logo
العالم العربي

من الجو إلى الأنهار.. شبكات تهريب المخدرات عبر سوريا تختبر الأمن العراقي

جنديان عراقيان بجوار مخدرات تم إحباط تهريبها من سورياالمصدر: واع

تواجه القوات العراقية تحدياً أمنياً متصاعداً مع تغير أساليب شبكات تهريب المخدرات، التي لم تعد تعتمد الطرق البرية التقليدية، بل انتقلت إلى وسائل أكثر تعقيداً تمتد من الجو إلى المجاري المائية والمسارات الوعرة، في محاولة لتجاوز التحصينات والإجراءات الأمنية المشددة على طول الحدود مع دول الجوار.

وخلال الفترة الأخيرة، سجلت الأجهزة الأمنية تطوراً لافتاً في طبيعة محاولات التهريب، بعد إحباط أكثر من عملية لنقل كميات كبيرة من المواد المخدرة باستخدام بالونات هوائية عبر الحدود الغربية والجنوبية، وهو أسلوب غير مسبوق يؤشر على حجم التكيف الذي تبديه العصابات المنظمة في مواجهة الرقابة الأرضية.

وتمكنت قوات الحدود العراقية مطلع الشهر الجاري، من ضبط شحنات مخدرة كبيرة كانت محمولة بواسطة بالونات هوائية في مناطق متفرقة، من بينها الحدود الغربية لمحافظة الأنبار، مع سوريا، وحدود محافظة ميسان مع إيران، حيث جرى العثور على عشرات الآلاف من الحبوب المخدرة داخل أكياس معدة للنقل الجوي.

أخبار ذات علاقة

كميات مصادرة من الكبتاغون

العراق يُحبط تهريب 400 ألف حبة كبتاغون من سوريا (فيديو)

وقالت قيادة قوات الحدود إنها أحبطت تهريب نحو 20 كغم من المخدرات عبر بالون هوائي في محافظة الأنبار.

ووفقاً لبيان رسمي، فإنه "تم العثور على 98 كيساً داخلها 1000 حبة مخدرة لكل كيس، حيث جرى ضبط المواد المهربة وفق الأصول القانونية".

وفي يونيو الماضي، قالت وزارة الداخلية العراقية، إنها أحبطت تهريب 400 ألف حبة مخدرة عبر نهر الفرات في منطقة الباغوز.

وأشارت إلى أن "العملية جاءت بعد رصد عبر الكاميرات الحرارية، حيث كانت المواد المهربة مخفية داخل (جليكانات بلاستيك) محكمة الإغلاق".

ويرى مختصون أن هذه الأساليب تكشف انتقال التهديد من مجرد خرق أمني محدود إلى نمط تهريب مركب، يعتمد على الاستطلاع المسبق، واختبار جاهزية القوات الماسكة للقواطع، ومعرفة نقاط الضعف في منظومات المراقبة، ما يفرض – وفق مختصين - على الأجهزة العراقية إعادة تقييم أدواتها الدفاعية، خاصة في ما يتعلق بالرصد الجوي والإنذار المبكر.

 

وسائل خفية

وفي هذا السياق، قال الخبير في الشؤون الأمنية عبدالغني الغضبان إن "محاولات التهريب لم تعد تعتمد الطرق المعروفة، بل تحولت إلى وسائل خفية تمتد من السماء إلى الأنهار، مستفيدة من التضاريس وتطور أدوات الجريمة المنظمة".

وحذّر من أن "العراق تحول من بلد عبور إلى بلد استهلاك، وهو ما يجعل الملف أكثر خطورة من أي وقت مضى".

وأضاف الغضبان لـ"إرم نيوز" أن "الخطر لم يعد يهدد الحدود فقط، بل يضع المجتمع أمام تحد مزدوج يتمثل بحماية المنافذ وحماية الشباب".

وأكد أن "انتشار المخدرات يؤدي إلى تفكك اجتماعي واضح، وارتفاع في معدلات الجريمة، والانتحار، والانحرافات السلوكية التي لم تكن مألوفة في المجتمع العراقي".

وأوضح أن "المواجهة لا يمكن أن تقتصر على ضبط الشحنات، بل يجب أن تبدأ من السيطرة على منابع التهريب، ومعاقبة التجار والمروجين، بالتوازي مع معالجة المتعاطين، وإعادة تأهيلهم".

وشدد على أن "النجاح الأمني يفقد قيمته إذا لم يُستكمل بمعالجة اجتماعية وصحية حقيقية".

أرقام "مرعبة"

وتشير بيانات رسمية إلى تصاعد لافت في نشاط شبكات المخدرات خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ جرى تفكيك 230 شبكة لتجارة المخدرات داخل البلاد، بينها 27 شبكة دولية ذات امتدادات عابرة للحدود.

وبحسب الأرقام نفسها، ألقت المديرية العامة لشؤون المخدرات في وزارة الداخلية القبض على نحو 43 ألف متهم بتهم الاتجار أو الحيازة، من بينهم 150 تاجراً أجنبياً، فيما شهد النصف الأول من العام الحالي اعتقال 284 تاجراً محلياً ودولياً وضبط أكثر من 3 أطنان من المواد المخدرة، فيما بلغ عدد المحكومين في قضايا المخدرات حتى الآن 2,663 شخصاً.

أخبار ذات علاقة

الأمن السوري يضبط حبوب كبتاغون بعد سقوط الأسد

بعد سقوط الأسد.. مافيا "الكبتاغون" تتكيف مع المشهد الجديد

من جانبه، أكد اللواء والخبير في الشؤون الاستراتيجية جواد الدهلكي أن "لجوء شبكات المخدرات إلى استخدام البالونات الهوائية يُعد أسلوباً جديداً جاء بعد تشديد الإجراءات الأمنية".

وبين أن "هذا النمط لا يهدف فقط إلى نقل المواد المخدرة، بل يتقاطع مع محاولات جمع معلومات عن انتشار القطعات ومواقع المراقبة".

وأضاف الدهلكي لـ"إرم نيوز" أن "هذا النوع من النشاط يعتمد على إدارة أرضية مسيطرة، ويشير إلى وجود عامل دولي أكثر سرية في التخطيط والتنفيذ".

ولفت إلى أن "غياب منظومات الرصد الجوي المتطورة يجعل اكتشاف هذه الوسائل أكثر تعقيداً".

وأشار إلى أن "العراق بحاجة ماسة إلى منظومة رادار حديثة قادرة على كشف الأهداف الصغيرة والبطيئة، خاصة مع تطور أساليب التهريب".

وكشف أن "وزارة الدفاع أنهت إجراءات التعاقد على منظومات متقدمة لتدريب الكوادر العراقية على تشغيلها مطلع عام 2026". 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC