logo
العالم العربي

بعد فضيحة شركة إسبانية.. فساد الأذرع الاقتصادية للمليشيات العراقية يعود للواجهة

احتجاج سابق في محافظة الديوانيةالمصدر: (أ ف ب)

برزت إلى الواجهة، مجددًا، الأذرع الاقتصادية التابعة للميليشيات المسلحة في العراق، بعد تفجر "فضيحة" ميليشيا أنصار الله الأوفياء.

وكانت هذه الميليشيا قد تسلمت سابقًا مشروعًا عملاقًا في محافظة الديوانية، بقيمة 320 مليار دينار (نحو 244 مليون دولار)، لإعمار 42 حيًا في المحافظة، ليتبين لاحقًا أن "الشركة الإسبانية" المفترض أنها تنفذ المشروع "وهمية".

 

 

وخلال مؤتمر صحفي، عقده عضو مجلس محافظة الديوانية، طارق البرقعاوي قال إن "الشركة المحال إليها المشروع ليست إسبانية كما تدعي، ولم تنجز أي مشاريع إعمار مماثلة".

وفي الوقت الذي حاول فيه محافظ الديوانية عباس الزاملي، ثني "البرقعاوي" عن تسمية الميليشيا، أصرّ الأخير وقال إنه لن يتراجع عن كشف ما يحدث، وإنه مستعد للتضحية بحياته من أجل مدينته وأبنائها.

 

 

اقتصادات الميليشيات

وعقب ذلك انطلقت تظاهرات حاشدة في الديوانية، وقطعت الجسر المعلق الذي يجاور مبنى الحكومة المحلية بالإطارات المحترقة، مرددين شعار "كلا كلا إسبانية" احتجاجاً على فشل الشركة المكلفة بتعبيد الطرق، مهددين بـ"تشرين جديدة" مالم تنفذ مطالبهم.

وأعادت تلك الحادثة فتح ملف "اقتصادات الميليشيات" مجددًا إلى الواجهة، حيث تعتمد هذه الاقتصادات على شركات وهمية أو تابعة لتلك الأحزاب، تدخل المناقصات والمزايدات للحصول على المشاريع باستخدام نفوذها السياسي والأمني، ومن ثم تستغل تلك المشاريع لتحقيق مكاسب مالية ضخمة دون تنفيذها بالشكل المطلوب.

وغالبًا ما يتم تسجيل هذه الشركات بأسماء وهمية أو أشخاص مقربين من قيادات الأحزاب، لتجنب المساءلة القانونية، ما يعكس – وفق مختصين - حجم التداخل بين المصالح السياسية والاقتصادية في العراق، ويفتح بابًا واسعًا للفساد وهدر المال العام على حساب المواطنين.

أخبار ذات علاقة

شرطة مكافحة الشغب أثناء اشتباكهم مع المتظاهرين في احتجاجات سابقة

العراق.. إصابات في مظاهرة بالديوانية احتجاجا على سوء الخدمات (فيديو)

التحكم بالمشاريع

وقال الباحث في الشأن الاقتصادي سرمد الشمري، إن "ما حدث في قضية ميليشيا أنصار الله الأوفياء يكشف عن نموذج متكرر لاستغلال الأحزاب والميليشيات نفوذها في التحكم بالمشاريع الاقتصادية الكبرى في العراق، عبر شركات واجهة تفتقر إلى الكفاءة والمصداقية"، مشيرًا إلى أن "هذه الممارسات لا تؤدي فقط إلى هدر المال العام، بل تسهم أيضًا في عرقلة التطور والإعمار، وتحول دون تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين".

وأوضح الشمري لـ"إرم نيوز" أن "هذا النوع من الفساد لا يمكن فصله عن البيئة السياسية الهشة التي تسمح بتداخل المصالح الاقتصادية مع النفوذ السياسي، حيث تُستخدم المناقصات كأداة لتوزيع المكاسب على الأطراف المهيمنة، دون مراعاة الاحتياجات الحقيقية للمناطق التي تعاني من نقص الخدمات والبنية التحتية".

وأضاف أن "الحلول الجذرية لهذه الأزمة تتطلب إعادة هيكلة القوانين المتعلقة بالعقود والمناقصات، وإيجاد آليات رقابة صارمة تضمن الشفافية والمساءلة، إضافة إلى تعزيز دور القضاء لمحاسبة المتورطين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية".

ومنذ سنوات، تعمل الميليشيات المسلحة على تكريس وجودها الاقتصادي في العراق من خلال تنفيذ سلسلة من المشاريع والسيطرة على عقود ومناقصات ضخمة، حيث تقوم بتقسيم المناطق فيما بينها لضمان الهيمنة على الموارد الاقتصادية.

ويبرز في هذا السياق نموذج شركة "المهندس"، التي تُعد كيانًا تجاريًا خاضعًا لسيطرة ميليشيات ما يُعرف بـ"المقاومة العراقية" وفصائلها السياسية.

وتُشبّه شركة "المهندس" بشركة "خاتم الأنبياء" الإيرانية، المملوكة لـ"الحرس الثوري"، الذي أدرجته الولايات المتحدة على قوائم الإرهاب، وتُستخدم هذه الكيانات التجارية كواجهات لتعزيز نفوذ تلك الفصائل.

وتنتشر هذه الكيانات الاقتصادية في مختلف محافظات العراق، حيث تواجه اتهامات بالتسبب في تعثر آلاف المشاريع الخدمية والعمرانية التي تعاني من الإهمال والتوقف.

ملف حل الميليشيات

 ويرى خبراء أن الهيمنة الاقتصادية لهذه الجهات تسهم بشكل كبير في تعميق الأزمات الاقتصادية في البلاد، خاصة في المحافظات الجنوبية التي تعاني من مستويات عالية من الفقر والبطالة وتردي الخدمات الأساسية.

وقال الخبير في الشأن الأمني كمال الطائي إن "وجود هذه الميليشيات المسلحة لا يشكل خطرًا على الاقتصاد العراقي فقط، بل يهدد أيضًا استقرار الدولة وسيادتها، إذ أصبحت هذه الجماعات تمتلك قوة اقتصادية وسياسية تمكنها من فرض إرادتها على الحكومة والمجتمع".

وأوضح الطائي لـ"إرم نيوز" أن "حل هذه الميليشيات أصبح ضرورة ملحة لتحقيق الاستقرار وإعادة هيبة الدولة، خاصة مع تزايد الأزمات الناتجة عن أنشطتها غير القانونية"، مشيرًا إلى أن "التخلص منها يتطلب إرادة سياسية قوية وخطة شاملة تبدأ بتجفيف مصادر تمويلها، وتعزيز مؤسسات الدولة الأمنية والقانونية لمواجهة نفوذها".

أخبار ذات علاقة

تعبيرية

العراق.. أمر بالقبض على "زينب بنت الديوانية" بتهمة المحتوى الهابط

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC