أعادت إقالة المدعية العسكرية الإسرائيلية يفعات تومر-يروشالمي، عقب قضية تسريب مقطع فيديو يظهر اعتداء جنسيًا على أسير فلسطيني، إلقاء الضوء على معتقل "سديه تيمان" الذي أقامته إسرائيل في الحرب الأخيرة، وخرجت شهادات حول أوضاع مأساوية داخله.
وتم نشر الفيديو، الذي وثقته كاميرا مراقبة السجن، وأظهر عددًا من السجانين داخله وهم يقتادون أسيرًا وسط عدد كبير من المعتقلين كانوا ملقين أرضًا، قبل أن يتم الاعتداء على الأسير جنسيًا.
كما أظهر الفيديو، الذي نشرته القناة الـ12 الإسرائيلية في يوليو/تموز من العام الماضي، الجنود وهم يعتدون بوحشية على الأسير الفلسطيني بالركل والصدمات الكهربائية.
وحاول الجنود إخفاء الحدث عن كاميرا المراقبة عبر توجيه دروع يستخدمونها لمكافحة الشغب، لتغطية الحدث وعدم توثيقه.
ولم تُكشف هوية الأسير الفلسطيني لكن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قالت إنه تم اعتقاله من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، كما كشفت التحقيقات أن الجنود الذين نفذوا الاعتداء من الوحدة 100 من قوات الاحتياط المكلفين بحراسة المنشأة، وليس من مهامهم التعامل أو التحقيق مع المعتقلين.
وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية حينها إن الأسير تم نقله للمستشفى بحالة صحية حرجة، بعد أن تعرض لنزيف حاد، وتبين إصابته بتمزق في الأمعاء، وإصابة بالغة في فتحة الشرج والرئتين، وكسور في الأضلاع.
واعتقلت الشرطة العسكرية الإسرائيلية جنودًا من المعتقل على خلفية الحادثة، وهي الحادثة التي أثارت ردود فعل غاضبة لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه حينها يؤاف غالانت، ووزراء متطرفين في الحكومة الإسرائيلية.
وقال الكاتب الإسرائيلي عاموس هرئيل إن الأسير الفلسطيني في هذه الحادثة لم يكن عضوًا في قوة "النخبة" القتالية التابعة لحماس، بل كان شرطيًا يعمل لدى أجهزتها الأمنية.
وأضاف "بعد عامين من الحرب، لم نسمع عن تحقيق في حوادث شملت قتلًا جماعيًا للمدنيين الفلسطينيين، وخاصةً التساهل في إطلاق النار أو الانحراف عن تعليمات استخدام النار، وإطلاق النار على المستشفيات، وإطلاق النار الموجه على الفرق الطبية والإعلاميين".
ونقل شهادة لجندي احتياط خدم في سديه تيمان، قال إن "السجن تحول إلى معسكر تعذيب سادي، يدخله المعتقلون أحياءً ويغادرونه في أكياس".
وأضاف الجندي "رأيت الجحيم هناك، كان أشخاص يدخلون هذا السجن مصابين بجروح خطيرة، ثم يتركون ليموتوا جوعًا لأسابيع دون أي علاج طبي، ورأيتهم يتبولون ويتغوطون على أنفسهم لأنهم لم يُسمح لهم بدخول الحمام".
وتابع "لم يكن جميع من فيه من حماس، كانوا مجرد أناس عاديين من غزة احتُجزوا وبعضهم أُطلق سراحهم لاحقًا إلى منازلهم بعد تعرضهم لانتهاكات شديدة، عندما اتضح أنهم أبرياء، لا عجب أن يموت الناس هناك، العجيب هو أن بعضهم نجوا".
وتطلق المؤسسات المختصة بشؤون الأسرى الفلسطينيين اسم "مدفن الأحياء" على المعتقل سيئ السمعة، الذي يقام قرب قاعدة عسكرية إسرائيلية تابعة للقيادة الجنوبية شمالي بئر السبع جنوبي إسرائيل.
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، في أحدث بياناتها حول المعتقل، إن "إدارة السجن والعاملين فيها ووحدات الجيش تتخذ إجراءات فيها إنكار تام لإنسانية الأسير الفلسطيني، وتحول هذا السجن إلى عنوان للجريمة والفوضى".
وأضافت "كل سجان بإمكانه أن يقرر بقاء وجودك على قيد الحياة من عدمه، وأن هناك حالات إعدام تمت فعليًا داخل هذا السجن"، مشيرة إلى أن 8% من عدد الأسرى الذين أعدموا منذ بدء الحرب على غزة قتلوا داخل هذا المعتقل.
وبحسب الهيئة، يواجه المعتقلون هناك الضرب والتعذيب والإهانة، ولا يخرجون من الغرف لأوقات طويلة، ويفتقرون لأدوات التنظيف والمعقمات، ما يوفر بيئة خصبة لظهور الأمراض وانتشارها.