تمثل عرقلة السلطات الإسرائيلية دخول مستلزمات الإيواء الخاصة بالمدمرة بيوتهم والنازحين في قطاع غزة، والتي تتمثل في الخيام والمنازل المؤقتة، اختبارا جديدا لصمود اتفاق التهدئة الموقع مع حركة حماس بوساطة دولية وإقليمية.
وبحسب الاتفاق بين حماس وإسرائيل، فإن الأخيرة ستسمح بدخول آلاف المنازل المؤقتة والخيام، والتي ستكون مخصصة لإيواء النازحين والمدمرة بيوتهم بفعل الحرب في غزة، الأمر الذي لم يحدث بالرغم من تنفيذ معظم بنود المرحلة الأولى من الاتفاق.
وبحسب حماس، فإن "جهود الإيواء وإدخال الخيام لقطاع غزة أقل من المطلوب، نظرا للدمار والكارثة اللذين سببهما الاحتلال الإسرائيلي"، مؤكدة أن أولويتها في الوقت الحالي توفير مقومات الحياة لسكان غزة، وأنها على تواصل دائم مع الجميع لتحقيق ذلك.
وفي السياق ذاته، طالب الإعلام الحكومي في غزة الوسطاء بممارسة أقصى درجات الضغط على إسرائيل لإلزامها بتنفيذ التعهدات والتسريع في تطبيق البروتوكول الإنساني، بما يضمن إدخال المواد الإغاثية والإيوائية دون قيود.
وسيلة ضغط
وقال أستاذ العلوم السياسية، رياض العيلة، إن "تأخير إدخال مستلزمات الإيواء وسيلة من وسائل الضغط على حماس، ومحاولة إسرائيلية للتنصل من أجزاء من اتفاق وقف إطلاق النار؛ ما يجعله هشا، ويكون انهياره ممكنا في أي لحظة.
وأوضح العيلة، لـ"إرم نيوز"، أن "إنهاء أزمة إيواء مئات الآلاف من الأسر يمكّن حماس من التعافي بشكل سريع، ويعيد سيطرتها على غزة"، مبينا أن ذلك يخالف المصالح الإسرائيلية التي تعمل على زيادة حالة الضعف والهشاشة التي تعاني منها الحركة.
وأشار إلى أن "إسرائيل مضطرة بسبب الضغوط الأمريكية على المضي قدما بتنفيذ اتفاق التهدئة؛ إلا أن تعطيل بعض البنود وتأخيرها لمراحل لاحقة يحقق لها امتيازا بمفاوضات المرحلتين الثانية والثالثة، ويجبر حماس على التنازل أكثر من السابق".
وأضاف "يمكن لمثل هذا الأسلوب أن يدفع حماس للانسحاب من اتفاق التهدئة مع إسرائيل وهو الأمر الذي تريده حكومة الأخيرة من أجل استئناف القتال، والتخلص من الضغوط التي تُمارس عليها داخليا وخارجيا لوقف الحرب".
وبيّن أن "حماس ستكون مضطرة للصمت وممارسة ضغوط على الوسطاء من أجل دفع إسرائيل نحو تقديم تسهيلات في إطار المتفق عليه"، مشددا على أن الحركة لن تتخذ قرارا بالانسحاب من الاتفاق أو تجميد العمل به.
مخطط التهجير
ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين، أن "عرقلة دخول مستلزمات الإيواء يمثل أصعب اختبار للتهدئة بين حماس وإسرائيل"، لافتا إلى أنه يأتي في إطار المخطط الإسرائيلي الأمريكي لتهجير سكان القطاع.
وقال جبارين، لـ"إرم نيوز"، إن "عملية تهجير السكان تتطلب الحيلولة دون حصولهم على المقومات الأساسية للحياة، بما في ذلك الخيام ومراكز الإيواء والكرفانات المعدة للسكن"، مشددا على أن ذلك سيزيد معاناة السكان.
وزاد "هذه المعاناة تساعد على تمرير مخططات التهجير الطوعية بسهولة أكبر، وهو الأمر الذي يظهر جليا في عودة آلاف العائلات من شمال القطاع لجنوبه بسبب عدم وجود أدنى مقومات الحياة"، مبينا أن الفلسطينيين لن يجدوا خيارا آخر إلا الهجرة لخارج القطاع.
واستكمل "إسرائيل تعرقل إدخال مستلزمات الإيواء بموافقة أمريكية، وخطط إدارة دونالد ترامب هي الداعم الأساسي لحكومة بنيامين نتنياهو من أجل عرقلة الاتفاق وتعطيل جزء كبير من بنوده"، مبينا أن ذلك سيصعب مهمة المفاوضات للمرحلة الثانية من الاتفاق.