يصوّت مجلس الأمن الدولي في الـ25 من الشهر الجاري على مشروع قرار لتمديد مهمة قوة حفظ السلام في لبنان "اليونيفيل"، التي تعمل في البلاد منذ العام 1978. ويشمل المشروع، الذي قدّمته فرنسا وباشر أعضاء المجلس مناقشته، تمديد عمل القوة حتى 31 أغسطس/ آب 2026، وسط رفض أمريكي.
ويتضمن المشروع بندًا يشمل "العمل على انسحاب (اليونيفيل) بهدف جعل الحكومة اللبنانية الجهة الوحيدة المسؤولة عن الأمن في جنوب لبنان، شريطة أن تسيطر حكومة لبنان سيطرة كاملة على كل الأراضي اللبنانية".
وفي الأيام الفاصلة عن موعد التصويت، تتجه الأنظار إلى الموقف الأمريكي الرافض للتمديد، والمطالب بإنهاء مهمة القوات الدولية تمهيدًا لانسحابها خلال ستة أشهر.
وعلم موقع "إرم نيوز" من مصدر أمريكي لبناني الأصل أنّ الإدارة الأمريكية لن تستخدم الفيتو ضد المشروع الفرنسي، لكنها في المقابل لن توافق على الصيغة الحالية، وستسعى إلى إدخال تعديلات تتعلق بالمدى الزمني. إذ ستشترط تضمين القرار جدولًا زمنيًا واضحًا يحدد آلية التدرج في إنهاء عمل هذه القوات، بحيث يكون التمديد لمرّة أخيرة، إفساحًا في المجال أمام الحكومة اللبنانية لتنفيذ قرارها الأخير الصادر في الخامس والسابع من الشهر الحالي، بشأن حصرية السلاح بيدها وبسط سيطرتها على كامل أراضيها.
كما ستعمل الإدارة الأمريكية على إدخال تعديلات إضافية على المشروع، تمنح "اليونيفيل" صلاحيات تنفيذية أوسع في مهمتها المرتبطة بنزع سلاح ميليشيا حزب الله.
ولفت المصدر نفسه إلى أنّ وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي يشغل أيضًا منصب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، قد وقّع على خطة تقضي بتقليص عمل "اليونيفيل" وإنهاء وجودها خلال ستة أشهر.
وفي موازاة ذلك، تواصل إسرائيل ضغوطها لإنهاء عمل هذه القوات؛ إذ وجّه وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالة رسمية إلى نظيره الأمريكي ماركو روبيو، طالبه فيها بوقف عمل "اليونيفيل" في جنوب لبنان، معتبرًا أنّها فشلت في مهمتها الأساسية المتمثلة في منع تموضع "حزب الله" جنوب نهر الليطاني.
لبنان، من جهته، استبق مناقشات مجلس الأمن وقام بجهود دبلوماسية شملت الدول الأعضاء في المجلس والدول الصديقة، بهدف الحيلولة دون سحب القوات الدولية في هذا التوقيت الدقيق والحرج جنوبًا، نظرًا للحاجة الملحّة إلى هذه القوات في تثبيت الاستقرار ومواكبة تمركز الجيش بعد قرار الحكومة زيادة عديده في الجنوب إلى 10 آلاف عسكري.
وقد أبلغ الرئيس اللبناني هذا الموقف إلى قائد قوات "اليونيفل" الجنرال ديوداتو أبانيارا، مؤكّدًا في اتصالاته تمسّك لبنان ببقاء القوة الدولية في الجنوب طيلة المدّة التي يتطلّبها تنفيذ القرار 1701 بكامل مندرجاته واستكمال انتشار الجيش اللبناني حتى الحدود الدولية؛ باعتبار أنّ أي تحديد زمني لانتداب "اليونيفل" مغاير للحاجة الفعلية إليها سيؤثر سلبًا على الوضع في الجنوب، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمساحات من أراضيه.
يدعو مشروع القرار الفرنسي حكومة إسرائيل إلى سحب قواتها المتبقية شمال الخط الأزرق، بما في ذلك المواقع الخمسة الواقعة داخل الأراضي اللبنانية، إضافة إلى رفع المناطق العازلة المحددة شمال الخط الأزرق.
وبحسب مصادر مراقبة تحدّثت لـ"إرم نيوز"، فإن فرنسا، تفاديًا لاستخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد المشروع في مجلس الأمن الدولي، ضمّنت في نصّها ما يتقاطع مع المطالب الأمريكية، وذلك في الفقرتين الرابعة والخامسة.
إذ تدعو الفقرة الرابعة "السلطات اللبنانية إلى الانتشار في المواقع الخمسة التي تنسحب منها إسرائيل، بدعم من قوات "اليونيفيل"، وبسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية وفقًا لأحكام القرار 1559 (2004)، والقرار 1680 (2006)، والقرار 1701 (2006)، والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، بما يتيح ممارسة سيادتها الكاملة، وبما يضمن ألا تكون هناك، في أقرب وقت ممكن، أي أسلحة دون موافقة حكومة لبنان، وألا تقوم أي سلطة أخرى غير سلطة الحكومة اللبنانية".
أما الفقرة الخامسة، فتنص "على العمل باتجاه انسحاب قوات "اليونيفيل" بهدف جعل الحكومة اللبنانية الجهة الوحيدة المسؤولة عن الأمن في جنوب لبنان، شريطة أن تبسط سيطرتها الكاملة على جميع الأراضي اللبنانية، ولا سيما من خلال الدور الذي تضطلع به القوات المسلحة اللبنانية وسائر مؤسسات الأمن التابعة للدولة، على أن يتفق الطرفان على ترتيب سياسي شامل".