يهدد التنافس على مناطق نفوذ بين ألوية مسلحة الهدنة الهشة المفروضة في العاصمة الليبية طرابلس، بعد اندلاع اشتباكات ليلية استمرت لساعات دون تسجيل خسائر، في وقت شهد الوضع الأمني فيه تصعيدا ضد جهاز دعم الاستقرار.
واستمرارا لإعادة تشكيل خريطة أمنية جديدة في غرب البلاد بناءً على محاولات منع حل جهاز قوة الردع الخاصة لمكافحة الجريمة منذ مقتل قائد ميليشيا دعم الاستقرار عبد الغني الككلي، الشهير بـ(غنيوة)، يعيش المشهد الليبي حالة عدم يقين مع تجدد الاشتباكات بشكل متقطع.
وكشفت مصادر ليبية مطلعة لـ"إرم نيوز"، عن اشتباكات عنيفة بالأسلحة المتوسطة اندلعت في منطقة أولاد عيسى بورشفانة في طرابلس بين الكتيبة 55 مشاة بإمرة معمر الضاوي واللواء 111 مجحفل التابع لوكيل وزارة الدفاع في حكومة الوحدة عبد السلام الزوبي.
وأسفرت المواجهات، التي توقفت فجراً، عن انتشار قوات الكتيبة 55 في مناطق ورشفانة الواقعة جنوب غرب طرابلس على بعد نحو 30 كيلومترا، وبسط سيطرتها عليها بعد انسحاب القوات المناوئة لها، في إطار محاولات اكتساب مناطق تموضع جديدة.
وغير بعيد، كانت الخلافات بين اللواء 444 قتال وجهاز دعم الاستقرار في طرابلس تشهد تصعيدا على خلفية توقيف عبد الله الشكري، الرئيس السابق لمكتب الجهاز بغريان، في عملية ميدانية.
وبرّر اللواء 444 قتال التابع لحكومة الوحدة الخطوة بسجله الجنائي المثقل بالقضايا، من بينها جرائم قتل وخطف وتعذيب وسرقة واقتحام مؤسسات قضائية وأمنية، إضافة إلى اعتداءات على ممتلكات المواطنين.
وأكد أن المتهم أُحيل إلى مكتب النائب العام لاستكمال الإجراءات القانونية، مشددا على أن الجيش الليبي ماضٍ في ملاحقة كل من يعتدي على المواطنين أو يمس أمنهم وسلامتهم، وأن سيادة القانون ستظل هي الأساس.
ويربط مراقبون هذا التوقيف بالتحولات الأمنية الواسعة في غرب ليبيا، لا سيما بعد مقتل عبد الغني الككلي في مايو الماضي خلال اشتباك مسلح داخل منطقة نفوذ اللواء 444 قتال؛ ما أدى إلى توترات استمرت لأشهر، انتهت بتوقيع اتفاق هدنة بين حكومة عبد الحميد الدبيبة وجهاز قوة الردع.
وفي غضون ذلك، شرعت النيابة العامة في طرابلس في تحقيق عاجل في جريمة قتل العميد محمد الصداعي، آمر القوات الخاصة التابعة لحكومة الوحدة بالعاصمة، بعد تعرضه لإطلاق نار مباشر إثر مشادة مفاجئة أثناء عودته إلى منزله على يد مسؤول ينتمي للقوات نفسها، وأمرت بحبس المتهم احتياطيا على ذمة التحقيقات بعد ثبوت تورطه في قتل المجني عليه.
وحسب بيان النيابة، بدأت الواقعة حين استوقف المتهم المجني عليه أثناء مروره أمامه عائدا إلى منزله، حيث طلب منه النزول من المركبة دون إبداء أي سبب، وعند رفض الصداعي الامتثال، بادر المتهم إلى إشهار سلاح ناري وأطلق عدة أعيرة أصابت المجني عليه؛ ما أدى إلى وفاته في الحال.
وفي الوقت نفسه، نفى جهاز الردع لمكافحة الإرهاب أي تورط في الجريمة؛ ما يُبرز هشاشة الاستقرار في العاصمة رغم الجهود الرسمية لفرض الأمن.
وأثارت التطورات استنفارا وسط الشرطة العسكرية في غرب ليبيا، التي وضعت وحداتها بحالة استعداد تام لتعزيز الاستقرار في طرابلس، وأكدت "المشاركة في تنفيذ الترتيبات الأمنية وضبط المظاهر المسلحة داخل المدينة".
وتتوزع الحركات المسلحة حاليا في غرب وجنوب غربي طرابلس بين اللواء 444 بقيادة اللواء محمود حمزة، الذي يسيطر على عدة مناطق رئيسة من السدرة إلى ابن النفيس والهضبة الكيزة جنوب طرابلس، واللواء 111 مجحفل بقيادة عبد السلام زوبي، الذي يسيطر على منطقة طريق المطار والرملة وقصر بن غشير، بينما "ميليشيا الأمن العام" التابعة للزنتان، بقيادة عماد الطرابلسي وشقيقه عبد الله، الشهير بـ"الفراولة"، تسيطر على غوط الشعال وقورجي والدريبي وحي الأندلس.
ودعا نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى تنظيم مظاهرة شعبية حاشدة يوم الجمعة 21 نوفمبر 2025 في طرابلس للمطالبة بحل جهاز الأمن العام وإقالة وزير الداخلية عماد الطرابلسي.