تصاعدت الأحداث في محافظة السويداء الواقعة جنوب سوريا خلال اليومين الماضيين، وسط تحولها إلى ساحة صراع بين روايات متضاربة بشأن حقيقة الموقف في المحافظة التي اندلعت فيها اشتباكات عنيفة بين قوات وزارة الدفاع وفصائل درزية مسلحة.
الحكومة السورية أكدت عبر البيانات الصادرة عن وزارتي الدفاع والخارجية، أن الاشتباكات اندلعت بداية بين مجموعات مسلحة "خارجة عن القانون" من داخل السويداء وأخرى من مناطق مجاورة، متهمة جهات بتنظيم هجمات موجهة لجر المحافظة إلى الفوضى.
وقالت دمشق إن تدخل الجيش السوري وقوات الأمن كان لفرض الاستقرار وحماية المواطنين، مشيرة إلى تعرض قواتها لكمائن أسفرت عن مقتل 18 جنديًا من عناصرها.
ودعت إلى تسليم السلاح ورفض أي تدخل خارجي، معتبرة أن استمرار الفوضى في المحافظة يهدف إلى تفكيك النسيج الوطني.
على الجانب الآخر، تختلف الروايات المحلية حول جذور الصراع، فقد اتهمت بعض الجهات المحلية، في محافظة السويداء، الحكومة بالتقصير في منع التوترات، مشيرة إلى أن الاشتباكات بدأت بسبب عمليات خطف متبادلة بين فصائل درزية وعشائر بدوية.
وفي المقابل، يرى آخرون أن التوترات طائفية بامتياز، مدفوعة بتحريض متبادل عبر وسائل التواصل، مع اتهامات لشخصيات مثل المرجع الدرزي حكمت الهجري بإشعال الفتنة وللحكومة بتوظيف ميليشيات لتأجيج الوضع في المحافظة تمهيدًا للسيطرة عليها بعد مرور سبعة أشهر من سقوط النظام السابق.
من جانبها، تدخلت إسرائيل في الأحداث من خلال شن طائراتها الحربية غارات جوية استهدفت مواقع الجيش السوري، بذريعة حماية الدروز من "تهديد عسكري"، ما يتعارض مع تقارير سابقة عن تنسيق محتمل بين دمشق وتل أبيب بدعم أمريكي سبق الهجوم على السويداء، لكن التنسيق يبدو مشوبًا بالغموض مع استمرار الغارات الإسرائيلية على الجيش السوري.
وعلى منصات التواصل، تصاعد الجدل حول المسؤولية عن الأحداث، حيث يتهم بعضهم الحكومة بالتقصير أو التخطيط، بينما يرى آخرون أن الفوضى في السويداء هي نتيجة انفلات أمني متوارث، فيما هناك من يتحدث عن دور خلايا نائمة أو ميليشيات تابعة للنظام السابق في تأجيج الأوضاع في المحافظة.
ومع تقدم الجيش السوري نحو مركز محافظة السويداء وفرض حظر تجوال في بعض المناطق، شهدت المدينة نزوحًا سكانيًا وأعمال نهب، بينما تتواصل المفاوضات مع وجهاء محليين لوقف إطلاق النار.
لكن غارات إسرائيل ورد الجيش السوري المضاد على الغارات أضاف المزيد من الغموض بشأن ما يجري من أحداث، ما أثار تساؤلات عدة حول ما إذا كانت الأحداث التي تشهدها السويداء جزءًا من خطة أوسع أم انفجارًا عفويًا.
وفي ظل تواصل حرب الروايات التي تعكس انقسامًا عميقًا في السرديات، من المرجح استمرار الباب مشرعًا أمام المزيد من التكهنات إلى حين حسم قوات الجيش السوري للموقف بشكل واضح في المحافظة ذات الغالبية الدرزية، والتي تطالب بحكم لا مركزي وهو ما يتناقض مع رؤية الحكومة السورية في إقامة دولة واحدة موحدة.