الكرملين: بوتين وترامب قد يلتقيان مرة أخرى قريبا
كشف سياسي عراقي في إقليم كردستان عما وصفها بـ"معادلة سياسية جديدة" يجري الإعداد لها في محافظة السليمانية، تقوم على حسم الساحة لمصلحة الاتحاد الوطني الكردستاني وإزاحة المنافسين، موضحاً أن "اشتباكات فجر الجمعة، التي انتهت باعتقال الرئيس المشترك السابق للحزب لاهور شيخ جنكي، جاءت ضمن هذا السياق.
وأضاف السياسي، الذي طلب حجب اسمه لـ"إرم نيوز"، أن "التحركات الأمنية والقضائية التي شهدتها السليمانية في الأيام الأخيرة لم تأتِ بمعزل عن سياق سياسي أوسع، بل جاءت لوقف تمدد أطراف منافسة داخل المحافظة، مثل حراك الجيل الجديد أو أجنحة منشقة من داخل الاتحاد الوطني، والتي بدأت تنافس بشكل فعلي على النفوذ الشعبي والانتخابي".
وأوضح المصدر أن "طالباني حصل على ضوء أخضر من طهران، وقوى الإطار التنسيقي، لإطلاق هذا التحرك؛ بهدف احتكار الساحة الكردية بين الحزبين التاريخيين، بعد أن تحوّلت قوى مثل لاهور جنكي أو شاسوار عبد الواحد إلى شوكة في خاصرة الاتحاد الوطني الكردستاني، خصوصاً أن الأخير يسعى لتأمين هيمنته على السليمانية قبل الاستحقاق الانتخابي المقبل".
وبيّن أن "هذه المعادلة الجديدة قد تحمل أبعاداً إقليمية أيضاً، إذ يُنظر إلى السليمانية كقاعدة نفوذ لإيران عبر الاتحاد الوطني، في حين تواصل تركيا دعم الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل ودهوك، ما يعزز فرضية العودة إلى الثنائية الحزبية التقليدية التي حكمت الإقليم منذ أوائل التسعينيات".
ولفت إلى أن "الاتحاد الوطني لم يعد يقبل بأي منافسة داخلية أو خارجية على مناطق نفوذه، لذلك حصلت اعتقالات وتحركات أمنية بحق خصومه السياسيين، في الوقت الذي يسعى فيه الحزب الديمقراطي لترتيب بيته الداخلي وتكريس زعامته في أربيل".
وكانت مدينة السليمانية شهدت اشتباكات بين قوات "الأسايش" وأفراد من حماية الرئيس المشترك السابق للاتحاد الوطني الكردستاني، لاهور شيخ جنكي، انتهت باعتقاله مع شقيقه بعد محاصرة منزله وفندق "لاله زار".
وبعد وفاة زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني عام 2017، دخل الحزب مرحلة انقسام داخلي انتهت عام 2019 بانتخاب قيادة جديدة ضمت لاهور شيخ جنكي، ابن شقيقة الطالباني، رئيسًا مشتركًا إلى جانب بافل الطالباني.
وتمكّن لاهور من تثبيت نفوذه داخل السليمانية عبر سيطرته على مؤسسات أمنية حساسة مثل "مكافحة الإرهاب" و"المعلومات"، ليصبح قطبًا موازياً لابن عمه.
لكن الخلاف بين الرجلين سرعان ما تصاعد، إذ اتهم جناح بافل شيخ جنكي بالاستئثار بالقرار الأمني والمالي، قبل أن يطيح به في صيف 2021 ويقصيه من جميع مناصبه، ومنذ ذلك الحين، واصل لاهور بناء شبكة سياسية مستقلة انتهت مطلع 2024 بإعلان تشكيل حزب "جبهة الشعب"، الذي خاض الانتخابات النيابية وحصد مقعدين في برلمان كردستان، ما عزّز حضوره كمعارضة فعلية للاتحاد الوطني.
لم تقتصر تحركات بافل الطالباني على خصمه اللدود لاهور شيخ جنكي، إذ طالت أيضًا زعيم المعارضة شاسوار عبد الواحد، رئيس حركة "الجيل الجديد"، الذي يُعدّ أبرز منافس سياسي للاتحاد الوطني في السليمانية.
ويملك عبد الواحد ثقلاً برلمانياً لافتاً يتمثل بـ 15 مقعداً في برلمان إقليم كردستان و9 مقاعد في مجلس النواب العراقي، ما جعله هدفاً مباشراً لتحركات السلطات التي أقدمت على اعتقاله بناءً على أوامر قضائية تتعلق بدعاوى تشهير ونزاعات مالية.
وسبق ذلك اعتقال قوات الأمن في السليمانية النائب السابق في برلمان العراق عن جماعة العدل الكوردستانية، صباح برزنجي، إذ اقتيد إلى جهة مجهولة، ضمن خطوة يُعتقد أنها تأتي في السياق.
بدوره، قال الباحث والأكاديمي، عصام الفيلي، إنّ "الخلاف بين بافل طالباني ولاهور شيخ جنكي تحوّل إلى ساحة لتقاطع محاور إقليمية ودولية، فبينما يُنظر إلى لاهور باعتباره الأقرب إلى المحور التركي – الأمريكي بحكم خلفيته الأمنية والاستخبارية وعلاقاته السابقة بملفات مكافحة الإرهاب والتنسيق مع أنقرة وواشنطن، فإن بافل يميل أكثر إلى المحور الإيراني ويمتلك دعماً واضحاً من قوى الإطار التنسيقي في بغداد".
وأضاف، لـ"إرم نيوز"، أن "التوقيت الحالي لتحركات بافل الطالباني تعكس بعداً انتخابياً حاسماً، فاعتقال لاهور في هذه المرحلة يمثل محاولة مبكرة لإقصاء خصم سياسي قادر على جذب الشارع الشبابي وتشكيل جبهة معارضة واسعة".
وشكّلت بعض الأحزاب الناشئة صداعاً حقيقياً لعائلة بافل طالباني خلال السنوات الماضية، بعدما تمكنت من كسر احتكار الاتحاد الوطني للساحة السياسية في السليمانية عبر حصد مقاعد برلمانية مؤثرة، وهو ما جعل المحافظة تبدو متعددة الأقطاب سياسياً، بخلاف أربيل التي بقيت محافظة على نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل شبه مطلق.