يرى تقرير لموقع "ناشيونال إنترست"، أنه خلال 7 أشهر من توليه السلطة، أظهر الرئيس السوري، أحمد الشرع، "قوة وهشاشة معاً" في إدارة شؤون البلاد عقب 24 عاماً من حُكم نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
ونجح الشرع في إعادة صياغة صورته من جهادي مُصنّف إرهابياً، إلى رجل دولة براغماتي يُنظر إليه كأمل لتوحيد سوريا واستقرارها. وهذا التحول، المدعوم بدبلوماسية راقية، والإنهاك الدولي من الملف السوري، أكسبه تأييداً دولياً واسعاً.
وفي المقابل، ألغت الولايات المتحدة تصنيف هيئة تحرير الشام، التي كان يقودها الشرع، كمنظمة إرهابية، ورُفعت معظم العقوبات، ودعمته دبلوماسياً عبر مبعوثها توماس باراك، لكن "هذه الشرعية الدولية لم تُترجم إلى استقرار داخلي، بل كشفت عن هشاشة نظامه، وأثارت انقسامات عميقة"، بحسب "ناشيونال إنترست".
ورأى التقرير أن الإدارة الجديدة لسوريا تصرّ على "احتكار القوة"، عبر "فرض حكم مركزي صارم"، و"تجاهل دعوات اللامركزية والتعددية من قوات سوريا الديمقراطية، بقيادة الأكراد، والجماعات الدرزية المسلحة، وفي المقابل تظهر هشاشة في إدارة الملف.
وبحسب "ناشيونال إنترست"، فبدلاً من تقديم تنازلات لسد هذه الفجوات، استغل الشرع الدعم الدولي لترسيخ سلطته، معتمداً على إعلان دستوري يمنح الرئاسة سيطرة شبه مطلقة على السلطتين التشريعية والقضائية، ويمنع تشكيل أحزاب سياسية مستقلة.
ويذهب تقرير الموقع إلى أن إدارة الشرع فشلت "عبر القوة" في توحيد المكوّنات السورية، من طوائف وقوميات، كما أثارت القلق على الحريات العامة التي ميّزت البلاد لعقود طويلة، فاستقبلت مشاهد الاعتداء على حانات ومقاهٍ ردود فعل سلبية واسعة.
ومن علامات "الهشاشة" أيضاً، بحسب تقرير "ناشيونال إنترست"، أن الأحداث الدموية التي شهدتها مناطق الأقليات، كما حدث في الساحل حيث قُتل نحو 1500 علوي في مارس/ آذار الماضي، وكذلك السويداء في يوليو/ تموز الماضي، إذ فشلت القوات الحكومة في فرض سيطرتها على المحافظة ذات الأغلبية الدرزية.
ويرى تقرير الموقع أن تلك الأحداث "أضرّت بصورة الشرع دولياً وداخلياً، وزادت من عدم ثقة الأقليات، التي تشكل ربع السكان، في نظامه"، معتبراً أن ذلك سيترتب عليه تحديات سياسية هائلة، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي لا يمكن المضي بحلها "دون استقرار سياسي واجتماعي".
وتقدر تكلفة إعادة الإعمار بـ400 مليار دولار، لكن نقص ثقة المستثمرين يعيق جذب رأس المال، كما تفاقمت الأزمة بسبب موجة جفاف غير مسبوقة أدت إلى فشل 75% من محصول القمح، مما زاد من أزمة الغذاء.
وهذه الظروف، إلى جانب تفشي الجريمة والإفلات من العقاب، تهدد شعبية الشرع، التي قد تنهار بحلول نهاية العام إذا لم تتحسن الأوضاع المعيشية، بحسب تقرير "ناشيونال إنترست"، الذي يحذّر من أن استمرار إدارة الشرع في سياسة "المركزية القسرية"، قد يؤدي إلى "مقاومة أعمق وحرب أهلية جديدة".
وخلُص التقرير إلى أن البديل هو "إطلاق انتقال سياسي حقيقي يتضمن إلغاء الإعلان الدستوري، السماح بالأحزاب السياسية، والتفاوض حول اللامركزية"، مع ضرورة أن يترافق ذلك مع "عدالة انتقالية ومحاسبة على التحريض الطائفي".
كما اعتبر التقرير أن الدعم الدولي، بما في ذلك تخفيف العقوبات، يجب أن يرتبط بإصلاحات هيكلية لمنع سوريا من الانزلاق إلى دوامة جديدة من القمع والثورة، مشدداً على أنه "بدون هذه الإصلاحات، سيظل نظام الشرع قوياً ظاهرياً، لكنه هش للغاية في جوهره".