ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
تحاول الولايات المتحدة بين الدبلوماسية والوقائع الميدانية، تحويل الهدنة في قطاع غزة إلى واقع دائم على الأرض، لكن خطط الإعمار المبكر قد تُعيد خلط الأوراق السياسية والعسكرية في القطاع.
وكشف صحيفة "هآرتس" أنه في خطوة رمزية وعملية في آن واحد، افتتحت الولايات المتحدة مركز التعاون المدني العسكري في المنطقة الصناعية بكريات غات، بمشاركة دولية محدودة.
وذكرت أن الهدف المعلن هو الحفاظ على وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة، والإشراف على تنفيذه، ومنع الاحتكاك بين القوات المختلفة العاملة هناك، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية.
وعكس المركز، الذي دُشّن بحضور نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، والمبعوث الخاص للرئيس دونالد ترامب ستيف ويتكوف، ومستشار ترامب جاريد كوشنر، وقائد القيادة المركزية الأمريكية الأدميرال براد كوبر، بوضوح إصرار واشنطن على إدارة مرحلة ما بعد الحرب مباشرة، دون انتظار تفاهمات نهائية مع إسرائيل أو الأطراف الإقليمية.
ورغم الرمزية القوية لحضور أعلام دول غربية وعربية، لم يشارك أي مسؤول إسرائيلي في المؤتمر الافتتاحي؛ ما يعكس تباينا في الرؤى بين واشنطن وتل أبيب حول المرحلة المقبلة.
قوة الاستقرار
حتى الآن، لم تُعلن أي دولة، باستثناء إندونيسيا، استعدادها للمشاركة في "قوة الاستقرار الدولية" التي تخطط لها واشنطن لدعم الهدنة.
وقد رحّب ترامب بإعلان جاكرتا استعدادها لإرسال 20 ألف جندي، لكنّ إسرائيل أبدت قلقًا من هذه المشاركة؛ أما الدول الغربية والعربية الأخرى، فتبدي ترددا واضحا في إرسال قوات، رغم الضغوط الأمريكية المكثفة.
وأكد فانس في تصريحاته: "لن تدخل أي قوات أمريكية إلى غزة"، مضيفا أن أي وجود بري في "إسرائيل" يحتاج إلى موافقة تل أبيب، وهو تصريح أثار جدلا حول خلطه المتعمد بين غزة والأراضي الإسرائيلية.
وفيما دعا فانس إلى "الصبر" في ملف نزع سلاح حماس، أشار إلى دور "بنّاء" محتمل لتركيا، لكن دون تحديد طبيعة هذا الدور أو الإطار الذي ستعمل من خلاله أنقرة.
إعادة الإعمار
وأشارت الصحيفة إلى أن الركيزة الأكثر إثارة للجدل في التحرك الأمريكي هي نية البدء بإعادة إعمار مناطق من غزة لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية. فقد أكد كوشنر أن "هناك اعتبارات جارية في المنطقة الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي للبدء في بناء غزة جديدة، لتوفير مكان للفلسطينيين المقيمين والعمل والمعيشة".
هذه الخطة تعيد إلى الواجهة فكرة "المدينة الإنسانية" التي سبق أن ناقشتها حكومة نتنياهو وأمرت الجيش بالتحضير لها. وتشير تسريبات أمريكية إلى أن المرحلة الأولى من الإعمار قد تبدأ في مناطق مثل رفح، بوصفها "خالية من حماس وتحت السيطرة الإسرائيلية".
غير أن هذا التوجه يثير تساؤلات سياسية عميقة: فبدء الإعمار تحت سيطرة إسرائيل قد يعني ترسيخ الوضع القائم وإدامة الاحتلال الجزئي للقطاع؛ ما يُبقي أكثر من نصف غزة خارج أي عملية انسحاب محتملة لسنوات مقبلة.
وبذلك، تبدو واشنطن عازمة على تحويل الهدنة إلى أمر واقع سياسي واقتصادي، بينما تظل السيادة الفلسطينية غائبة، والمشهد الإقليمي مهيأ لجولة جديدة من التفاهمات غير المعلنة.