مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
كشف تقرير عبري ما وصفه بـ"تحول العراق إلى مصنع لإنتاج الأسلحة الإيرانية"، مشيرًا إلى أن ميليشيا "الحشد الشعبي" الموالية لإيران، "أحالت العراق إلى مركز لتوزيع السلاح على أجنحة إيران المسلحة في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما "حزب الله" في لبنان، والحوثيين في اليمن".
وحدد موقع "نتسيف" العبري، الذي يدعي صلته بدوائر أمنية في تل أبيب، مواقع تصنيع المعدات العسكرية لصالح إيران في العراق، فضلًا عن إعداد كشف بأسماء الشركات المعنية بالتصنيع والتوزيع.
وقال التقرير إنه "في زوايا مظلمة تحت الأرض، وفي مناطق عسكرية مغلقة، لا تستطيع الدولة العراقية دخولها، تتوسع 'إمبراطورية الأسلحة' التي تقودها إيران بهدوء في بلاد الرافدين".
ولا يتحدث التقرير عن مجرد شحنات أسلحة عابرة للحدود، وإنما عن "مصانع كاملة، وخبراء تحت غطاء دبلوماسي، وتكنولوجيا عسكرية متقدمة يتم بناؤها واختبارها داخل الأراضي العراقية، وتحت رعاية قوات الحشد الشعبي".
ومن المسيَّرات الانتحارية إلى صواريخ "رعد-1" بعيدة المدى، عرفت إيران عن إنتاج هذه الأسلحة في أراضيها، ثم نقلت خطوط إنتاجها إلى مناطق: جرف الصقر، والزعفرانية، وعين التمر، والنهروان، لدعم الميليشيات الموالية للدولة الفارسية في اليمن وسوريا ولبنان.
حرب لا تعني العراق
وأسفرت تلك الأنشطة عن حصار العراق باتهامات، وغرقه في شبكات الأسلحة، وتهديده بالانجرار إلى حروب لا تعنيه.
ورغم محاولات الحكومة العراقية التأكيد على ضرورة الحد من الأسلحة في البلاد، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى عكس ذلك، حيث لا تزال عشرات الميليشيات الموالية لإيران تعمل على تعزيز مخابئ أسلحتها، وتحويلها إلى ذراع إقليمية لخدمة أذناب طهران في المنطقة.
وكشفت معطيات التقرير عن أنه "في خضم الحرب ضد تنظيم 'داعش' قبل عدة سنوات، تمكنت إيران من نقل بعض تقنياتها العسكرية إلى العراق، وأنشأت بنية تحتية لإنتاج وتخزين الأسلحة، بالتعاون مع الفصائل المسلحة العراقية الموالية لطهران".
وتنتج مصانع الأسلحة التابعة لإدارة الإنتاج الحربي في "الحشد الشعبي" طائرات مسيَّرة، وصواريخ باليستية بأكثر من مدى، بالإضافة إلى تطوير دبابات ومدرعات روسية الصنع، وأنظمة اتصالات رقمية، وغرف تحكم، بالإضافة إلى مدفعية ثقيلة وقذائف، وقطع غيار أسلحة متوسطة وخفيفة، وذخائر.
رغم أن "الحشد الشعبي" يتحدث أحيانًا عن تطوير قدراته التسليحية؛ إلا أن العديد من السياسيين العراقيين، وحتى الخبراء المقربين من الأحزاب الحاكمة والمعارضة، أحجموا عن الحديث في هذه القضية.
بينما يرى خبراء وسياسيون أن "السرية التي تحيط بالقضية تنبع من مخاوف استهداف كل من يتطرق إليها من جانب أجهزة استخبارات الحرس الثوري الإيراني؛ المسؤولة بالتنسيق مع الميليشيات العراقية عن حماية الخبراء الإيرانيين ومواقع إنتاج الأسلحة والصواريخ".
اليمن ولبنان
ورفض كريم الكناني، مسؤول العلاقات العامة في قوات "الحشد الشعبي"، التعليق قائلًا: "إنه غير مخول بالتعليق على الأمر"؛ فيما لم يرد المتحدث الرسمي باسم المنظمة، مؤيد السعدي، على الأسئلة.
وفي المقابل أشار خليل نادري، زعيم حزب المعارضة الكردستاني الإيراني، حزب حرية كردستان، إلى أن إيران تواصل تزويد ميليشياتها في العراق بالأسلحة؛ وترسل الأسلحة وقطع الغيار عبر العراق إلى ميليشياتها في اليمن ولبنان.
وأضاف أن "الحرس الثوري يستخدم طريقتين لتزويد الميليشيات في العراق والمنطقة بالأسلحة: الأولى إرسال الأسلحة بشكل مباشر؛ والثانية إرسال قطع الغيار والخبراء المتخصصين في إنتاج الأسلحة إلى هذه الدول".
وأكد أن "قطع الغيار الخاصة بالأسلحة تصل على شكل قطع منفصلة حتى لا تثير الشكوك؛ بينما يذهب الخبير الإيراني متخفيًا كموظف دبلوماسي ثم ينتقل إلى موقع إنتاج الأسلحة".
ويشير نادري إلى أن الأسلحة التي أنتجتها قوات "الحشد الشعبي" في العراق، وخاصة الطائرات والصواريخ، لم تكن مخصصة لتسليح الميليشيات داخل العراق فحسب؛ بل قدمها الحرس الثوري أيضًا لميليشيات الحوثي و"حزب الله" في لبنان.
وبحسب نادري فإن مصانع أسلحة الحشد الشعبي تقع في مناطق متفرقة من العراق؛ منها مصانع تحت الأرض مخفية تمامًا عن الأنظار؛ وأخرى في مناطق عسكرية مغلقة لا تستطيع حتى الجهات الحكومية العراقية دخولها؛ ومنها مصانع تقع في بلدة جرف الصخر جنوب غرب العاصمة بغداد.
ويضيف في تصريحات صحافية: "تعد بلدة جرف الصخر موطنًا لمواقع رئيسة لإنتاج الصواريخ ومحركاتها ووقودها؛ وتنتج هذه المواقع صواريخ قصيرة المدى، بالإضافة إلى إنتاج واختبار الصواريخ الباليستية؛ بينما تعد بلدة الزعفرانية جنوب شرق بغداد موطنًا لإنتاج صواريخ أرض-أرض وقذائف الهاون الثقيلة".
التمر والنهروان
ويشير إلى أن بلدتي عين التمر في قضاء كربلاء والنهروان في بغداد تحتويان أيضًا على مصانع ومخازن صواريخ لتخزين هذه الصواريخ؛ بالإضافة إلى مصانع ومخازن للذخيرة.
وبحسب زعيم الأكراد الإيرانيين فقد أنشأ الحرس الثوري مصنعًا لإنتاج الصواريخ، ومن بينها صاروخ "رعد 1"؛ وهو صاروخ بعيد المدى معروف بقدرته على التهرُّب من أنظمة الدفاع الجوي المتطورة.
وعرضت قوات "الحشد الشعبي" طائرات مُسيَّرة ادعت أنها من تصنيعها خلال الاستعراض العسكري الذي نظمته بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيسها العام 2021.
وأشارت قناة العالم الإيرانية في تقرير مصور عن العرض إلى أن إحدى الطائرات المسيرة التي عرضت على الحضور تشبه طائرات "سايا" الإيرانية، وطائرات "صمد 3" المسيرة التي تستخدمها ميليشيات الحوثي في اليمن؛ وهي طائرات مسيّرة انتحارية.
وفي عرض آخر العام 2022 كشفت قوات "الحشد الشعبي" عن أسلحة جديدة ومتطورة.
قيادة وسيطرة
وأشارت مواقع عراقية وإيرانية مقربة من الحرس الثوري إلى أن أبرز الأسلحة التي عرضها "الحشد الشعبي" شملت أنظمة القيادة والسيطرة للطائرتين "حسيب" و"رشيد" المسيرتين؛ ودبابات روسية من طراز T72 طوّرتها شركة "كرار" الإيرانية بإضافة حماية جانبية؛ بالإضافة إلى عرض أجهزة تشويش وأبراج اتصالات متنقلة حديثة.
وتكشف معلومات دقيقة من حزب الحرية الكردستاني المعارض عن وجود عدة شركات إيرانية متخصصة في الصناعات العسكرية المرتبطة بقوات "الحشد الشعبي"؛ وأن فرقها من المهندسين والخبراء تعمل داخل مصانع الأسلحة التابعة لقوات "الحشد الشعبي" في العراق.
ومن بين هذه الشركات شركة "راستافان آرتبت" التابعة للصناعات الدفاعية الإيرانية؛ وهي متخصصة في توفير خدمات الاتصالات ومعداتها والأنظمة الإلكترونية وقطع غيار الأسلحة للقوات الجوية التابعة للحرس الثوري؛ ومجموعة الصناعات الصاروخية البحرية الإيرانية؛ بالإضافة إلى الرادارات.
وتنشط في هذا المجال ذاته أيضًا شركة "باناور موغ خافار" المعروفة باسم "باناور"؛ المتخصصة في إنتاج واختبار الصواريخ، وهي شركة تصمم وتصنع جميع أنواع الصواريخ ومكوناتها.