سانا: ارتفاع ضحايا انفجار المسجد في حمص إلى 8 أشخاص و18 مصاباً بحصيلة غير نهائية
تسابق طهران الزمن استعداداً للمواجهة المقبلة مع تل أبيب بأكثر من طريقة وعلى أكثر من مسار، بدءاً بترميم قدراتها العسكرية المدمرة خلال حرب الـ 12 يوماً، مروراً بتطوير قدراتها البالستية وزيادة فعاليتها عبر إجراء العديد من المناورات العسكرية، وصولاً إلى تحصين هذه القدرات العسكرية تلافياً للهجمات الإسرائيلية المتوقعة عليها.
لكن أكثر ما يلفت الانتباه، خلال الأيام القليلة الماضية، هو سلسلة التغييرات التي أجراها المرشد علي خامنئي في قيادة الجيش الإيراني. والتي لم يقرأها المراقبون على أنها مجرد تدوير مناصب. فالرسالة الأوضح، وفقاً للباحث السياسي السوري محمد صالح الفتيح، هي تقليص "الهدف البشري" الذي صنعته حرب الـ12 يوماً في يونيو/حزيران 2025 (قادة معروفون، صورهم متداولة، تحركاتهم قابلة للتتبع، وسلسلة اغتيالات سريعة أربكت غرف القرار).
من هم المعيّنون الجدد؟
صدرت الأسبوع الماضي، مراسيم تعيين حساسة داخل الجيش النظامي الإيراني، جرى خلالها تسمية العميد بهمن بهمرد قائداً للقوات الجوية للجيش خلفاً للعميد حميد وحيدي، والعميد علي رضا إلهامي قائداً لـ "القيادة المشتركة للدفاع الجوي خاتم الأنبياء" وقوات الدفاع الجوي في الجيش، بدلاً من العميد علي رضا صباحي فرد.
اللافت أن كلا الاسمين لا يحملان "رصيداً إعلامياً" خارج الجسم العسكري، مقارنة بسابقيهما، وهي نقطة التقطتها تقارير غربية وعربية باعتبارها اتجاهاً مقصوداً لتقليل بصمة القادة الجدد في الفضاء العام.
يُوصف بهمرد داخل السرد الرسمي كضابط عمليات أكثر منه "قائداً سياسياً". وتشير تقارير متعددة إلى أنه كان منذ 2023 يشغل دوراً عملياتياً في هيئة الأركان العامة، وتقدّم عملياً بعد مقتل نائب رئيس العمليات السابق اللواء مهدي رباني في ضربات إسرائيلية خلال حرب يونيو 2025.
أما إلهامي فتقدمه المصادر بوصفه ابن "المسار التدريبي - التخطيطي"، حيث قاد جامعة الدفاع الجوي "خاتم الأنبياء"، وشغل موقع نائب القائد منذ 2019، قبل أن يتسلم رأس الدفاع الجوي.
وعلى خط آخر، جاءت تغييرات القوات البرية للجيش، عبر تعيين العميد علي جهانشاهي قائداً للقوات البرية خلفاً للعميد كيومرث حيدري. وبينما بدا القرار "تقنياً" في ظاهره، قرأته منصات متابعة للشأن الإيراني على أنه جزء من إعادة توزيع حساسة للمسؤوليات بعد الحرب.
في موازاة ذلك، أُعلن، (في سبتمبر 2025)، تعيين اللواء علي عبد اللهي قائدا لـ"مقر خاتم الأنبياء المركزي" (غرفة الحرب والتنسيق الأعلى) بعد مقتل سلفَيه غلام علي رشيد وخليفته علي شادماني في ضربات إسرائيلية خلال حرب الصيف، في واحدة من أسرع حلقات "قطع الرأس القيادي" التي شهدتها إيران منذ سنوات.
لماذا ترتجف طهران من إعادة السيناريو؟
لم تكن حرب يونيو 2025 "قصفاً متبادلاً" فقط، فجزء كبير منها كان حرباً على السلسلة القيادية والعقل العملياتي".
تقارير لوكالات دولية أحصت مقتل أسماء على رأس هرم المنظومة، منهم: رئيس الأركان محمد باقري، قائد الحرس حسين سلامي، وقادة ومسؤولون في غرف العمليات والتنسيق، إلى جانب علماء نوويين.
وفي الحرس الثوري، جاء تعيين اللواء محمد باكبور قائداً للحرس بعد مقتل سلامي كإشارة إلى "ترميم سريع" للهرم القيادي، لكن سرعة الاغتيالات لاحقاً (كما في حالة شادماني الذي قُتل بعد أيام قليلة من تعيينه وفق تقارير متعددة) رفعت منسوب الهلع داخل المؤسسة.
هنا يبرز منطق "القادة المغمورين"، وفقاً للباحث الفتيح، الذي يقول لـ "إرم نيوز" إنه "على الرغم من أن تقليل الظهور لا يمنع الاستهداف إذا كان الاختراق عميقاً، لكنه يرفع كلفة التعرف والتتبع، ويمنح طهران وقتاً أطول لتثبيت بدائل جاهزة وتشغيل مراكز القيادة دون ضجيج".
فعالية محلّ خلاف
بعد الحرب، تباهت إيران بحملة اعتقالات واسعة ضد شبكات مرتبطة بإسرائيل. تقارير أشارت إلى اعتقال نحو 700 شخص خلال الحرب وما تلاها، مع الحديث عن كشف "ورش" مرتبطة بطائرات مسيّرة وعمليات تخريب. كما أعلن القضاء الإيراني عن اعتقال 20 شخصاً بتهمة الارتباط بالموساد في أشهر تلت الحرب.
وترافقت الحملة مع تصعيد عقابي، حيث نُفذت موجة إعدامات بتهم التجسس لإسرائيل، بينها تنفيذ حكم في ديسمبر 2025، وسط انتقادات حقوقية تتعلق بالشفافية وإجراءات المحاكمات.
من الداخل
لكن السؤال الذي يلاحق كل ذلك داخل الأوساط الدبلوماسية والاستخبارية: هل تُصلح الاعتقالات ما كشفته الحرب من قدرة إسرائيل على الضرب "من الداخل"؟
تقارير وتحليلات ربطت نجاح الاغتيالات بعمق الاختراق المعلوماتي وبنية الأمن الداخلي، وأن الإجراءات القمعية قد تُظهر نشاطا سياسيا أكثر مما تُنتج "إغلاقاً كاملاً" للثغرات.
أما عن إجراءات إيران لتحصين القادة الجدد، فيلفت الفتيح إلى أن "المتاح علناً يشير إلى نمط عام، يقوم على تشديد البروتوكولات، تقليل المناسبات العامة، تضييق دوائر المعرفة بالحركة، وتبديل أنماط الاتصالات".
مضيفاً أن "طهران تحاول الجمع بين إخفاء البصمة والتدوير السريع للبدائل، لكن اختبار أي مواجهة جديدة سيقاس بمدى قدرتها على منع تكرار ضربة اليوم الأول التي دمّرت رأس الهرم في يونيو 2025".