قالت مصادر مطلعة إن الاجتماع الذي جرى في دمشق الاثنين بين الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الأمريكي توماس باراك يكشف أبعادًا تتجاوز الطابع الدبلوماسي، حيث تضمنت نقل شروط إسرائيلية "صارمة" تتضمن تجريد الجنوب السوري من السلاح من أجل التوصل لاتفاق أمني مع دمشق.
وأشارت المصادر إلى أن الرسائل من الاجتماع تركزت حول السيطرة الإسرائيلية على جبل الشيخ وما يمثله من أهمية إستراتيجية واستخباراتية، إلى جانب نقل االشروط الصارمة التي تتعلق بالجنوب السوري، وأبرزها تجريد المنطقة من السلاح وتقييد النفوذ التركي.
اعتبر الدبلوماسي الأمريكي السابق، بيتر هيمفري أن الرسالة الأولى من هذا الاجتماع تتعلق بالسيطرة الإسرائيلية على جبل الشيخ والأراضي المحيطة به في ما وصفه بـ "الاستيلاء المكشوف" على الأرض، لكن إسرائيل تبرر ذلك بملء "فراغ في السلطة".
وأضاف الدبلوماسي الأمريكي لـ "إرم نيوز" أن هذا الوضع الجديد يمنح إسرائيل "ورقة مساومة" في أي نقاشات مع الشرع، ويعزز احتلال الجولان.
وأوضح هيمفري أن الأهم من ذلك، أن جبل الشيخ هو موقع تنصّت جيد لجمع المعلومات الاستخبارية حول جنوب سوريا وحزب الله في لبنان، مشيرًا إلى أن إسرائيل استخدمت وحدة شلداغ (الوحدة 5101) الخفية، وهي وحدة نخبة تابعة لسلاح الجو، وإحدى أهم القيادات الإسرائيلية.
وبيّن أن من المحتمل أن يكون هناك موقع آخر لكشف وإسقاط أي طائرات مسيرة وصواريخ إيرانية، وهذا يشير إلى احتلال طويل الأمد، ومع اقتراب موعد مغادرة السفن الأمريكية من المنطقة، فإن إنشاء المزيد من نقاط المراقبة يصبح أولوية إسرائيلية.
واختتم الدبلوماسي حديثه بالقول إن السيطرة على جبل الشيخ كانت ستحدث على أي حال بغض النظر عن الرأي الأمريكي، معتبرًا أن لقاء الشرع وباراك كان أشبه بزيارة مجاملة.
الباحث السياسي محمد هويدي رأى أن باراك في لقائه مع الشرع نقل شروطًا إسرائيلية، وأكد أن ما من خيارات إلا الموافقة عليها، ومن بينها عدم تشكيل وتدريب الجيش السوري من قبل تركيا، وأن يكون الجنوب منطقة منزوعة السلاح، وتثبيت وقف إطلاق النار في السويداء والممر الإنساني وإبعاد الفصائل المتشددة من تلك المنطقة.
وأضاف هويدي لـ "إرم نيوز" أن إسرائيل حتى الآن لا تثق بالسلطة الحالية في سوريا، ولديها مخاوف من الفصائل المرتبطة مع تركيا، ولن تترك فرصة إلا وتستغلها لأنها تدرك حالة الضعف والهشاشة التي تعانيها حكومة دمشق، وتدرك جيدًا المشروع التركي الذي يحاول استغلال أي ثغرة لبناء منظومة مرتبطة به بشكل مباشر لإحداث تغيير في التوازنات لصالح تركيا في سوريا.
وأوضح أن هناك إصرارًا من قبل إسرائيل على تنفيذ هذه الشروط دون أي تأجيل، مع الإشارة إلى أن الاتفاقية الأمنية سيتم التوقيع عليها في الـ25 من سبتمبر/ أيلول في الأمم المتحدة.
وذكر أن الولايات المتحدة تريد توقيع هذه الاتفاقية رغم أن إسرائيل تطلب المزيد، ورغم أن الشرع يحاول الحصول على ضمانات بعدم تنفيذ اعتداء وابتعاد إسرائيل عن ملف السويداء.