أشار خبراء في العلاقات الدولية والقانون، إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن رغبته بحل أزمة "سد النهضة" الإثيوبي، يُوضح سعيه لاستكمال تجربته التي بدأت خلال ولايته الرئاسية الأولى، بهدف الوصول إلى تفاهمات بين مصر والسودان وإثيوبيا في هذا الملف. وقد تم التوقيع بالأحرف الأولى، حينئذ، على اتفاق لحل مشكلة السد.
ورأى خبراء تحدثوا لـ"إرم نيوز"، أن حديث ترامب مؤخرًا عن أزمة "سد النهضة"، يأتي في أنساق عامة يريد أن يوحي عبرها، أنه شخص سيحل بالسلام مجموعة من الأزمات الدولية، وذلك في ظل رغبته القائمة على الفوز بجائزة "نوبل" للسلام.
وكان الرئيس الأمريكي مؤخرًا أثار جدلًا واسعًا بعد تصريحاته الأخيرة بشأن سد النهضة الإثيوبي، وذلك خلال لقائه مع الأمين العام لحلف "الناتو" مارك روته، في البيت الأبيض، واصفًا السد بأنه يعيق تدفق مياه النيل إلى مصر، ومشيرًا إلى رغبته في "حل الأزمة بسرعة".
وفي هذا الصدد، ثمن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تصريحات نظيره الأمريكي عن تسوية ملف أزمة سد النهضة الإثيوبي. وكتب "السيسي" في منشور عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك": "مصر تثمن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تبرهن على جدية الولايات المتحدة تحت قيادته في بذل الجهود لتسوية النزاعات ووقف الحروب".
وأضاف: "تؤكد مصر ثقتها في قدرة الرئيس ترامب على حل المشاكل المعقدة، وإرساء السلام والاستقرار والأمن في مختلف ربوع العالم، سواء كان ذلك في أوكرانيا، أو الأراضي الفلسطينية، أو أفريقيا".
وفي الإطار، أكد أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور حامد فارس، أن تصريح الرئيس ترامب عن مشكلة سد النهضة الإثيوبي، يأتي في إطار أن الولايات المتحدة ترغب في الانخراط الحقيقي في قضية مهمة وحساسة، تؤثر في السلم والأمن في أفريقيا.
وأوضح "فارس" في حديث مع "إرم نيوز"، أن تصريحات ترامب تأتي في سياق أن سد النهضة الإثيوبي، يهدد الأمن المائي المصري وأنه يجب العمل والتوصل إلى حل واتفاق قائم على مبدأ أنه لا "ضرر ولا ضرار".
واستكمل، "ضمن هذه المبدأ، كان للرئيس ترامب تجربة قبل ذلك خلال ولايته الرئاسية الأولى، عندما عمل على الوصول إلى تفاهمات في هذا الملف وتم التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق يحمل هذا المبدأ، ولكن كانت الذرائع من الجانب الإثيوبي الذي لم يستكمل هذا الاتجاه.
وأشار "فارس" إلى أن الرئيس الأمريكي يحاول أن يكون هناك حل بين الأطراف الثلاثة وذلك في إطار حرصه على حل الكثير من القضايا والعمل على إحلال السلام في مناطق عدة بالعالم.
وبين "فارس" أن هذه الرؤية التي يقدمها الرئيس ترامب في السعي لإيجاد تفاهمات حقيقية لحل مشكلة سد النهضة، تنسجم مع الرؤية المصرية التي تتمسك بضرورة الوصول إلى اتفاق ملزم وقانوني بين الأطراف الثلاثة، يحمي الحقوق التاريخية ويمنع أي ضرر من الممكن أن يقع على أي دولة.
ويعتقد أستاذ القانون الدولي، الدكتور خالد شيات، أن تصريح ترامب كان مفاجئًا في سياقه الزمني إلا أنه ممتد على مستوى تدخله في هذه الأزمة. حيث كان وصل تقريبًا إلى حل ثلاثي بين دول مصر والسودان وإثيوبيا في ولايته الأولى، ولكن كان هناك تراجع من أديس أبابا في نهاية المطاف؛ ما جعل الإدارة الامريكية حينئذ، تفشل في الحل الذي يتم الحديث عنه اليوم.
وقال "شيات" لـ"إرم نيوز"، إن حديث ترامب مؤخرًا عن أزمة "سد النهضة"، يأتي في أنساق عامة يريد أن يوحي للعالم بأنه شخص سيحل بالسلام مجموعة من الأزمات الدولية، حيث إن تصريحاته ليست الأولى من نوعها سواء في غزة أو الأزمة الروسية الأوكرانية أو غير ذلك من الأزمات الدولية.
وتابع "شيات" بالقول إن حديثه عن حل أزمات دولية والعمل على إحلال السلام، ربما يعود إلى أن هناك في داخل ترامب عاملًا نفسيًّا يرتبط بسعيه نحو الحصول على جائزة نوبل للسلام وربما ذلك يكون نوعًا من الجوانب النفسية الخفية في شخصيته.
وأشار "شيات" إلى أن من الواضح أن ترامب اقترب أكثر إلى الطرح المصري بالوصول إلى حل سلمي في ظل اتباع القاهرة الأدوات التفاوضية والسلمية كافة مع أديس أبابا للوصول إلى حل يتعلق باستمرار تدفق المياه في نهر النيل ولا سيما في فترة الجفاف.
وختم أستاذ القانون الدولي حديثه بأن حديث ترامب، يقترب من الطرح المصري للوصول إلى حل سياسي تفاوضي يمكن تنفيذه على مسارات أزمة مستفحلة منذ عقدين، تحتاج بشكل كبير إلى مراجعة التوجهات الأحادية لإثيوبيا فيما يرتبط بإنتاج الطاقة واستخدام مياه النيل، بما يتناسب ويتلاءم مع الاتفاقيات الدولية المرتبطة بهذا المجال القائم على العدالة في التوزيع.