قالت صحيفة "فايننشال تايمز"، إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيطرة على قطاع غزة، تُعيد إلى الأذهان إعادة تشكيل قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنها تمثل تحولًا جذريًّا في استراتيجيات واشنطن تجاه المنطقة.
وأوضحت الصحيفة أن خطة ترامب لعام 2025، رغم الاختلافات في الظروف الإقليمية مقارنة بما شهدته المنطقة من حروب وصراعات، تعيد إحياء خطته السابقة لعام 2020، والتي كانت تحت شعار "السلام من أجل الازدهار" بين إسرائيل والفلسطينيين.
إلا أن هذه المرة، يبدو أن ترامب قد تراجع عن الاقتراحات السابقة التي كانت تسعى إلى حلول متكاملة، وذهب في اتجاه أكثر جرأة، يهدف إلى طرد ملايين الفلسطينيين من أراضيهم.
في عام 2020، فشلت خطة ترامب التي كانت تتضمن الاستيلاء على أراضٍ واسعة لصالح إسرائيل، وإنشاء صندوق بقيمة 50 مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة، بالإضافة إلى مقترح يقضي بجعل ضاحية فقيرة تقع بجانب القدس الشرقية عاصمةً للفلسطينيين.
تلك الخطة قوبلت بمقاطعة كاملة من الفلسطينيين؛ مما أدى إلى فشلها.
لكن هذه المرة، أكد ترامب، خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي بدا عليه الفرح العارم، أن خطته ستتضمن "السيطرة على غزة"، وتنميتها من خلال توفير آلاف الفرص الوظيفية؛ مما سيجعل المنطقة فخرًا للشرق الأوسط برمته.
وفي تصريح آخر، قال ترامب حول الفلسطينيين الذين يعتبرون غزة وطنهم: "علينا أن نذهب إلى دول أخرى تهتم بهذه القضية، ونقوم ببناء مناطق مختلفة يعيش فيها سكان غزة".
وقد أثار هذا الطرح موجة من الجدل، حيث كانت فكرة تحويل القطاع المحاصر إلى "ريفييرا على البحر الأبيض المتوسط" غير واقعية في السابق، لكنها أصبحت الآن محل نقاش داخل الدائرة المقربة من ترامب.
وتتابع الصحيفة أن الأفكار التي كانت تتطلب العمل مع الفلسطينيين لبناء توافقات وإجبار الإسرائيليين على تقديم تنازلات، قد اختفت تقريبًا، فيما تراجع ترامب عن المقترحات الرفيعة المستوى التي كان قد قدمها سابقًا، مثل خطة "السلام من أجل الازدهار".
واعتبرت الصحيفة أن هذه الخطط الجديدة تتبنى أسلوبًا أكثر جرأة، يهدف إلى تغيير جذري في الوضع القائم.
وأضافت الصحيفة أن خطة ترامب تأتي بعد 16 شهرًا من الحرب الأكثر تدميرًا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، حيث تسبب الهجوم الإسرائيلي على غزة، في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في دمار واسع بالقطاع وأدى إلى أزمة إنسانية مستمرة، حتى مع دخول المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الشهر الماضي.
ويهدد المقترح الأمريكي بتكرار "النكبة"، وهي الكارثة التي شهدها الفلسطينيون عام 1948 عندما أجبر مئات الآلاف على الفرار من منازلهم خلال حرب أسفرت عن تأسيس دولة إسرائيل.
وهو ما يرفضه سكان غزة الذين يعانون من آثار الحرب ويعملون جاهدين لتجنب تكرار تلك التجربة المأساوية.
ونقلت الصحيفة عن مطور عقاري إسرائيلي أوروبي، قوله إنه تلقى اتصالًا من صديق في البيت الأبيض استفسر فيه عن قضايا تتعلق بالاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأوضح المطور أنه فوجئ عندما طرح ترامب فكرة السيطرة على غزة وطرد الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن الاستفسارات السابقة كانت تدور حول تطوير غزة بواسطة الشركات الأجنبية، وليس عن طرد السكان.
وفي ختام المقال، نقلت الصحيفة عن ديانا بوتو، المحامية الفلسطينية التي عملت مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال جولات المفاوضات الفاشلة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قولها إن مقترحات ترامب العالية السقف قد تكون تهدف إلى تسريع المفاوضات وحث الأطراف على تقديم المزيد من التنازلات.
وأضافت بوتو أن الرسالة التي قد يوجهها ترامب قد تكون: "اضغطوا على حماس لقبول كل ما نريد تحقيقه".