شككت مصادر سياسية لبنانية رفيعة المستوى بجدية التزام إسرائيل باتفاقية وقف إطلاق النار مع لبنان، عقب مسلسل الخروقات الإسرائيلية البرية والجوية المسجلة في الأيام الثلاثة الأولى التي أعقبت الإعلان عن الاتفاق، والذي بات يوصف في الشارع اللبناني بأنه "شبيه بالجبنة السويسرية المليئة بالثقوب".
وقالت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها لـ"إرم نيوز"، إن "كل المؤشرات التي رافقت الحراك الدبلوماسي الذي سبق الإعلان عن وقف إطلاق النار تؤكد أن قبول الحكومة الإسرائيلية بالاتفاق لم يكن إلا خدعة لكسب الوقت من أجل تحقيق حزمة من الأهداف السياسية والعسكرية".
ووفقًا لنصوص اتفاقية وقف إطلاق النار، تم منح الجيش الإسرائيلي البقاء في لبنان، حتّى 60 يومًا من لحظة الإعلان عن الاتفاقية، الأمر الذي يرى فيه المسؤول اللبناني أنه كان مقصودًا، لمنح الحكومة الإسرائيلية فرصة لكسب الوقت وممارسة خروقاتها إلى حين دخول الرئيس الإمريكي دونالد ترامب في شهر يناير المقبل إلى البيت الإبيض، المعروف بتأييده الكبير لسياسات اليمين الإسرائيلي الحاكم في تل أبيب.
وترى المصادر اللبنانية ذاتها أن "المدة الطويلة التي منحها الاتفاق للجيش الإسرائيلي للبقاء في الأراضي اللبنانية من شأنها أيضًا المساهمة في إعادة إنعاش الجيش المنهك على المستويين المعنوي والتسليحي، خاصة في ظل الخسائر الكبيرة التي تكبدها بعد أكثر من عام من الحرب على مختلف الجبهات".
ويعدّ إنعاش الجيش الإسرائيلي على المستوى التسليحي أحد أهم المسوغات التي دفعت اسرائيل للقبول باتفاقية وقف إطلاق النار مع لبنان، وفقًا لما صرح به بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي أعلن أيضًا قبل يومين عن حصول إسرائيل على السلاح الذي تم حظرة من أمريكا.
وفيما يرى لبنان الرسمي أن اتفاق وقف إطلاق النار هو اتفاق سياسي يستند إلى القرار 1701 وليس أمنيًا مؤقتًا فقط يستدعي العودة إلى مفاوضات ترسيم الحدود البرية، فإن الرؤية الإسرائيلية للاتفاق مختلفة تمامًا، إذ لا ترى فيه غير هدنة مؤقتة مدعومة بتعهدات أمريكية بتقديم الدعم اللازم لاستمرار تحراكتها للقضاء تمامًا على الترسانة العسكرية لتنظيم "حزب الله".
وفي ظل تصريحات نتنياهو في مقابلته الأخيرة مع القناة 14 الإسرائيلية، التي قال فيها "إن الاتفاق ما هو إلا وقف لإطلاق النار وليس وقفًا للحرب"، وما نقلته وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين إسرائيليين من أن أي خرق لبناني -من وجهة النظر الإسرائيلية طبعًا- فإن الأبواب ستبقى مشرعة لاستناف العدوان على لبنان مجددًا بعد انتهاء مهلة الستين يومًا التي نص عليها الاتفاق.