مع زيارة موفد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى لبنان، توماس باراك، والتي قدمت خلالها السلطات الثلاث رداً رسمياً حول آلية نزع سلاح حزب الله، توقع خبراء أن تبدأ موجة تصعيد جديدة قد تشهد اغتيالات إسرائيلية في صفوف الميليشيا بعد ردها "السلبي"، لتنذر بعودة الحرب إلى "المربع الأول".
وحملت تصريحات الأمين العام لميليشيا حزب الله، نعيم قاسم، التي استبقت زيارة باراك، لهجة تصعيدية أكد فيها "الاستعداد للحرب" مجدداً مع إسرائيل إن لم توقف تحليق الطيران الحربي، وتعيد الأسرى وتكمل انسحابها، ما أعطى انطباعاً بأن مساراً آخر ينتظر لبنان.
ولم يقتصر تصعيد حزب الله على تصريحات أمينه العام، بل أقام عرضاً مسلحاً في قلب بيروت يوم السبت الماضي، والذي لاقى استياء لبنانياً على مختلف المستويات، كان أعلاها، تصريح رئيس الوزراء، نواف سلام بأن "الاستعراضات المسلحة مرفوضة وستواجه بإجراءات حازمة".
وبينما أدلى توماس باراك بعد اجتماعاته في بيروت، اليوم الاثنين، بتصريحات ابتعدت عن التصعيد، وحرصت على إضفاء "أجواء إيجابية"، عبر تأكيده بأن الردّ اللبناني على نزع سلاح حزب الله كان "ضمن النطاق"، إلا أن مراقبين يعتقدون أن العقدة ستكون في "تنفيذ الورقة لا في بنودها".
وبحسب تسريبات نشرتها وسائل إعلام لبنانية، فإن الدولة تتعهد بتفكيك منشآت "حزب الله" جنوب الليطاني، مع ضرورة انسحاب إسرائيل من نقاط المناطق الخمس المتنازع عليها، كما شددت على التمسّك بخطاب القسم والبيان الوزاري، ولا سيما في ما خص حماية السيادة، وتطبيق الإصلاحات، والتمسك بمرجعية الدولة ومؤسساتها.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي، علي حمادة، أن هناك بالفعل قبولاً من الدولة اللبنانية لاستكمال نزع كل السلاح في منطقة عمليات اليونيفل جنوب نهر الليطاني، وأن يكون حصراً بيد الدولة والقوات الدولية.
أما فيما يتعلق بالسلاح خارج إطار الدولة وخارج إطار جنوبي الليطاني، فوفق تصريح علي حمادة لـ"إرم نيوز"، فهناك "عودة إلى الأدبيات السياسية اللبنانية التقليدية، وهي اتفاق الطائف وخطاب القسم، والبيان الوزاري، للحكومة اللبنانية الذي يشير بشكل أو بآخر ضمناً إلى حصرية السلاح بيد الدولة".
ويقر أنه "لا توجد هناك أي إشارات ثابتة وعملية لمسار نزع السلاح في كل لبنان"، لافتاً إلى أن حزب الله "ربح رهانه" بأن الدولة لن تنزع سلاحه شمالي نهر الليطاني، وأن هذا سيُترك لمرحلة لاحقة، عندما يكون الإسرائيليون قد انسحبوا وأوقفوا ضرباتهم على الحزب، على حد قوله.
ويستدرك علي حمادة أن هذا "ليس هو المطلوب دولياً ولا عربياً وإسرائيلياً"، مشيراً إلى الأمور مرشحة للعودة إلى "المربع الأول"، وعندها فسيكون لبنان أما خيارين، استمرار التصعيد العسكري الميداني من قبل إسرائيل، ضد حزب الله في الجنوب وفي كل مكان، أو الذهاب إلى جولة عنف كبيرة في المدى المنظور بحيث يُعطل طرح موضوع السلاح.
ويخلص إلى أن "القيادات اللبنانية غير قادرة وغير راغبة لأن تتعامل مع هذا التحدي إلا ضمن ما خططه حزب الله واللاءات التي أطلقها بالنسبة لسلاحه"، ما يعني بحسب علي حمادة أن لبنان ربما يكون بانتظار خيارات "صعبة".
كذلك يعتقد الكاتب والمحلل السياسي رجا طلب، أنه "بغياب أي عامل لبناني ذاتي يستطيع أن يقنع حزب الله بتسليم أسلحته الثقيلة والخفيفة، فإن المطروح أمريكياً وإسرائيلياً هو خيار عسكري".
وفي تصريح لـ "إرم نيوز"، يقول رجا طلب إن لبنان سيكون مقبلاً على جولة جديدة من التصعيد، ومن المتوقع أن تكون هناك اغتيالات لمن تبقى من قيادات حزب الله، كما أن مخازن الأسلحة الثقيلة ستكون أيضاً تحت نيران إسرائيل التي تمتلك "الكثير من المعلومات والإحداثيات" حول أماكنها، وفق قوله.
ويستبعد رجا طلب أن يُقدم حزب الله على تسليم سلاحه بـ "الصورة العلنية" التي تريدها الدولة اللبنانية، معتبراً أن كل المؤشرات تدل على أن حزب الله يُفضل استئناف القتال مع إسرائيل، على نزع سلاحه الذي "سيكسر صورته" أمام جمهوره.