رئيس الوزراء الياباني يقرر التنحي من منصبه
تشهد الساحة السورية نشاطاً مدنياً وسياسياً كبيراً، منذ سقوط النظام السابق، يوم 8 ديسمبر 2024، حيث تمتلىء منصات التواصل الاجتماعي، بدعوات الانضمام لتيارات وجمعيات مجتمع مدني جديدة.
وعند سقوط النظام، كان العمل السياسي في سوريا، مقتصراً على حزب البعث "الحاكم والقائد"، وإلى جانبه مجموعة أحزاب تحالفت معه، في إطار ما تُعرف بـ"الجبهة الوطنية التقدمية" التي أسسها حافظ الأسد العام 1972، وهي: "الحزب الشيوعي السوري، الحزب الشيوعي السوري الموحد"، بالإضافة إلى "الحزب السوري القومي الاجتماعي، الاتحاد الاشتراكي العربي، الوحدويون الاشتراكيون، حركة الاشتراكيين العرب، الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي، الاتحاد العربي الديمقراطي، حزب العهد الوطني".
وكانت هذه الأحزاب "صورية" لا تستطيع الخروج عن الخط السياسي الرسمي.
وطيلة العقود السابقة، تعرضت تلك الأحزاب لانتقادات شديدة بسبب تحالفها مع البعث، والعمل تحت قيادته، فتضررت شعبيتها، وتعرضت لانشقاقات كثيرة، فيما لم تجنِ من هذا التحالف أية فوائد تتعلق ببرامجها السياسية، واقتصر الثمن على تخصيصها بنائب في البرلمان، إلى جانب مكاسب شخصية لرؤسائها.
وإلى جانب البعث وحلفائه في "الجبهة الوطنية التقدمية"، تحضر في الساحة السورية، عدة أحزاب في مقدمتها الإخوان المسلمون، المعروف بصراعه التاريخي مع البعث.
يضاف إلى ذلك عدد من الأحزاب الكردية التي كانت تنشط في السر، دون أي تراخيص رسمية بممارسة العمل السياسي.
إلى جانب أحزاب صغيرة غير مؤثرة في المشهد السياسي، نتيجة ضعف انتشارها الشعبي، مثل: "حزب الشباب الوطني للبناء والتغيير، الإصلاح الوطني، البعث الديمقراطي، التضامن، الحركة الوطنية الكردية للتغيير السلمي، الشعب، المستقبل العلماني، حركة العدالة والبناء، حركة البناء الوطني".
جمعيات مجتمع مدني عوضاً عن الأحزاب!
ويلاحظ المتابع للحراك السياسي الداخلي في سوريا حالياً، ميل الشباب لتأسيس جمعيات وتيارات مجتمع مدني، نتيجة التجارب الفاشلة للأحزاب خلال 54 عاماً من حكم الأسد الأب والابن، حيث يفضل الشباب انتخاب قيادات جماعية لتنظيماتهم، واتخاذ قراراتهم بالتصويت.
وكان أول نشاط مدني ظهر في الشارع، عندما أعلن "تجمع الشباب المدني" المؤسس حديثاً، عن دعوة للاحتشاد في ساحة الأمويين بدمشق، يوم الخميس 19 ديسمبر 2024، حيث شهدت الساحة تجمعاً لأعداد كبيرة من الشباب والشابات الذين طالبوا بالدولة المدنية والحريات ومشاركة جميع السوريين في بناء الدولة الحديثة.
وتعرَّض تجمع الشباب المدني، للكثير من الاتهامات بعد احتشاده في ساحة الأمويين، بسبب رفع شعار "الدولة العلمانية"، كما شكك به الموالون للحكومة المؤقتة، واتهموه بأنه "فلول" من النظام السابق، تحاول القيام بثورة مضادة.
وقامت الأطراف الموالية للحكومة المؤقتة، بالدعوة إلى تجمع مضاد لتجمع الشباب المدني، في اليوم الثاني الذي أعقب التجمع، حيث شهدت ساحة الأمويين احتشاد الآلاف.
كما أنشئت صفحات على السوشيال ميديا تحمل عنوان "ضد تجمع الشباب المدني"، وانتشرت فيديوهات تؤكد وقوف بعض الناشطين مع النظام السابق في السنوات السابقة.
ويحصي المتابع، اليوم، عشرات التجمعات والتيارات الناشئة حديثاً في جميع المدن السورية، ويحاول بعضها الانتشار في كل المناطق، وتنادي جميعها بالديمقراطية، والدولة المدنية، ونبذ الطائفية، واحترام الحريات العامة، وكتابة دستور عصري.
ويقول الناشطون المدنيون، إن أخطاء الحكومة المؤقتة، واتخاذها قرارات ليست من صلاحياتها كحكومة تصريف أعمال، دفعت النشاط المدني والسياسي للأمام.
وأبرز تلك القرارات: تعديل المناهج، والتصريحات المتعلقة بدور المرأة، وما قاله محافظ دمشق عن الموقف من إسرائيل، وكذلك انتشار الحملات الدعوية الدينية في الشوارع.
إلى جانب ذلك، تبدو علاقة الحكومة المؤقتة بالمثقفين ضعيفة، فهي لم تعيّن وزيراً للثقافة، كما أغلقت المسارح، ودور السينما، والمراكز الثقافية، ودار الأوبرا، ما دفع شريحة المهتمين بالفنون، للاتجاه إلى تأسيس الجمعيات المدنية من أجل الاحتجاج، وإيصال صوتهم.
ويعبر الناشطون في الجمعيات المدنية، عن مخاوفهم من استبداد جديد يلوح في الأفق، ويدفعهم ذلك للتنسيق والاندماج في تكتلات كبرى قادرة على التأثير، ولها فروع في جميع المدن.
وتحرص جميع التحركات الشبابية والتجمعات المدنية والتيارات، على التصريح بأن عملها سيكون ضمن القوانين وموافقات المؤسسات الحكومية المعنية بهذا الأمر، باعتبار أن الهدف هو بناء سوريا الجديدة المعني به جميع أبناء المجتمع، بعد زوال حالة الاحتكار والاضطهاد التي كان يمارسها النظام السابق.
تحالف بين الأحزاب والجمعيات والمستقلين
وبالتوازي مع الحراك التأسيسي القوي لجمعيات المجتمع المدني، نشأ، مؤخراً، تكتل سياسي باسم "لجنة متابعة الحوار الوطني"، يجمع عدة أحزاب، أبرزها الحزب السوري القومي الاجتماعي، والحزب الشيوعي الموحد، وحزب الشباب الوطني للبناء والتغيير، إلى جانب تيارات مجتمع مدني، وشخصيات مستقلة.
وتحاول لجنة متابعة الحوار الوطني، المشاركة بفعالية في رسم ملامح المشهد السياسي السوري، حيث يعقد ممثلون عنها، لقاءات واجتماعات، شبه يومية، مع القوى السياسية والمدنية، كان آخرها اللقاء مع مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية، والاجتماع مع الشيخ حكمت الهجري في السويداء.
ومنذ الإعلان عن تأسيسها، أعلنت لجنة متابعة الحوار الوطني، لائحة مبادئ دستورية عامة، تقول إن سوريا دولة مدنية ديمقراطية، لجميع المواطنين دون تمييز بين الأديان والطوائف والأعراق، وإن نظام الحكم فيها جمهوري، يعتمد الفصل بين السلطات، ويتبنى الاقتصاد التعددي.
ويترافق زحام العمل السياسي والمدني في سوريا، مع الإعداد لمؤتمر الحوار الوطني، الذي لم يعلن عن موعد انعقاده بعد، ويبدي الناشطون مخاوفهم بسبب تسرب معلومات تفيد بدعوة المشاركين كأفراد، وليس كممثلين لتجمعات مدنية أو سياسية.
كما يخشى الكثيرون صدور قرار بحل الأحزاب، ومنع تشكل أحزاب جديدة.
وما زال المشهد السياسي في سوريا في طور التشكل، بانتظار انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، الذي سيظهر طبيعة القوى المدعوة والمعترف بها من قبل الحكومة المؤقتة، وكذلك الأمر بالنسبة لموقف الحكومة من الأحزاب العاملة على الأرض، وإن كانت الحكومة بصدد إصدار قانون جديد للأحزاب، أم إنها ستحل الأحزاب بشكل نهائي؟.