في خطوة وصفت بـ"الإفلاس السياسي"، ضربت ميليشيا "حزب الله" اللبنانية بقرار رئيس الحكومة نواف سلام عدم إنارة صخرة "الروشة" في بيروت وبث أي صور ضوئية عليها، عرض الحائط، مساء الخميس.
تجمعات حاشدة لأنصار الميليشيا تحدوا خلالها أوامر الدولة اللبنانية التي أعطت الإذن السابق بالتجمع إحياء لذكرى الاغتيال الأولى لزعيم الحزب حسن نصر الله وخلفه هاشم صفي الدين دون استغلال الأماكن الأثرية والسياحية، فقد عرضت بتقنية الليزر صورة للرجلين على صخرة "الروشة"، أحد أهم المعالم في العاصمة بيروت.
وأفادت مصادر حكومية بأن "حزب الله" حصل على الإذن بإقامة النشاط، لكن دون إضاءة الصخرة.
والاثنين الماضي، أصدر رئيس الوزراء نواف سلام، تعميماً طلب فيه من الإدارات العامة منع استعمال الأملاك العامة والأثرية قبل الحصول على التراخيص اللازمة.
وشارك أنصار الميليشيا بأعلام الحزب وأناشيد وهتافات وشعارات مناهضة لإسرائيل أثناء تجمعهم عند صخرة "الروشة"، فيما فرضت القوى الأمنية إجراءات مشددة بمحيط المكان.
تعليقاً على ذلك، أرجع الخبير السياسي مكرم رباح خطوة حزب الله في هذه الفعالية إلى أنه يريد تجربة تحويل قرار نزع سلاحه إلى أزمة مذهبية طائفية من خلال استغلال الشارع وخلق مواجهة بين السنة والشيعة.
وأضاف رباح في تصريح لـ"إرم نيوز" أن الفعالية أقيمت في بيروت التي تعد أنها تمثل السنة، مبينًا أنه "عندما تقام نشاطات سياسية مثل هذه، يرفع حزب الله العصا في الداخل وفي الوقت نفسه يروج لادعاء أن نواف سلام يريد أن يهمشكم".
وتابع الخبير السياسي اللبناني: "في نهاية المطاف، ما يفعله حزب الله هو تأكيد أنه أفلس، فقد انتقل من كونه حزباً موجوداً في عواصم عربية عديدة ولديه قدرة عسكرية إلى وظيفة إضاءة الليزر".
وأكد رباح أن "ما يحدث هو تحدٍّ لرئيس الوزراء السني ومحاولة تضليل بأنه منع الشيعة من الاحتفال".
وأردف "ما قاموا به هو تحدٍّ للحكومة، بتوجيه رسالة مفادها أنهم لا يزالون يحتفظون بالسلاح، دون اكتراث بالحكومة، ولكن التناقض لديهم هو أنهم يعترفون بنواف سلام كرئيس حكومة عندما يجلسون معه على الطاولة نفسها، وأيضا في البرلمان الذي يمثلهم فيه خمسة نواب".
وتوقع رباح ألا تكون هذه المناسبة الأخيرة التي تستغل بها الميليشيا الساحة، مشيرا إلى أن حزب الله سيوظف أي مناسبات مجتمعية ليحوّلها إلى شعارات تؤجج المجتمع كسبا للوقت مع إيران تحت ذريعة أن التغييرات في المنطقة قد تكون لمصلحتهم، لكن ما يقومون به فعليا هو إبعاد لبنان عن محيطه العربي.
ورأى الخبير السياسي أن "الأخطر من ذلك قد يتمثل بعدم تلقي لبنان أي دعم عربي عندما ترى الدول الصديقة مثل هذه التجاوزات".
من جهته، أوضح الناشط السياسي علي مراد أن ما حدث في الروشة بمرتبة مؤشر حول الخيارات التي يتخذها حزب الله، مبينًا أنه يصر على الهروب إلى الأمام من خلال التحديات الكبيرة التي تواجه لبنان بعد الحرب الإسرائيلية وخسارته لدوره الإقليمي في محاولة لخلق عدو داخلي.
وبين مراد في تصريح لـ"إرم نيوز": "أقصد بالعدو الداخلي، السلطة التنفيذية لا سيما الرئيس نواف سلام، حيث يستدرج حزب الله الشارع بشد العصب الطائفي كي يهرب من مسؤوليته ومن الأسئلة المفروضة عليه لا سيما عودة أهل الجنوب، وعجزه التام عن إعمار الضاحية".
وأردف بأن "حزب الله يريد أن يكيف جنوب لبنان مع مصالحه، والدولة اللبنانية تواجه تحديات كبيرة، ولكن جل ما قام به رئيس الوزراء في هذه القضية هو المساواة بأن يتقدم الحزب بطلب قبل أن يتخذ أي خطوة، وهو ما لم يقم به".
وتابع مراد أن حزب الله مطالب بتحمل خطاياه بحق ما فعله بلبنان خلال العقود الماضية بعد أن فرض هيمنته وعطل المؤسسات الدستورية، ولذا أراد استغلال هذه القضية لحرف النقاش الحقيقي عن مغزاه.
وأكد الناشط السياسي اللبناني أن الدولة حريصة على احترام قراراتها، وتقوم باستعادة دورها تدريجيا في بسط سيادتها وفرض احترام القانون، لكنها في الوقت نفسه حريصة أيضا على السلم الأهلي.
من جهته، سخر السياسي العراقي فائق الشيخ علي، عبر حسابه على منصة "إكس"، من خطوة الحزب بقوله: "صار لكم 43 سنة تتحدثون عن تحرير قبة الصخرة في القدس من الصهاينة.. بالأخير حررتم صخرة الروشة من اللبنانيين مؤقتاً، باستعراض بائس وسخيف وتافه".
أما إيلي محفوض، المحامي اللبناني الذي سبق أن رفع دعوى قضائية على الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، فقال إن على الدولة أن تتخذ إجراءات صارمة تجاه الحادثة.
واستطرد محفوض في مداخلة تلفزيونية نقلها عبر حسابه على منصة "إكس" قائلا: "ما حدث هو تحدٍ سافر باسم الجمهورية والدستور والعلم اللبناني، فإما أن تتخذ الإجراءات اللازمة تجاه ما حصل وإما أن تقدم الحكومة استقالتها".