قدّم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، لضيفه الرئيس السوري أحمد الشرع، "وعوداً مشروطة" ترسم مستقبل سوريا، كما وصفتها أوساط سياسية.
وقال الرئيس الفرنسي، خلال مؤتمر صحفي، من باريس، إنه سيحثّ الاتحاد الأوروبي على إنهاء العقوبات المفروضة على سوريا عندما يحين موعد تجديدها في يونيو/ حزيران.
وأكد ماكرون كذلك، أنه سيمارس ضغوطاً على الولايات المتحدة لتتخذ المسار نفسه، وكذلك لتبقي قواتها هناك لضمان استقرار سوريا، وفق ما أوردته "رويترز".
وأجرى الشرع أول زيارة له إلى أوروبا، منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول، وقال ماكرون إن من واجب المجتمع الدولي تخفيف المعاناة الاقتصادية في سوريا.
ويأمل ماكرون من خلال استقباله الشرع المساعدة في بناء "سوريا حرة ومستقرة تحترم كل مكونات المجتمع السوري"، بحسب ما أفاد قصر الإليزيه وكالة "فرانس برس"، الثلاثاء.
وأضاف ماكرون: "أبلغت الرئيس أنه إذا استمر على نهجه، فسنفعل الشيء نفسه. أي أولاً رفع العقوبات الأوروبية تدريجياً، ثم سنضغط على شركائنا الأمريكيين ليتبعوا نهجنا في هذا الشأن".
وقال لاحقاً إنه سيقترح إنهاء العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي في الأول من يونيو/ حزيران.
ومع تقدير "البنك الدولي" لتكاليف إعادة الإعمار في سوريا بأكثر من 250 مليار دولار، فإن الشرع في أمسّ الحاجة إلى تخفيف العقوبات لإنعاش اقتصاد منهك بعد حرب أهلية دامت 14 عاماً.
وخلال تلك الفترة، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا عقوبات صارمة على حكومة الأسد.
ورفع الاتحاد الأوروبي بعض العقوبات، في حين من المقرر أن ينقضي أجل عقوبات أخرى تستهدف أفراداً وكيانات في الأول من يونيو/ حزيران.
ويتطلب تجديد العقوبات موافقة جميع الدول الأعضاء وعددها 27، لكن بإمكان التكتل اللجوء إلى تجديد محدود أو شطب مؤسسات رئيسية مثل المصرف المركزي أو غيره من الكيانات الأساسية في عملية التعافي الاقتصادي.
وحول العقوبات قال الشرع: "تحدثنا بشكل مطول نحن والرئيس ماكرون عن الموضوع... وشرحنا كل التداعيات لاستمرار العقوبات على سوريا وأن هذه العقوبات وُضعت على النظام السابق بسبب الجرائم التي ارتكبها".
وأضاف: "زال ذلك النظام ومع زواله يجب أن تزول هذه العقوبات، وليس هناك أي مبرر لبقائها، لأنها ستكون عقوبات على الشعب وليس على النظام الذي قام بالمجازر بحق شعبه".
وحصل الشرع على استثناء من الأمم المتحدة للسفر إلى باريس إذ لا يزال مدرجاً على قائمة عقوبات مرتبطة بالإرهاب، بسبب تزعمه سابقاً لجماعة "هيئة تحرير الشام".
وقال مسؤولون فرنسيون إن الزعيمين ناقشا كيفية ضمان سيادة سوريا وأمنها، ومعاملة الأقليات بعد هجمات في الآونة الأخيرة على علويين ودروز، والجهود المبذولة ضد مسلحي تنظيم "داعش" وتنسيق المساعدات والدعم الاقتصادي.
وشكلت الزيارة دعماً دبلوماسياً للشرع من قوة غربية في وقت ترفض فيه الولايات المتحدة الاعتراف بأي كيان على أنه حكومة سورية تحظى بشرعية.
وفي أبريل/ نيسان، ذكرت "رويترز" أن سوريا استجابت لقائمة شروط أمريكية لتخفيف جزئي محتمل للعقوبات بعد أن أصدرت واشنطن في يناير/ كانون الثاني إعفاء لمدة 6 أشهر من بعض العقوبات لتحفيز المساعدات لسوريا.
وفي مقابل تلبية جميع المطالب الأمريكية، ستمدد واشنطن هذا التعليق لعامين وربما تصدر إعفاء آخر، حسبما قالت مصادر لوكالة "رويترز" في مارس/ آذار.
وعلى مدى الأشهر الماضية، اضطلعت فرنسا بدور الوساطة بين الشرع والأكراد، في وقت قالت فيه مصادر إن الولايات المتحدة ستخفض قواتها البالغ قوامها 2000 جندي في سوريا إلى النصف خلال الأشهر المقبلة.
وتجري باريس محادثات مع الولايات المتحدة حول كيفية التعامل مع انسحاب القوات الأمريكية وكيف يمكن لفرنسا أن تلعب دوراً أكبر.
وصرّح ماكرون بأنه يسعى لإقناع الولايات المتحدة برفع العقوبات وتأخير انسحاب القوات، لأن ذلك قد يُزعزع استقرار سوريا في هذه المرحلة الانتقالية.
ورحبت فرنسا بسقوط الأسد وعززت علاقاتها بشكل متزايد مع السلطات الانتقالية بقيادة الشرع، وعينت فرنسا الشهر الماضي قائماً بالأعمال في دمشق مع فريق صغير من الدبلوماسيين في خطوة نحو إعادة فتح سفارتها بشكل كامل.
