كشف مصدر لبناني مطلع، لـ"إرم نيوز"، أن ميليشيا "حزب الله" تدرس عدة خطط في الفترة الراهنة، لتحويل الأنظار عنها بشأن مسألة نزع سلاحها، مؤكدًا أنه "بالتزامن مع حشد الجيش الإسرائيلي لقواته في الجبهة الشمالية، يستعد حزب الله لحرب طويلة مع إسرائيل في جنوبي لبنان، وسط تحليق لطيران إسرائيلي في سماء بيروت يوميًا".
وتُثار تساؤلات جمة بين أوساط الخبراء حول مدى إمكانية الجيش اللبناني فرض سيطرته على حزب الله، بسبب معاناته (الجيش) من نقص في التجهيزات والتمويل، وانقسامه الطائفي والداخلي.
وأوضح المصدر أن "حزب الله يعمل حالياً على رفع جهوزيته العسكرية إلى مستويات كبيرة، وحجز غالبية عناصره في مواقعهم الميدانية، في الوقت الذي ترفض فيه إسرائيل الانسحاب من قرى في جنوبي لبنان رغم مرور أشهر على اتفاق وقف إطلاق النار".
وتدل المعلومات، بحسب المصدر، على أن "الحزب يبلور استراتيجية عسكرية جديدة تعتمد على التصعيد التدريجي، لا سيما أن ترسانته رغم تعرضها لضربات موجعة، إلا أنها لا تزال قادرة على إطلاق آلاف الصواريخ يومياً".
بحسب المصدر المطلع، "يواجه حزب الله معضلة استراتيجية متشابكة، فإما المواجهة العسكرية المباشرة مع الجيش اللبناني، ما يعني حرباً أهلية مدمرة، وإما فتح جبهة مع إسرائيل، رغم أن قدرات الحزب العسكرية باتت محدودة بعد خسارته لخطوط الإمداد الإيرانية عبر سوريا".
وأشار إلى أن "حزب الله يلجأ حالياً إلى المناورة السياسية والمماطلة الزمنية، وشراء الوقت من خلال المفاوضات وإشراك حلفائه السياسيين في تعطيل تنفيذ القرار".
وتابع المصدر أنه "رغم كل الضغوط من الإدارة الأمريكية، ومجمل الجهود الدبلوماسية في منطقة الشرق الأوسط، من أجل تنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله، تستغل الميليشيا حالة الضعف التي يمر بها الجيش اللبناني والحكومة، التي لم تمارس جهداً نوعياً بعد".
وأكد أن "حضور علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، في المشهد السياسي اللبناني محل شك من جديد، لا سيما بقوله إن إيران تدعم الدولة اللبنانية والمقاومة، ما يعني أن مسألة ترك السلاح خط أحمر بالنسبة لطهران نفسها، الأمر الذي يزيد من قوة الحزب ولو معنوياً".
وأضاف المصدر: "يأتي ذلك مع خطاب نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، وتأكيده، قبل أيام، تمسّك الميليشيا بخيار السلاح، متهماً الحكومة اللبنانية بأنها ارتكبت خطيئة بطرح نزع سلاح حزب الله".
تعليقاً على هذه المعلومات، قال الخبير السياسي اللبناني علي غندور إن "لبنان يشهد اليوم منعطفاً تاريخياً غير مسبوق منذ عقود، وحزب الله لا تهمه مصلحة لبنان في شيء باستثناء مناطق وجوده، فهو لا يعلم أن البلد كلها آيلة للدمار، في حال أخطأ الحزب وفجر كل الألغام السياسية والعسكرية"، على حد تعبيره.

وأوضح غندور أن "لبنان منذ أيام يعيش حالة من الرعب، لا سيما العاصمة بيروت وخارجها، إذ يسود تحليق مكثف ومنخفض للدرونز ذات الصوت العالي ما بين الساعة السادسة والنصف صباحاً وحتى الواحدة ظهراً، حيث يضطر الأهالي إلى إغلاق النوافذ والعيش في حالة من الرعب، تزامناً مع إحياء الذكرى الأولى لاغتيال الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله، وأيضاً أحداث صخرة الروشة المثيرة للجدل".
وأكد أن "هذه إشارات إسرائيلية واضحة إلى نعيم قاسم ولاريجاني، اللذين يصعدان ضد العدو الإسرائيلي، مع سريان مخاوف من أن التعايش مع سلاح حزب الله يؤدي إلى إرساء مفهوم الأمن الذاتي للجنوب".
وشدد غندور على أن "مسألة نزع سلاح جنوبي الليطاني، كما يراه الحزب، لا يمكن أي نقاش حوله، لأن الميليشيا تعد ترسانته العسكرية ضمانة لوجوده السياسي والاجتماعي".
وكانت الحكومة اللبنانية وافقت، في أغسطس الماضي، على خطة وضعها الجيش اللبناني لنزع سلاح "حزب الله" بحلول نهاية العام الجاري، إثر حرب مدمرة مع إسرائيل أنهكت الحزب قيادياً ولوجستياً.
وتعتمد خطة بيروت على مسار زمني وعدة مراحل، تبدأ بوقف أي عمليات عسكرية فوراً، وتسليم الأسلحة الثقيلة والصواريخ بعيدة المدى إلى الجيش اللبناني تحت إشراف دولي، ثم نزع الأسلحة المتوسطة والخفيفة من المناطق السكنية، وتختتم الخطة بحل البنية العسكرية للحزب وإدماج عناصره المدنيين في مؤسسات الدولة.