logo
العالم العربي

"اشتباكات السيدية" تفجر ملف هيمنة الميليشيات على الأراضي الزراعية جنوبي بغداد

"اشتباكات السيدية" تفجر ملف هيمنة الميليشيات على الأراضي الزراعية جنوبي بغداد
عناصر من الحشد الشعبيالمصدر: أ ف ب
31 يوليو 2025، 9:18 ص

كشفت الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها منطقة السيدية جنوبي العاصمة العراقية بغداد، بين الميليشيات المسلحة، عن صراع عميق حول آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية الواقعة قرب الطرق السريعة والمواقع الاستراتيجية.

وشهدت بغداد خلال الأيام الماضية، اشتباكات مسلحة بين عناصر تابعة لميليشيات "كتائب حزب الله" وأخرى من "كتائب الإمام علي"، إثر خلاف حاد حول منصب مدير دائرة الزراعة في بغداد، وسط تضارب في المصالح والسيطرة على قرارات تخصيص الأراضي.

وأسفرت المواجهات عن إصابة عدد من الموظفين، وتسببت بحالة هلع داخل الدائرة الحكومية، قبل أن تتدخل قوات جهاز مكافحة الإرهاب لفرض الأمن في المنطقة.

وفجّرت الحادثة ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعادت إلى الواجهة ملف تغلغل الميليشيات في مؤسسات الدولة العراقية، ومحاولاتها المتكررة للسيطرة على مفاصل اقتصادية وإدارية حساسة، في ظل ضعف المعالجات الحكومية.

أخبار ذات علاقة

الأمن العراقي

"اشتباكات السيدية" تعيد أزمة الحشد الشعبي إلى الواجهة في العراق

صفقات تحت الطاولة

وكشف مصدر مطلع " أن أراضي واسعة تقع في قرى متفرقة ضمن حدود منطقة الدورة، تُقدّر بمساحة تفوق ألفي دونم، كانت السبب الحقيقي وراء الصراع، إذ تمسك كل طرف بمرشحه لإدارة دائرة الزراعة، لتمرير صفقات وقرارات تخص تلك الأراضي".

وأوضح المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، لـ"إرم نيوز" أن "شبكة علاقات كبيرة تقف خلف هذا الملف، تضم نواباً في البرلمان ومسؤولين في وزارات تنفيذية، وهم من دفعوا خلال الأشهر الأخيرة باتجاه تحويل جنس هذه الأراضي من زراعية إلى سكنية، ما يتيح لمالكيها من عناصر الميليشيات بناء شقق وعمارات سكنية، أو عرضها للبيع ضمن مشروعات استثمارية ضخمة".

وتستغل الميليشيات المسلحة، مثل "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق"، وغيرها من التشكيلات المرتبطة بـ"الحشد الشعبي"، حالة الانفلات الإداري والأمني للهيمنة على الأنشطة الاقتصادية في العراق، بدءاً من المناقصات الحكومية وحتى احتكار السلع والتحكم بقطاع المقاولات والنقل، وهو ما يثير مخاوف واسعة من تحول هذه الجماعات إلى قوى اقتصادية موازية للدولة، تُدير اقتصاداً خفياً محمياً بالسلاح والنفوذ.

وتحوّلت منطقة الدورة جنوبي العاصمة بغداد، إلى معقل واضح لعدة ميليشيات نافذة، أبرزها "كتائب حزب الله"، و"كتائب الإمام علي"، و"عصائب أهل الحق"، لاسيما في مناطق الأرياف المحيطة التي تقطنها أغلبية سنية، وهو ما يفتح الباب أمام مخاوف من تغيير ديموغرافي أو عمليات تهجير ناعمة، مشابهة لما حصل في مناطق أخرى مثل جرف الصخر واللطيفية.

أخبار ذات علاقة

منطقة جرف الصخر العراقية

"جرف الصخر".. ثكنة مغلقة في العراق "بيد الإيرانيين"

تهديد الفلاحين

بدوره، كشف النائب في البرلمان العراقي كاظم الشمري، عن أن "الاستيلاء على الأراضي الزراعية يتم بطرق منظمة، وهناك ما لا يقل عن 80 فلاحًا في بغداد تعرضوا للتهديد من مجاميع مسلحة، وخُيّروا بين ترك أراضيهم أو مواجهة ميليشيات لا ترحم"، على حد تعبيره.

وأضاف الشمري في حديث متلفز، أن "هناك تحركات مشبوهة لتهجير سكان المدائن، ودائرة رسمية في المنطقة ترعى نشاط عصابات تابعة لفصائل مسلحة، تقوم بالاستيلاء على الأراضي بالقوة، وسأقدم ملفات كاملة إلى جهة حكومية عليا للكشف عن المتورطين"، مستبعدًا في الوقت ذاته وجود "أطراف خارجية" خلف عمليات الاستيلاء، مؤكداً أن "الخطر داخلي ومنظّم".

"رأس جبل الجليد"

من جهته، أوضح الباحث الأمني يحيى السنبل أن ما "يحصل في بغداد ومحيطها هو نتيجة حتمية لتمدد الميليشيات المسلحة من ميادين القتال إلى القطاعات الاقتصادية والزراعية والخدمية، وهو امتداد لمنطق السيطرة بالقوة وفرض النفوذ، الذي لم تعد الدولة قادرة على ردعه".

وأضاف السنبل لـ"إرم نيوز" أن "الاشتباك الأخير في السيدية لم يكن سوى رأس جبل الجليد، فهناك عشرات الملفات الشبيهة التي تُدار تحت الطاولة، سواء عبر شبكات التزوير في الدوائر الزراعية أو بترهيب الفلاحين والمزارعين"، محذّرًا من أن "صمت الدولة على هذا التمدد قد يُفضي إلى انهيار مفهوم الملكية العامة، وفقدان المواطنين للثقة بأي جهة رسمية".

ويعد ملف الأراضي الزراعية في بغداد من الملفات الشائكة، حيث تمّ خلال السنوات الماضية تحويل آلاف الدونمات إلى أراضٍ سكنية أو استثمارية بقرارات مشبوهة، ما فتح الباب أمام استثمارات غير شرعية، وحرمان آلاف العوائل من مصدر رزقها، في وقت لا تزال فيه نسب الفقر والبطالة في العاصمة مرتفعة رغم الموارد الضخمة.

 وبحسب مصادر رسمية، فإن نحو 60% من الأراضي الزراعية المحيطة ببغداد لم تعد تُستخدم لأغراض الفلاحة، بسبب غياب المياه والبنى التحتية، ما دفع البعض إلى بيعها أو تركها عرضة للاستحواذ من جهات متنفذة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC