logo
العالم العربي

بين "الصرامة والحوار".. هل تحسم فرنسا أزمة علاقاتها مع الجزائر؟

بين "الصرامة والحوار".. هل تحسم فرنسا أزمة علاقاتها مع الجزائر؟
العلمان الفرنسي والجزائريالمصدر: (أ ف ب)
21 أغسطس 2025، 4:48 م

يرى خبراء أن فرنسا، الغارقة في أزمة دبلوماسية متصاعدة مع الجزائر، قررت هذه المرة انتهاج سياسة الصرامة في محاولة لاستعادة زمام المبادرة.

واعتبروا أن "هذه المقاربة التي اختارها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعكس ازدواجية لافتة في السياسة الفرنسية: بين منطق العقوبات والتشدد، ومنطق الحوار والبراغماتية".

ويذهب محللون إلى أن "خيار ماكرون قد يكون موجهاً أكثر إلى الداخل الفرنسي، لإرضاء الرأي العام والتيارات اليمينية، بدلاً من كونه توجهاً عقلانياً على المدى الطويل في العلاقة مع الجزائر، الشريك الاستراتيجي في ملفي الطاقة والهجرة".

أخبار ذات علاقة

تعبيرية

الجزائر.. 12 إصابة بحادث اصطدام حافلة في وهران

 

الأزمة مع الجزائر

وقالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية إن "باريس قررت انتهاج سياسة أكثر تشدداً تجاه الجزائر، في حين تُفهم حزمة العقوبات التي يريدها ماكرون على الضفة الأخرى من المتوسط كاصطفاف من رئيس الدولة إلى جانب أنصار الخط المتشدد، الذي يجسّده وزير الداخلية برونو ريتايو، في مواجهة دعاة الحوار الذين يمثّلهم وزير الخارجية جان-نويل بارو".

ومنذ صيف 2024، دخلت العلاقات بين باريس والجزائر مرحلة شديدة التوتر، إذ وقعت سلسلة من الحوادث والملفات العالقة، لتزداد العلاقات الثنائية تدهوراً.

في هذا السياق، جاءت مبادرة الرئيس ماكرون في 6 أغسطس/آب 2024، التي تضمنت، وفق رسالة نشرتها "لوفيغارو"، دعوة لرئيس الوزراء إلى العمل "بمزيد من الحزم والعزم تجاه الجزائر".

إجراءات غير مسبوقة

وللمرة الأولى منذ وصوله إلى قصر الإليزيه، اختار ماكرون نهج القوة مع الجزائر، فقد دعا إلى تعليق اتفاق 2013 الخاص بإعفاء حاملي الجوازات الدبلوماسية والرسمية من التأشيرات، واستبدال نحو 60 موظفاً قنصلياً فرنسياً، واشتراط اعتماد القناصل الجزائريين الجدد في فرنسا بعودة التعاون الكامل في ملف الهجرة.

وقال أستاذ العلاقات الدولية المرموق في معهد الدراسات السياسية بباريس، برتران بديع: "تاريخيًا، كلما لجأت فرنسا إلى الضغط والعقوبات تجاه الجزائر، واجهتها ردود فعل معاكسة".

وقال، لـ"إرم نيوز"، إن "علاقات فرنسا مع الجزائر، في الاقتصاد والمصالح المشتركة، تفرض على باريس قدراً من الليونة أكثر من التشدد".

وأوضح بديع أن "إيمانويل ماكرون يخاطب اليمين والرأي العام الفرنسي المتوجس من ملف الهجرة، لكن هذا التشدد قصير الأمد، لأنه لا يمكن لفرنسا أن تستغني عن الجزائر في ملفي الطاقة والحدود الجنوبية للمتوسط".

ووفقاً للباحث، فإنه "بينما تحاول فرنسا فرض هيبة دبلوماسية عبر حزمة عقوبات وإجراءات ضد الجزائر، فإن هذا المسار يعكس ازدواجية غير محسومة في السياسة الفرنسية؛ فهي من جهة تصعّد الموقف لتسجيل نقاط داخلية، ومن جهة أخرى لا تستطيع كسر حتمية الشراكة الاستراتيجية مع الجزائر. وهكذا تبقى الأزمة مفتوحة على احتمالات عديدة، بين استمرار التصعيد أو العودة التدريجية إلى الحوار".

وأشار إلى أن "باريس ستجد نفسها مضطرة لاحقاً للعودة إلى قنوات الحوار".

اعتبارات داخلية

بدوره، قال فريديريك شاريون، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كليرمون أوفيرني، إن "خيار باريس بالميل إلى الصرامة في إدارة أزمتها الراهنة مع الجزائر هو قبل كل شيء رسالة ضبط إيقاع داخلي، بقدر ما هو أداة تفاوض خارجي".

أخبار ذات علاقة

الحافلة التي سققطت في الجزائر

بعد حادث "وادي الحراش".. الجزائر تتخذ إجراءات صارمة بشأن الحافلات

وأضاف شاريون، لـ"إرم نيوز"، أن "فرنسا غالباً ما تستخدم إشارات القوة لإعادة تعريف شروط الحوار عندما تتعقد الملفات، لكنها تحرص في النهاية على إبقاء خط الرجعة مفتوحاً نحو التسويات، لأن العلاقة مع الجزائر بنيوية، تتجاوز الحكومات القائمة في أيٍّ من البلدين".

وأشار إلى أن "باريس تلجأ إلى أدوات الضغط لـ3 اعتبارات داخلية: امتصاص الضغط السياسي والإعلامي المتصاعد حول الهجرة والأمن، وطمأنة قواعد يمين الوسط واليمين بشأن هيبة الدولة، وإعادة ترتيب المشهد التفاوضي سريعاً قبل استحقاقات أوروبية وفرنسية تؤثر في قرار صانع السياسة".

ورأى شاريون أن "هذه الصرامة لا تصلح كاستراتيجية دائمة، لأنها ترفع الكلفة على قنوات التواصل الأمنية والطاقوية التي تحتاجها باريس على المدى المتوسط".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC