logo
العالم العربي
خاص

بمسارات سرية.. الحوثيون ينشئون شبكات تهريب جديدة لتعزيز قدراتهم البالستية

سلاح حوثي مهرب ضبطته البحرية الأمريكية

دخلت ميليشيا الحوثي مرحلة جديدة من إعادة هيكلة قدراتها العسكرية، عبر توسيع غير مسبوق لشبكات التهريب الإقليمية التي تعتمد عليها للحصول على الأسلحة والمعدات الحساسة. 

تقول مصادر يمنية خاصة لـ"إرم نيوز"، إن الميليشيا نجحت خلال الأشهر الماضية في سد ثغرات كبيرة ظهرت في منظومتها التسليحية خلال حرب غزة، معتمدةً على مسارات معقدة تمتد من إيران إلى البحر الأحمر وشرق إفريقيا، وصولًا إلى الداخل اليمني عبر طرق برية وبحرية جديدة يصعب رصدها أو تعطيلها.

يتقاطع ذلك مع تصاعد القلق الأمريكي - الإسرائيلي، من تنامي القدرات العسكرية للحركة، إلى درجة أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وصف اليمن أخيرًا بأنه "جبهة تهديد خطيرة جدا"، محذرًا من أن تل أبيب لن تسمح بتطور الترسانة الحوثية. وتشير معلومات استخبارية إلى أن إسرائيل بدأت فعلا بتنفيذ خطط بعيدة عن الأضواء لاستهداف خطوط الإمداد قبل وصول الأسلحة إلى الأراضي اليمنية. 

أخبار ذات علاقة

عناصر من ميليشيا الحوثي

بسبب "الولاء لإيران".. الصراعات تعصف بالحوثيين في اليمن

خطوط جوية وبحرية جديدة

يلفت مصدر أمني يمني إلى معلومات استخبارية غربية جديدة، تفيد أن إيران انتقلت خلال الأسابيع الماضية إلى نمط أكثر تعقيدا في عمليات نقل الأسلحة إلى الحوثيين، مستخدمة شبكات جوية عبر بيلاروسيا للمرة الأولى، وذلك بهدف التمويه على عمليات التتبع واعتراض الشحنات.

وتشير المعلومات، وفقا للمصدر، إلى أن طائرات نقل عسكرية بيلاروسية تابعة لشركة "رادا" شوهدت وهي تتنقل بين مينسك وطهران، قبل أن تهبط في محطات غير معلنة على البحر الأحمر. وقد رُصدت إحدى هذه الطائرات في مطار "مصوع" الإريتري قبل اختفائها من الرادار، وهو تكتيك بات متكررا في الأشهر الأخيرة، حسب قوله. كما تؤكد معلومات إضافية أن طائرة شحن إيرانية تابعة لشركة "فارس قشقاي" سلكت المسار نفسه في 27 أكتوبر الماضي، وهي محملة بمعدات عسكرية.

المصدر يشرح لـ "إرم نيوز" أن هذه الشحنات الجوية ليست سوى المرحلة الأولى من العملية، إذ يجري تفريغ المعدات في نقاط ساحلية في إريتريا، قبل نقلها بحرا عبر سفن صغيرة يصعب تتبعها، ثم إدخالها إلى اليمن عبر خطوط بحرية تمتد من جنوب البحر الأحمر إلى سواحل الحديدة والصليف ورأس عيسى.

وتشير التقديرات الاستخبارية إلى أن هذه الشبكات باتت تعمل بوتيرة أسرع، مستفيدة من التسهيلات التي يقدمها مسؤولون إريتريون نافذون مقربون من طهران، ما يجعل مسار إريتريا - اليمن أحد أهم خطوط الإمداد النشطة حاليا.

عقدة نقل جديدة بالتشارك مع "الشباب" الصومالية

يشير "المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" (ISPI) في دراسة حديثة إلى توسع كبير في استخدام السواحل الصومالية كمحطات عبور للأسلحة الموجهة نحو اليمن. وتقول الدراسة إن ميليشيا الحوثي، طورت في العامين الأخيرين شبكة تعاون مع حركة "الشباب" الصومالية، تقوم على تبادل الخدمات اللوجستية وتوفير الحماية البحرية للسفن الصغيرة.

مصدر استقصائي يمني يعمل على تتبع مسارات التهريب أكد لـ"إرم نيوز" أن سفنا إيرانية صغيرة تقوم بتفريغ جزء من حمولاتها في سواحل قريبة من بونتلاند، حيث يتولى وسطاء محليون نقل الشحنات إلى قوارب سريعة مجهزة بمحركات قوية، قادرة على المناورة والهرب من الدوريات البحرية الدولية. ثم تُنقل هذه الشحنات إلى المياه اليمنية خلال ساعات قليلة، عبر طرق ملتوية تمر بمحاذاة المياه الإقليمية لجيبوتي والصومال وإريتريا.

الباحث في الشؤون الاستراتيجية، سالم الحيمي، يشير من جهته إلى تقارير أممية سابقة تفيد بأن التعاون بين الحوثيين وحركة "الشباب" يتجاوز الجانب البحري ليشمل تبادل خبرات في تكتيكات التخفي والتهريب، واستخدام شبكات قبلية شرق إفريقية تمتد من القرن الإفريقي إلى الحدود البرية غير الخاضعة للسلطة المركزية في اليمن. ويلفت إلى أن هذه الشبكات تسمح بإدخال معدات بالغة الحساسية، مثل شرائح التحكم المستخدمة في الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة.

أخبار ذات علاقة

هيثم الطبطبائي

ما الدور الذي لعبه "أبو علي الطبطبائي" في إسناد الحوثيين باليمن؟

بورتسودان… نقطة ارتكاز جديدة

 مصادر يمنية وسودانية خاصة كشفت في وقت سابق لـ"إرم نيوز" أن ميناء بورتسودان تحول خلال الأشهر الماضية إلى محطة رئيسية لإعادة ترتيب مسارات التهريب نحو اليمن، وهو تطور يعكس انخراطا متزايدا من وحدات عسكرية تابعة للجيش السوداني مرتبطة بضباط ذوي علاقات وثيقة بطهران.

ويكشف الباحث اليمني سالم الحيمي أن قادة حوثيين بارزين وصلوا خلال الأسابيع الماضية إلى قاعدة "فلامنغو" البحرية شمال بورتسودان، وهي القاعدة التي توفر نقاط تمويه وإعادة شحن عالية السرية. ووفق هذه المصادر، فإن وجود الحوثيين في هذا الممر الساحلي يهدف إلى إنشاء منصة لوجستية بديلة، بعد تضييق الخناق على مسارات التهريب التقليدية عبر بحر عُمان وبحر العرب.

وتنقل مصادر سودانية متابعة أن إيران سلمت وحدات من الجيش السوداني، في أكتوبر الماضي، طائرات مسيرة من طرازَي "مهاجر 6" و"أبابيل"، وهو ما يثير شكوكا حول ما إذا كان جزء من هذه الطائرات يجري تفكيكه وإعادة شحنه باتجاه اليمن.

 طرق برية بديلة تتجاوز نقاط الرصد التقليدية

مع تشديد الرقابة البحرية الدولية، توسع الحوثيون في استخدام طرق برية داخل اليمن، خاصة في المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومة الشرعية. ويشير الحيمي إلى أن خطوط التهريب الجديدة تعتمد على مسارات تمتد من سواحل الحديدة والصليف باتجاه صعدة، مرورا بممرات جبلية وعرة تُدار من قبل شبكات قبلية متعاونة مع الحوثيين.

فيما يفيد المصدر الاستقصائي اليمني أن جزءا من الشحنات يُنقل مباشرة عبر صحراء ميدي باتجاه الحدود السعودية، ثم يُعاد إدخالها إلى العمق اليمني عبر طريق صحراوي يمر غرب الجوف وشمال مأرب، وهو مسار لا تغطيه الرادارات السعودية بشكل كامل. وتستخدم الحركة سيارات "بيك أب" معدلة تحمل لوحات محلية، مع تبديل مستمر للسائقين كل بضع ساعات لضمان عدم التتبع.

أخبار ذات علاقة

الحوثيون

خبراء: تدفق المواد الكيميائية المهربة إلى الحوثيين يحوّل اليمن إلى قنبلة موقوتة

وتؤكد المعطيات أن هذه الطرق البرية لعبت دورا محوريا في إدخال مكونات الطائرات المسيرة المطورة محليا، إضافة إلى قطع تستخدم في منظومات الصواريخ بعيدة المدى، ومنها ما استخدم ضد سفن في البحر الأحمر وضد أهداف إسرائيلية.

في المحصلة، تقول المصادر، إن هذه التطورات تعكس مرحلة جديدة في معادلة الصراع الإقليمي، إذ بات الحوثيون قادرين على الوصول إلى منظومات تسليح أكثر تطورا عبر شبكة تهريب متعددة الجنسيات تمتد من البحر الأسود إلى القرن الإفريقي. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC