عصام العبيدي
عاد ملف تمويل الميليشيات المسلحة العراقية الموالية لإيران، إلى الواجهة، إثر انخراطها في الحرب الإقليمية الدائرة بين إسرائيل، وحركة حماس، وحزب الله، وسط دعوات لإنهاء الأنشطة المشبوهة داخل بغداد.
ومنذ اندلاع الحرب جنوب لبنان، بدأت ميليشيات عراقية، بتكثيف هجماتها على إسرائيل، عبر الطائرات المسيرة، فضلًا عن استهداف قواعد التحالف الدولي، والمصالح الأمريكية التجارية في العراق.
تمويل رسمي
تشير أرقام الموازنة العراقية إلى تخصيص أكثر من 2.5 مليار دولار، لتمويل هيئة الحشد الشعبي، المظلة القانونية للميليشيات المسلحة، والتي تضم تحت عضويتها جميع الميليشيات التي تمارس الأنشطة العسكرية خارج إطار الدولة، مثل كتائب حزب الله، وحركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء.
وبحسب أرقام وزارة المالية لميزانية عام 2024، فقد زادت مخصصات النفقات والمستلزمات السلعية والخدمات وصيانة الموجودات والمنح والإعانات، لتمويل هذه المجاميع، فضلًا عن رفع رواتب عناصرها 400 ألف دينار عراقي (266 دولارًا).
وتشير أرقام شبه رسمية، إلى أن عدد مقاتلي الميليشيات العراقية، بلغ نحو 240 ألف عنصر، موزعين على 79 فصيلًا، مقارنة بـ 140 ألف مقاتل فقط قبل ثلاث سنوات.
جاءت هذه الزيادة الملحوظة ضمن الميليشيات الرئيسية والتي تُعتبر الأقرب إلى إيران وأحزاب "الإطار التنسيقي"، مثل "عصائب أهل الحق"، "سرايا عاشوراء"، "كتائب حزب الله"، و"سيد الشهداء".
ورغم أن الحشد الشعبي يُعد جزءًا من المنظومة العسكرية العراقية، إلا أن هذه الفصائل تواجه اتهامات بعدم الامتثال لقرارات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، القائد العام للقوات المسلحة.
ويُنظر إليها على أنها تعمل وفق أجندات غير عراقية، وتسعى لتحقيق أهداف عسكرية وأمنية تتجاوز الإطار الوطني، وهو ما يُصرح به الكثير من قادة تلك المجموعات الممولة من موازنات العراق.
تجارة المخدرات
وتشير تقارير إلى تورط بعض الميليشيات المسلحة في عمليات تهريب المخدرات، حيث تستغل العراق كمعبر رئيسي لتجارتها.
وازداد نفوذ هذه الفصائل في السنوات الأخيرة، ليشمل مجالات اقتصادية متعددة، من بينها السيطرة على طرق تجارية مهمة تربط الحدود العراقية بالإيرانية والسورية.
وتعد تجارة المخدرات مصدرًا اقتصاديًا رئيسيًا لهذه الجماعات، التي تستفيد من ضعف الرقابة الحدودية واستغلال نفوذها السياسي والعسكري.
وتعقيبًا على ذلك، يرى الخبير في الشؤون الأمنية العراقية، رياض الجبوري، أن "تجارة المخدرات، تدر أموالًا طائلة للفصائل المسلحة، عبر مختلف العمليات، مثل السماح بتمريرها، وبيعها وأحيانًا تصنيعها، وهذا ما يفسر عثور القوات العراقية على بعض المصانع في محافظتي المثنى والسليمانية".
وأوضح الجبوري لـ"إرم نيوز"، أن "تجارة المخدرات نشطت خلال الأشهر الماضية، لحاجة تلك المجاميع إلى الإيرادات لتمويل أنشطتها، خاصة وأن إيران تواجه ظروفًا اقتصادية معقدة".
ولفت إلى أن "التمويل الرسمي يعد جزءًا من مصادر دخل متعددة تحصل عليها المجاميع المسلحة التي وسّعت أنشطتها بقوة".
أنشطة اقتصادية
ويشكو مواطنون في الكثير من المدن العراقية، من النفوذ المتزايد للميليشيات المسلحة، وخاصة كتائب حزب الله وحركة النجباء، إذ تسيطر هذه الميليشيات على مساحات شاسعة من المدن، وتفرض هيمنتها على تلك المناطق؛ ما يخلق حالة من الإرباك والقلق بين السكان المحليين.
وتتصاعد الشكاوى من ممارسات هذه الفصائل، التي تتراوح بين الاستحواذ على الموارد واستغلال النفوذ لتحقيق مصالحها الخاصة، وفرض إتاوات ورسوم غير قانونية، على الطرق السريعة، وكذلك الأنشطة المحلية المختلفة.
كما تنخرط بعض الفصائل بمنح قروض مالية للموظفين والمتقاعدين ممن يحملون بطاقات الدفع الإلكتروني، وغالبًا ما تكون هذه القروض ضارة بالنسبة للمقترضين، كما أنها تمثل خطورة على مرتباتهم المالية، ووقع الكثير منهم في فخ الاحتيال والنصب.
من جهته، أكد الخبير في الشأن الاقتصادي سرمد الشمري، أن "الأنشطة غير الشرعية لهذه المجاميع وغيرها أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد العراقي، خاصة ملف الدولار، والإقراض، والرسوم غير الشرعية، وتهريب الذهب، وغير ذلك؛ ما يتطلب وقفة رسمية جادة".
وأوضح الشمري لـ"إرم نيوز"، أن "تنامي تلك الأنشطة ربما جاء بسبب حاجة تلك المجموعات إلى إيرادات أكبر، لتمويل الأعمال العسكرية".