استبعد تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، أن تكون الأذرع الإيرانية في المنطقة قد فقدت تماماً قدرتها على التدخل لمصلحة طهران في صراعها مع تل أبيب وواشنطن، رغم الضربات الإسرائيلية المؤثرة التي تلقتها منذ جولات الصراع بعد السابع من أكتوبر 2023.
ويبدو أن المخاوف السياسية الداخلية، إضافة إلى الخسائر الفادحة التي تكبدتها خلال ما يقرب من عامين من الصراعات والاضطرابات الإقليمية، قد دفعت حلفاء إيران، إلى التراجع في الجولة الأخيرة التي تهز المنطقة.
ويُقصد عادة بأذرع إيران في المنطقة، الميليشيات العراقية التي تتبع مباشرة لطهران ويقدّر عددها بالعشرات، إضافة إلى ميليشيا حزب الله في لبنان، وميليشيا الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء، وأجزاء واسعة من اليمن.
ورغم "الصمت العسكري" لتلك الميليشيات حتى الآن، بعد نحو 10 أيام من اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية، إلا أن تامر بدوي، الباحث المشارك في مركز الأبحاث التطبيقية بالشراكة مع الشرق، وهو مركز أبحاث مقره ألمانيا يرى أنه مع كل "العوامل المُكبحة، لا تزال هناك عوامل غير متوقعة".
ضعفت ميليشيا حزب الله بسبب القتال الذي دار العام الماضي، وبعد خسارتها طريق إمداد رئيسي للأسلحة الإيرانية مع سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، حليفها الرئيسي.
ويقر أندرياس كريج، المحلل العسكري والأستاذ المشارك في كلية كينجز كوليدج بلندن، بتراجع حزب الله على المستوى الاستراتيجي "بينما انقطعت عنه سلاسل الإمداد في سوريا".
مع ذلك، يرى قاسم قصير، المحلل اللبناني المقرب من حزب الله، أنه لا ينبغي استبعاد دور للجماعة المسلحة في الصراع الإسرائيلي الإيراني.
ويقول: "المعركة لا تزال في مراحلها الأولى. حتى إيران لم تقصف قواعد أمريكية رداً على ضربات واشنطن، بل قصفت إسرائيل".
ويضيف أن كلاً من الحوثيين والميليشيات العراقية "تفتقر إلى القدرة الاستراتيجية على توجيه ضربات عميقة ضد إسرائيل، مثل تلك التي كان يتمتع بها حزب الله في السابق".
أما ريناد منصور، الباحث البارز في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن، فيشير إلى أن الميليشيات العراقية المتحالفة مع إيران حاولت دائماً تُجنّب جر بلادها إلى صراع كبير.
وعلى عكس حزب الله، الذي عمل جناحه العسكري كجهة فاعلة غير حكومية في لبنان، فإن الميليشيات العراقية الرئيسة أعضاء في تحالف من الجماعات المنضوية رسمياً ضمن قوات الدفاع الوطني العراقي.
ويقول منصور "الأمور في العراق جيدة لهم حالياً، فهم مرتبطون بالدولة، ويستفيدون سياسياً واقتصادياً. كما أنهم رأوا ما حدث لإيران وحزب الله، وهم قلقون من أن تنقلب إسرائيل عليهم أيضاً".
كما يعتقد منصور أنه في الوقت الحالي، قد تكون الجماعات المسلحة متوارية عن الأنظار لأن "إيران على الأرجح تريد لهذه الجماعات أن تبقى سليمة وقادرة على العمل".
لكن إذا تكبدت إيران خسائر فادحة أو اغتيل المرشد الأعلى علي خامنئي، فقد يكون ذلك بمثابة محفزات، وفق منصور.
