قالت مصادر محلية في محافظة السويداء جنوبي سوريا، الجمعة، إن قوات "غامضة" منسوبة إلى الجيش السوري، تخفت بزي العشائر البدوية، للمشاركة في القتال الدائر مع الدروز هناك.
وتداولت حسابات عبر منصات التواصل الاجتماعي، الخميس، صوراً ومقاطع فيديو، لم يتسنّ التأكد من صحتها من مصدر مستقل، قالت إنها تظهر عناصر منسوبة لوزارة الدفاع السورية، ترتدي زياً بدوياً، متجهة إلى السويداء.
غياب الهوية
وتعليقاً على أحداث السويداء، رأى الكاتب السوري فراس الحسيني، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أنه "في ظل غياب الهوية السياسية الجامعة للسوريين، تصعد الهويات الصغرى كبدائل نفسية ووجودية. ومع تآكل المشروع الوطني الجامع، تعود الطوائف لتقدّم نفسها كملاذات أخيرة للبقاء"، على حد تعبيره.
وقال الحسيني: "ما نشهده اليوم في السويداء هو ارتداد عميق إلى الهوية الدينية بوصفها جدار الحماية الأخير، حيث يتحول الانتماء الديني إلى ما يشبه جيشاً رمزياً وروحياً يوفر الأمان حين تكون المؤسسات ضعيفة أو منهارة أو منحازة".
وأضاف: "في المقابل، تغيب الهوية الوطنية عن مشهد الصراع؛ لأنها لم تعد تملك أدوات الدفاع عن أحد. الطائفية هنا لا تعتبر خياراً أيديولوجياً، فهي أقرب لأن تكون استجابة لبُنية مُفكّكة".
انزلاق الصراع
وتابع: "عجزت السلطة عن التعامل مع ملف السويداء، وتُرِكَ المجال لانزلاق الصراع نحو البنية الاجتماعية. بذلك تكون الدولة الوليدة طرفاً في نزاع أهلي، أو متفرجاً، إن لم تتدخل بشكل مناسب لحجم الأزمة وخصوصية وحساسية التعامل معها".
واعتبر الحسيني أن "مناخ الخوف يُحوّل العلاقات المجتمعية من روابط مدنية إلى عصبيات انتقامية، تسقط فكرة (الجار) بوصفه مواطناً متساوياً، ويُعاد تعريفه باعتبار آخر قد يُمثّل تهديداً، ويُنظر إلى الفرد كامتداد لعِرق أو طائفة أو قبيلة. وتبدأ لغة الدم في الحلول محل لغة المواطنة".
وختم الكاتب السوري حديثه بالتأكيد على أنه "بهذا المنطق، تنهار كل منظومة العقد الاجتماعي، وتُبعث أنماط بدائية من العدالة تحكمها القسوة والغريزة".