logo
العالم العربي

واشنطن تطوي "صفحة الحرب".. ماذا يعني إلغاء تفويض استخدام القوة ضد العراق؟

قوات أمريكية في العراقالمصدر: yandex.com

لاقى قرار الكونغرس الأمريكي إلغاء تفويضي استخدام القوة العسكرية ضد العراق لعامي 1991 و2002 ترحيباً واسعاً في الأوساط الرسمية والسياسية العراقية، باعتباره خطوة تحمل أبعاداً قانونية وسياسية تؤسس لمرحلة مختلفة في طبيعة العلاقة بين بغداد وواشنطن بعد أكثر من 3 عقود على حقبة الحروب والتدخلات العسكرية المباشرة.

وألغى الكونغرس تفويضي استخدام القوة العسكرية ضد العراق ضمن مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026، شمل التفويض الصادر عام 1991 إبان حرب الخليج، الذي أتاح للرئيس الأمريكي استخدام القوة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بإخراج القوات العراقية من الكويت، إلى جانب تفويض عام 2002 الذي منحت بموجبه الإدارة الأمريكية آنذاك صلاحيات واسعة لشن الحرب على العراق قبيل الغزو.

وعلى الرغم من انتهاء العمليات العسكرية وسقوط النظام السابق عام 2003، ظل التفويضان ساريين قانونياً لأكثر من عقدين، قبل أن يُصار إلى إلغائهما في خطوة وُصفت بأنها تهدف إلى إنهاء الإرث القانوني للحرب، وإعادة ضبط الإطار القانوني للعلاقة بين بغداد وواشنطن.

أخبار ذات علاقة

شياع السوداني وغوتيريش

من يملأ الفراغ؟.. العراق نحو مرحلة مغايرة بعد انتهاء مهمة "يونامي"

ترحيب عراقي

وقالت وزارة الخارجيّة العراقيّة في بيان: إن "استكمال مراحل إلغاء تفويضي استخدام القوّة العسكريّة المذكورين، اللذين مضى عليهما أكثر من 30 عاما، يشير إلى تغير قناعات المشرعين الأمريكيين لعددٍ من الاعتبارات الداخلية والخارجية، كما يعد هذا الإلغاء نقطة تحول جوهرية في تغيير الطابع القانوني للعلاقة بين البلدين، ويؤسس لشكل جديد من العلاقات قائم على احترام سيادة العراق وإنهاء إرث الحرب، فضلًا عن تعزيز إطار الشراكة الاستراتيجيّة، بما يبعث برسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أنّ العراق أصبح بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار".

وأضافت أن "إلغاء تفويضي استخدام القوّة العسكرية لا يقوض جهود مكافحة الإرهاب؛ إذ إن تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2001، الخاص بمكافحة الإرهاب والصادر عقب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، لمواجهة تهديدات تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى المرتبطة به، لا يزال نافذًا".

التحرك الأمريكي في الداخل العراقي

ويشير مختصون إلى أن إلغاء التفويضين لا يعني بالضرورة انسحاباً فورياً أو تغييراً آنياً في طبيعة الوجود الأمريكي، لكنه يُغلق الباب قانونياً أمام أي استخدام منفرد للقوة العسكرية ضد العراق دون العودة إلى الكونغرس الأمريكي بشقيه، وهو ما يعزز من موقع العراق كدولة ذات سيادة في معادلة العلاقات الدولية.

كما قُرئ القرار على أنه رسالة إلى الداخل العراقي لتبديد المخاوف المرتبطة بإمكانية عودة التدخل العسكري الأمريكي المباشر، وإلى المجتمع الدولي لتأكيد أن العراق بات يدار ضمن منطق الدولة، لا ساحة مفتوحة للحروب.

وفي هذا السياق، قال مستشار رئيس الوزراء العراقي عائد الهلالي إن "قرار الولايات المتحدة إلغاء تفويضي استخدام القوة العسكرية ضد العراق لعامي 1991 و2002 يمثل نقطة تحوّل حقيقيّة في مسار العلاقة بين البلدين، وينهي عمليا حقبة الاحتلال، ويفتح الباب أمام عهد جديد قائم على الشراكة الاستراتيجيّة والاحترام المتبادل".

أخبار ذات علاقة

جنود أمريكيون في العراق

مسؤول أمريكي لـ"إرم نيوز": قواتنا في العراق باقية إلى "أجل غير مسمى"

دلالة التوقيت

وأضاف الهلالي لـ"إرم نيوز" أن "التوقيت يحمل دلالات مهمة، في ظل سعي واشنطن إلى تقليص أعباء الحروب الخارجية، والتركيز على أولوياتها الاستراتيجية، فيما يُقدم العراق اليوم كشريك واعد قادر على بناء علاقات اقتصادية واستثمارية متوازنة مع الولايات المتحدة".

وأشار إلى أن "الدبلوماسيّة العراقية نجحت خلال الفترة الماضية في تحسين صورة العراق دولياً، وتعزيز موقعه كشريك موثوق؛ وهو ما انعكس في هذا القرار الذي يحمل مكاسب سياسية وأمنية واقتصادية للعراق، ويعزز علاقاته مع محيطه العربي والإقليمي، ودوره ضمن التحالفات الدولية".

ورغم الترحيب الواسع، يرى مراقبون أن الأثر العملي للقرار قد يكون محدوداً على المدى القصير، خصوصاً مع استمرار النقاشات حول إعادة تموضع القوات الأمريكية، وطبيعة الدور الذي تلعبه في ملفي الأمن الجوي ومكافحة الإرهاب.

ويحذّر بعض الباحثين من أن إلغاء التفويض قد يطرح تحديات تتعلق بقدرة العراق على حماية أجوائه، في ظل اعتماد منظومة الأمن الجوي بشكل كبير على الدعم الأمريكي، ما قد يدفع بغداد إلى إعادة تنظيم العلاقة الأمنية ضمن أطر جديدة أكثر وضوحا وتوازنا.

ما تأثيره على مكافحة الإرهاب؟

بدوره، قال الخبير العسكري رياض الجبوري إن "إلغاء تفويضي استخدام القوة العسكرية ضد العراق قد يقلص من قدرة واشنطن على تنفيذ تحركات عسكرية منفردة داخل الأراضي العراقيّة؛ ما يفرض ضرورة إعادة تنظيم هذه الجزئيات ضمن أطر قانونية واتفاقيات واضحة تحكم طبيعة الدور الأمريكي وآليات استخدام القوة".

وأضاف الجبوري لـ"إرم نيوز" أن "الولايات المتحدة كانت تستند في مراحل سابقة إلى هذين التفويضين لتبرير بعض عملياتها العسكريّة داخل العراق، من بينها الضربة التي أسفرت عن اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد الدولي عام 2020؛ ما يجعل إلغاء التفويضين عاملًا مقيدا لأي تحرك مماثل مستقبلاً دون غطاء تشريعي جديد أو تفاهمات رسمية مع الحكومة العراقية".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC