"رويترز": أمريكا لم توافق بعد على أي مساعدات لأفغانستان بعد الزلزال

logo
العالم العربي

الجنوب الليبي يؤجج الصراع بين فرنسا وإيطاليا على النفوذ والطاقة

الجنوب الليبي يؤجج الصراع بين فرنسا وإيطاليا على النفوذ والطاقة
مصفاة نفط في ليبياالمصدر: (أ ف ب)
08 مايو 2025، 7:29 ص

عندما تتحدث فرنسا عن الجنوب الليبي، فإنها تسعى لاستعادة المجد المفقود في الساحل الأفريقي، بينما إيطاليا تتلمس طريقها من هذه المنطقة المسماة "فزان" الغنية بموارد الطاقة لضبط قوافل المهاجرين مبكرًا في الصحراء؛ ما أعاد الحرب الباردة بين باريس وروما في هذا البلد إلى الواجهة.

واحتدم التنافس الدولي على الجنوب الليبي بما يشكله من ثقل استراتيجي وجغرافي لإعادة التموضع السياسي في أي خريطة تسوية مرتقبة للسلطة، عبر تسابق قوى غربية لعقد اتفاقيات مع السلطات الليبية في شرق وغرب البلاد والتقرب من مكوّن التبو والطوارق.

 

وعانت المنطقة الهشة في الجنوب منذ تفجر الاضطرابات عام 2011 توترات واسعة، وصراعات قبلية إلى جانب تغلغل الجماعات المتطرفة والمتمردين السودانيين والتشاديين الذين استغلوا هشاشة الوضع الأمني، قبل أن تهدأ الأوضاع نسبيًّا بعد تجربة مرزق في المصالحة الوطنية بين العرب والتبو، وهي المدينة الواقعة أقصى الجنوب 1000 كلم عن العاصمة طرابلس وصارت تقدم كنموذج واعد لمحاولات ترسيخ السلام المجتمعي وكنجاح سمح بعودة آلاف النازحين إلى منازلهم.

وتقع هذه المناطق على خطوط تماس مع تشاد والنيجر والسودان، ما جعل السيطرة عليها مسألة مركزية في جهود تعزيز الأمن القومي، فقد عزز الجيش الليبي حضوره الأمني بعدما أطلق عملية عسكرية موسعة في مدينة القطرون، استهدفت مواقع للمعارضة التشادية وعصابات التهريب.

ورغم الحضور العسكري الطفيف للمدربين الإيطاليين في غرب ليبيا، مقابل بحث الفرنسيين عن موطئ قدم في البلد، فإن التنافس بينهما عبر تنفيذ "مشاريع ناعمة" في الجنوب دفع بالسكان إلى التساؤل حول أهدافهما الخفية، ولا سيما وأن شركتي "إيني" الإيطالية و"توتال إنرجيز" الفرنسية، تستثمران في ليبيا منذ عقود ويتسابقان على اقتناص مزيد من الرقع غير المكتشفة من الغاز والنفط في فزان.

أخبار ذات علاقة

77fb504c-4f2b-4247-84a2-9936bc77c548

"إعلان فزان" يفتح باب عودة ليبيا للفيدرالية

 

والأبعد من ذلك، أن أهداف الطرفين اللذين ينافسان روسيا وتركيا وهما دولتان تمكنتا من التمدد في الأراضي الليبية منذ وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، أخذت أبعادًا مشبوهة، فقد كشف موقع "أنتلجنس" الفرنسي مؤخرًا، عن إعادة إيطاليا ترتيب مشروع توطين المهاجرين في جنوب ليبيا بشكل سري، بعدما أثار مشروعها السابق غضبًا في البلاد، عملت على استبدال تسمية المهاجرين من مشروعها الذي أصبح يعرف الآن باسم "تعزيز ريادة الأعمال لدى المزارعين" في بلديات سبها ومرزق وأوباري وغات.

والاسبوع الماضي، قدمت الحكومة الإيطالية 60 آلة زراعية حديثة إلى وزارة الحكم المحلي بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة قالت إنها لدعم ريادة الأعمال في بلديات جنوب ليبيا، وذلك في إطار تعزيز التعاون الدولي لدعم الاقتصاد المحلي، بحسب وزارة الحكم المحلي الليبية.

أما فرنسا فترى نفسها صاحبة إرث تاريخي في الجنوب الليبي الثري بالنفط والمعادن النادرة والطاقات البديلة، وذات الامتداد الجغرافي الواسع الذي جعل منها بوابة الصحراء الكبرى، وهي التي أقامت حكمًا ذاتيًّا في فزان ما بين 1950 و1956 لضمها إلى مستعمراتها الأفريقية المجاورة في الجزائر والنيجر وتشاد، وبعد تدخلها العسكري عام 2011 اعتمدت على قوى قبلية محلية لها امتدادات في دول الجوار الأفريقي موالية لفرنسا في النيجر ومالي قبل أن يتم طردها وتحاول اليوم العودة عبر قاعدة اللويغ العسكرية في أقصى الحدود الجنوبية الليبية.

وعلق الناشط السياسي من الجنوب الليبي حسن أغ بركة في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "الجنوب غني بالنفط، والمياه الجوفية، ومعبر جغرافي مهم يربط بين الساحل والعمق الأفريقي؛ ما جعله تحت أعين القوى الدولية"، لافتًا إلى أن استغلال مشاريع التنمية كغطاء للمراقبة أو التغلغل الاستخباراتي أمر أصبح معروفًا، لكن ما يثير امتعاض بركة سياسة التعامل مع هذه المنطقة المهمشة منذ عقود، ولا سيما مكوّن الطوارق، الذي يملك هوية تاريخية قوية؛ ما جعل المنطقة مركز اهتمام وتدخل خارجي، وأضاف أنهم "ليسوا راضين على شكل الحضور والتمثيل في المشهد السياسي سواء من خلال الأمم المتحدة أو حتى داخل الأطر الحكومية الليبية".

وبيّن الناشط أن حضور سكان الجنوب الليبي في العملية السياسية غالبًا ما يكون رمزيًّا، بل مجرد ديكور حتى يظهروا أن كل الأطراف ممثلة، لكن من حيث الفعل والتأثير الحقيقي، غالبيتهم مثل الطوارق شبه مغيبين.

لكن روسيا منافسة فرنسا وإيطاليا سبقتهما بخطوات، فبناء على ما كشفه مركز "جيمس تاون" الأمريكي الاستخباراتي في ورقة بحثية نشرت يوم الـ17 من أبريل/ نيسان الماضي عن تقارب يحاول عقده الروس مع المجتمعات القبلية المحلية في فزان لتشكيل تحالفات جديدة.

وتُهيمن قبيلة التبو على المنطقة المحيطة بقاعدة معطن السارة العسكرية، ولها امتدادات لمناطق تشاد والسودان والنيجر، والذين نزحوا من الكفرة في أربعينيات القرن التاسع عشر على يد منافسيهم العرب، قبيلة الزوية. وأكد المركز محاولة الروس كسب ود الجماعتين؛ إذ إن التحالف مع إحداهما ضد الأخرى من شأنه أن يُسبب اضطرابات وانعدام أمن غير مرغوب فيهما.

أخبار ذات علاقة

e922b752-4d63-4ec5-ab9c-c28906f2a5fe

جون أفريك: تحالف التبو والطوارق يهدد سلطة العسكر في النيجر

 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC