن حل الدولتين، وخطة محدثة لصفقة القرن".
وتابع "بتقديري ستعمل إسرائيل على إنشاء مناطق أمنية في شمال الضفة الغربية، وهي البديل الواضح لفكرة إعادة الاستيطان"، مؤكدًا أن الاتفاق مع حركة حماس بشأن الحرب في غزة سهّل مهمة الجيش الإسرائيلي.
ضربة استباقية
ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، منصور أبو كريم، أن "العمليات العسكرية بشمال الضفة الغربية تمثل ضربة استباقية للفصائل المسلحة، بما يمنع التموضع الإيراني، خاصة أن هناك مؤشرات لتحرك إيران لجعل الضفة جبهة القتال الجديدة".
وقال أبو كريم، لـ"إرم نيوز"، إن "إسرائيل ترغب في القضاء على جميع حلفاء إيران في المنطقة، وذلك تمهيدًا لتوجيه ضربة عسكرية لإيران"، مؤكدًا أن الوضع الجديد الذي أفرزته غزة سيكون سببًا في تغيير جذري بالمنطقة.
وبيّن أن "ذلك يأتي في إطار مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين، خاصة أن مخططه لا يقتصر على قطاع غزة؛ وإنما يشمل الضفة الغربية، حيث سيحوّل شمالها إلى أقاليم فلسطينية في حين سيكون جنوب الضفة المنطقة التي يفرض عليها السيادة الإسرائيلية".
وتابع أنّ "هذه الإجراءات ستكون وصفة لتوتر طويل الأمد في المنطقة، وهو ما سيدفع الفلسطينيين إلى التحرك بطريقة غير متوقعة"، مؤكدًا أن دول المنطقة ستتضرر من المخططات الأمريكية الإسرائيلية بشأن غزة وشمال الضفة، وفق تقديره.