كشف مصدر أممي أن تقريرا للأمم المتحدة تسلمه مجلس الأمن الدولي عن تقلص قدرة بعثة الدعم في ليبيا على دعم المصالحة الوطنية بفعل محدودية التنسيق مع الاتحاد الأفريقي، الذي يلعب دوراً رائداً فيما يتعلق بهذا الملف.
وقال المصدر لـ"إرم نيوز" إن التقرير قدم أيضًا "أسوأ السيناريوهات" بشأن الوضع في البلاد.
وبينما أكد التقرير، بحسب المصدر نفسه، اصطفاف الجهات الفاعلة الدولية وراء دعمها لولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لكن العديد منها اتبع سياسات متباينة في الممارسة العملية؛ مما عزز في كثير من الأحيان الانقسامات الداخلية في البلد.
وقال المصدر إن الفرق العاملة السياسية والأمنية والاقتصادية المنشأة في إطار عملية برلين توقفت عن العمل أو لم يعد لها توجه وتأثير. وإزاء هذه الخلفية، مثل اجتماع لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا التابعة لعملية برلين الذي عقد في 20 يونيو 2025، وهو الأول منذ أربع سنوات، خطوة مهمة محتملة نحو تنشيط هذا الإطار وتنسيق الدعم الدولي.
ومع أن البعثة دعمت وضع إطار قانوني وطني للمصالحة الوطنية في ليبيا، وقدم الاتحاد الأفريقي ميثاقاً للسلام، فإن الجهود المبذولة من كلا الطرفين لم تكن منسجمة بما فيه الكفاية، وفق التقرير الأممي.
وقال التقرير إن دولاً أعضاء عديدة في مجلس الأمن والأمم المتحدة أعطت الأولوية للمصالح الوطنية على الدبلوماسية الجماعية، مضيفاً أن هذه الدول تتفاعل في الوقت نفسه مع الجانبين المتعارضين في ليبيا، مما يسهم في التطبيع التدريجي للوضع الراهن ويقلل من الحوافز على الحوار أو إيجاد تسوية سياسية مجدية بين الأطراف الفاعلة الليبية.
وأفادت الهيئة، بأن جهود المصالحة الوطنية في ليبيا تعرضت لـ"التسييس" من قبل القادة السياسيين المتنافسين واستبعدت من هذه الجهود فئات معنية رئيسة، ولا سيما النساء والشباب والمجتمعات غير العربية والمجتمع المدني وممثلي الضحايا.
وسمح غياب عملية مصالحة وطنية شاملة وقائمة على الحقوق ومتمحورة حول الإنسان باستمرار دورات العنف والمظالم والإفلات من العقاب، وفق المصدر.
وأدت الاعتقالات والاحتجازات التعسفية، بما في ذلك بحق أفراد المجتمع المدني والفاعلين السياسيين، وتقلص الحيز المدني، إلى تقويض الظروف الضرورية للمصالحة القائمة على الحقوق.
كما أدى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لخطاب الكراهية والتطرف إلى تفاقم الانقسامات وهو ما يشكل مزيداً من المخاطر.
ووفق المصدر ذاته، على الرغم من أن الترتيبات المؤقتة بين أصحاب المصلحة الرئيسيين قد حالت دون وقوع أعمال عدائية واسعة النطاق حتى الآن، فإن صراعات السلطة حول السيطرة على الموارد والمؤسسات تهدد بدفع الدولة إلى حافة الانهيار.
وفي ظل غياب عملية سياسية متجددة، تقودها الأمم المتحدة ويدعمها المجتمع الدولي، لاستعادة مسار موثوق نحو ليبيا موحدة ومستقرة تحكمها مؤسسات شرعية، رجحت الأمم المتحدة أن يزداد الانقسام الفعلي للدولة ترسخاً، مما يعجل وتيرة الاتجاهات السلبية المرتبطة بذلك.
وفي أسوأ السيناريوهات يمكن أن تتصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية إلى حد استئناف نزاع مسلح واسع النطاق.