رأى مصدر سوري مقرب من مراكز صنع القرار، أنه من المبكر الحكم على ما حصل خلال الأيام الثلاثة الماضية، من هجوم مفاجئ وضخم شهدته سوريا وخاصة مدن حلب وإدلب وحماة.
وشنّت فصائل مسلحة بزعامة "هيئة تحرير الشام" على مواقع الجيش السوري وحلب وريف إدلب الجنوبي، وصولاً إلى ريف حماة الشمالي.
وأشار المصدر، في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى "خطوط عريضة"حسب وصفها، تكشفت بعد 3 أيام من الهجمات المستمرة، أولها أن تركيا هي المحرك الأول لما حصل، رغم اشتراك أجهزة مخابرات مختلفة.
واعتبر المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن "خسارة حلب هي نكسة مدوية، مهما كانت المبررات، وزخم قوي للتركي في المفاوضات".
وأضاف أن "خسارة حلب بهذه السرعة مفاجئ للجميع، وحتى للمهاجمين أنفسهم، ولكل الأطراف".
وقال إن "التركي يتهرب من التبنّي المباشر، لأن القوام الأساسي لقوات المعارضة المشاركة هي "جبهة النصرة" المصنفة إرهابياً".
وأشار إلى أن "التركي يريد لفت انتباه الإيراني والروسي لوجوده، إذ إنه يرى بأنه تم إهماله وتعرض للإهانة حين رفض السوري المفاوضات ولم تستطع روسيا وإيران تغيير ذلك. أضف على ذلك أنه يريد تقديم واقع جديد بلغة ترامب "التاجر"، ويرى في اللحظة الحالية الفرصة الأفضل لتحقيقها".
وأعرب المصدر عن اعتقاده بأن "الإصرار الإيراني على اتهام إسرائيل والولايات المتحدة (فقط) دون تركيا، هو لسببين: الأول التشنج الحالي في العلاقة بينهما، والثاني مغازلة ناعمة للتركي بأن رسالتك وصلت، وسنعمل جديا لتطبيع العلاقة بين سوريا وتركيا".
ولفت إلى أن "التواصل السوري المباشر مع السعودية ومصر أولاً، هي دعوة ناعمة للمساعدة لملء الفراغ الحاصل في سوريا بعد الانسحاب التدريجي الإيراني"، مشيرا إلى أن "السعودية لا ترغب فيما يحصل، ولاترغب في التمدد التركي ومشروعه في سوريا".
ويقول المصدر إن "قوات المعارضة قوامها الأساس النصرة، وحتى اللحظة لا قيمة فعلية لهم في المفاوضات أكثر من كونهم بيادق، إذ سيتم بيعهم في مرحلة لاحقة لأنهم مصنفون بالإرهابيين ومن الصعب إدراجهم (بشكلهم الحالي) في الحياة السياسية السورية لاحقاً، وقد سبق ورغب التركي بذلك حين أراد التقرب، لكن الطرف السوري لم يستجب".
ويوضح أن "الخطأ الأكبر كان في أن دمشق لم تدعم موقفها السياسي بحضورها العسكري، وخصوصاً في مدينة عملاقة وحساسة كما في حالة حلب. أو ربما كان على الطرف السوري أن يفاوض ولو على مستوى ما دون الرؤساء".
ويعتقد المصدر أن "الرغبة في حماة المدينة حقيقية، ولكن حلب هي الهدف الأساسي، وهي كافية جداً للذراع السوري، فإما أن يفاوض أو أن يدمّر حلب في معركة استنزاف طويلة جداً قد لايحقق فيها الكثير".
لكن، وفقا للمصدر، فإن "طريقة التقدم في ريف حماة من ناحية القرى المختارة، إضافة للضخ الإعلامي المرافق لوقائع مبالغ بها وغير صحيحة أبداً ومزورة في سياق الحرب النفسية، تعني أن معركة مدينة حماة هي غالباً معركة على الورق أكثر من كونها معركة حقيقية (حتى الآن)".
ويبدو أن عدد القوات المشاركة حتى اللحظة غير كاف لتغطية المساحة وتأمينها عسكرياً، ورغم احتمال انضمام بعض الناس من تلك القرى للقوة المهاجمة، فإنهم غير مدربين كفاية لتحقيق ثقل عسكري مهم على الأرض. وخصوصاً في ظل وجود سوري في منطقة السفيرة الإستراتيجية ومحيطها، وهو ما يشكل خطراً فيما لو التف حول القوة المهاجمة أو فيما لو قرر التقدم باتجاه محيط حلب، وفقا للمصدر.
وقال إن "معركة حماة ربما ستتحول إلى معركة حقيقية وسيتم الضغط بشكل قوي باتجاهها لاحقاً فيما لو لم يتم تحقيق تقدّم سياسي في الأيام القليلة القادمة، وفيما لو استمر السوري في رفضه الجلوس على الطاولة مباشرةً مع التركي".
وبالتالي إن لم يكن هنالك (مفاجآت كبرى محضرة مسبقاً) في مناطق أخرى، فإن مانراه على الأرض هو غالبا ذروة ما تم فعله، وربما هي ذروة ما رُغب بتحقيقه (في الجولة الحالية) بانتظار المشاورات والزيارات المتبادلة التي ستحصل في الأيام القليلة القادمة بين روسيا وإيران وتركيا.
ويختم المصدر بالقول "من الواضح أنه سيكون تفاوضاً تحت النار، وقد بدأت الجولة الأولى في الحراك السياسي، مع وصول وزير الخارجية الإيراني إلى سوريا الأحد ثم إلى تركيا الاثنين".