logo
العالم العربي

عزوف شعبي واسع.. هل يكون العراق أمام أدنى مشاركة شعبية منذ 2003؟

مركز اقتراع في العراقالمصدر: (أ ف ب)

تذهب التوقعات في العراق نحو تسجيل نسب مشاركة منخفضة في الانتخابات البرلمانية الجارية، وسط مؤشرات على عزوف شعبي واسع عن صناديق الاقتراع.

وتعد هذه الدورة الانتخابية السادسة منذ العام 2003، وتأتي في ظل حالة من الإحباط العام وتآكل الثقة بالعملية السياسية والأحزاب الحاكمة.

أخبار ذات علاقة

 المتحدثة باسم المفوضية العليا للانتخابات جمانة الغلاي

مفوضية الانتخابات العراقية: لم ولن تحدث خروقات ولا استبعاد لمرشحين

وبعد أكثر من عشرين عاماً على أول تجربة ديمقراطية في البلاد، لا تزال نسب الإقبال تتراجع من دورة إلى أخرى، إذ بلغت في انتخابات 2014 نحو 60% بحسب الأرقام الرسمية، قبل أن تنخفض في انتخابات 2018 إلى 44.5%.

وسجلت الانتخابات العراقية أدنى مستوى تاريخي لها في انتخابات 2021 بنسبة 41% فقط.

توقعات مراكز الاستطلاع

وفي هذه الانتخابات تشير تقديرات مراكز البحوث، ومنها المجموعة المستقلة للدراسات، إلى أن نسبة المشاركة الحالية قد تتراوح بين 30 و40% فقط من المسجلين بايومترياً، وهي نسبة شكلية لا تعكس المشاركة الفعلية، لأن جزءاً كبيراً من العراقيين المؤهلين للتصويت لم يُحدّث بياناته أصلاً.

ويرى مختصون أن العزوف الشعبي بات ظاهرة مزمنة في السلوك الانتخابي العراقي، نتيجة تراكم الإخفاقات في إدارة الدولة، واستمرار أزمات الخدمات والبطالة والفساد، إلى جانب هيمنة السلاح المنفلت الذي فرض بيئات انتخابية مضطربة في بعض المحافظات، فضلاً عن تزايد القناعة بأن نتائج الانتخابات تُحسم في غرف المفاوضات لا عبر صناديق الاقتراع.

وفي هذا السياق، قال الخبير في الشأن الانتخابي أحمد العبيدي إن "نسبة المشاركة هذه المرة لن تتجاوز كثيراً السقف الذي سجلته انتخابات 2021، وقد تتراوح بين 35 و37% في أفضل الأحوال"، مضيفاً أن "العوامل النفسية والاجتماعية لعبت دوراً كبيراً في عزوف الناخبين، خصوصاً بعد أن فقدوا الثقة بجدوى التغيير عبر الانتخابات".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "المقارنة بين الدورات الانتخابية تكشف بوضوح مسار التراجع، فكل دورة تشهد انخفاضاً بمعدل 5 إلى 10 نقاط مئوية، وهو ما يعكس حجم الفجوة بين الطبقة السياسية والمجتمع"، مشيراً إلى أن "غياب التيار الصدري عن هذه الانتخابات حرم العملية من كتلة تصويتية مؤثرة كانت تشكّل نحو ربع جمهور الناخبين الشيعة في البلاد".

ملفات شائكة

وأوضح أن "السنوات الأربع الماضية لم تشهد تحسناً ملموساً في الملف الاقتصادي أو الخدماتي، بل تصاعدت معدلات البطالة وتدهورت البنى التحتية، فيما بقيت الموارد النفطية المصدر شبه الوحيد لتمويل الموازنة العامة"، مؤكداً أن "هذه الأوضاع عمّقت حالة اليأس لدى الناخبين، وجعلت المشاركة بالنسبة للكثيرين فعلاً بلا جدوى".

من جانب آخر، يرى باحثون أن المقاطعة الصدرية المنظمة منذ إعلان مقتدى الصدر انسحابه من العملية السياسية في آذار الماضي، ستؤثر في توزيع الأصوات داخل المحافظات ذات الغالبية الشيعية، لا سيما بغداد والنجف وميسان، ما سيؤدي إلى انخفاض الحماس الانتخابي العام، خصوصاً لدى الفئات الشبابية.

وتشير أرقام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلى أن عدد من يحق لهم التصويت في الانتخابات الحالية 29 مليون عراقي، لكن أكثر من 21 مليوناً فقط يمتلكون بطاقات بايومترية، موزعين على 8703 مراكز اقتراع، إلا أن نسب الحضور خلال الساعات الأولى من اليوم الانتخابي بدت محدودة مقارنة بالتصويت الخاص الذي أُجري الأحد الماضي.

ذاكرة مثقلة بالوعود

ورغم الجهود الحكومية والإعلامية لحثّ المواطنين على المشاركة، لا تزال الذاكرة الانتخابية المثقلة بالخيبات عائقاً أمام تغيير المزاج العام.

بدوره، رأى الباحث في الشأن السياسي علي الحبيب، أن انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات "سيكون له تأثير عميق وذو أبعاد متعددة على مستقبل العملية السياسية في العراق".

وأضاف الحبيب لـ"إرم نيوز" أن "تراجع الإقبال الشعبي لا يُعد مجرد رقم إحصائي، بل هو مؤشر على أزمة شرعية داخل النظام السياسي، إذ يؤدي إلى إضعاف التمثيل الحقيقي للناخبين ويُكرّس هيمنة الأحزاب التقليدية على المشهد، ما يجعل العملية الديمقراطية شكلية أكثر منها جوهرية".

وأوضح الحبيب أن "الانتخابات الحالية تواجه بيئة من فقدان الثقة والإحباط الشعبي نتيجة فشل برامج الإصلاح التي تكررت منذ احتجاجات 2016 وحتى اليوم، إضافة إلى تفاقم الفساد السياسي وعودة الخطاب الطائفي، وهو ما عمّق شعور العراقيين بأن التغيير عبر صناديق الاقتراع غير ممكن".

ويستحضر معظم الناخبين الوعود المتكررة التي لم تتحقق منذ 2005، حين أطلقت الأحزاب شعارات الإصلاح والخدمات والوظائف، لكنها بقيت حبراً على ورق، ما عزز الشعور بأن العملية السياسية لا تملك أدوات حقيقية لمعالجة الأزمات.

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC