تصل مفاوضات التهدئة في غزة إلى أمتارها الأخيرة، بعد موافقة الحكومة الإسرائيلية على خطة ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، وانتظار ردّ نهائي من حركة حماس يُتوقع أن يكون مساء اليوم السبت.
ومع تأكيد حماس، حسب مصادر إعلامية مقرّبة منها، أن الردّ سيكون منسجمًا مع "مطالب الشعب الفلسطيني، وبما يحقق وقف الإبادة"، ثمة تقديرات أن الحركة قد تُقدم على تقديم تنازلات لم تقبل النقاش فيها سابقًا، وكانت من "المحرّمات" مع وصول الضغط العسكري الإسرائيلي إلى أعلى مستوياته.
ولا تبدو حماس، قبل ساعات من ردّها المتوقع، في وضع سياسي أو عسكري مثالي، بحسب الكاتب والمحلل السياسي، رجا طلب، الذي يرى أن الحركة في وضع مناقض تمامًا لما كانت في أوقات سابقة من الحرب.
ويُدلل رجا طلب في تصريح لـ"إرم نيوز" على الوضع غير المثالي لحماس، بأنها تُناقش حاليًا مقترحًا يُنسب إلى مبعوث ترامب، مستدركًا أن المقترح قد جرت عليه تعديلات وضعها وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، أخرجت الصيغة الأولية من مضمونها الأول الذي كان من الممكن أن تقبل به حماس.
ولا تنص الصيغة الحالية التي أصبحت "إسرائيلية بالكامل" وفق تعبير رجا طلب، على إنهاء الحرب أو انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، كما لا تتطرق كذلك لموضوع الإعمار، ما يجعلها "صيغة استسلام".
ويرى طلب أنه وفق تلك المعطيات، هناك افتراض أن ترد حماس بالرفض، مستدركًا أن الحركة قد تقبل بما رفضته سابقًا بسبب "ضغط الشارع الغزي" الذي أصبح غير قادر على تحمل المزيد من أعباء الحرب، مع تزايد دلالات التذمر في القطاع.
كما تواجه الحركة ضغوطًا من فصائل أخرى في غزة تشاورت معها حماس في المقترح، وكلها أعطت نصائح بقبول الصيغة الأخيرة بما فيها من تعديلات، وفق رجا طلب، الذي يرجّح أن حماس ستحاول خلال اللحظات الأخيرة "تعديل ما تستطيع تعديله"، لتمديد فترة التفاوض على وقف الحرب خلال الهدنة.
إلا أنه يستدرك أن هذا مستبعد، خصوصًا مع "أجواء النصر" في تل أبيب والتي عبّرت عنها جلسة الكابينت، يوم الجمعة، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تبادل التهاني من الوزراء على نتائج الضغط العسكري على حماس، في مؤشر يذهب فيه رجا طلب إلى إمكانية قبول الحركة "الصيغة الإسرائيلية" للمقترح الأمريكي.
ويخلُص إلى القول إن حماس إذا قبلت المقترح فسيكون قبولًا متأخرًا و"مكلفًا جدًا بعد هذه الفترة الزمنية"، مضيفًا في المقابل أن الحركة "في وضع لا تُحسد عليه، وخياراتها كلّها مُرّة".
في المقابل، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي، علي حمادة، أن حماس قد ترفض المقترح الأخير، في الساعات الأخيرة، لقوله إنها "تبحث عن وسيلة للبقاء أو الإبقاء على وجودها وحرية حركة نسبيًا داخل قطاع غزة بعد الحرب".
ويضيف في تصريح لـ "إرم نيوز" أن حماس تُريد إنهاء الحرب، "لكن مع رفع شارة النصر من بين الركام، والقول إنه رغم كل شيء استطاعت الحركة أن تنفذ بجلدها أو ما تبقى من جلدها في هذه الحرب الكبيرة والدموية".
ويعتقد علي حمادة أن "ما يهم حماس أن يبقى التنظيم الإطاري والسياسي للحركة، وكذلك قدراتها العسكرية حتى لو كان معظمها قد دُمّر"، معتبرًا أن مجرد البقاء في القطاع هو انتصار بحد ذاته بالنسبة لها".
والمطروح أمام حماس، دوليًا وأمريكيًا وإسرائيليًا، هو خروج ما تبقى من قيادات الصف الأول في حماس إضافة إلى الصف الثاني، وهو أمر يستبعده علي حمادة تمامًا، لافتًا إلى أن الحركة تريد إطالة الحرب، وهذا ما يخدم وفق رأيه هدف نتنياهو الذي يسعى لأن تعلن حماس استسلامها بالكامل.
ويخلُص إلى أن التنازلات التي تقدمها إسرائيل وحماس "تكتيكية"، لاعتقاده أن الطرفين غير ناضجين من أجل الوصول إلى حل يُنهي الحرب، ويعطي إشارة البدء للمرحلة المستقبلة، وهي إعادة بناء وتشكيل قطاع غزة بأسس مختلفة عما سبق.