وزير الخارجية الإسرائيلي: إقامة دولة فلسطينية "من شأنه تعريض أمن إسرائيل للخطر"
تعاني ليبيا من معضلة الألغام التي ظلت عصية عن الحل رغم مرور عقود على زراعتها، خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية أو في فترة الاستعمار الإيطالي، وتقول إحصائيات أممية إن عددها وصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين لغم.
وبعد أحداث انتفاضة 17 فبراير/ شباط، أصبحت ليبيا بؤرة لملايين الألغام التي زُرعت أثناء الحرب الأهلية التي اندلعت لإسقاط معمر القذافي، بعد رفضه الانسحاب، ليُقتل على يد قوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" والمناهضين لحكمه.
ويتم الإعلان بشكل دوري عن إصابة أو مقتل أشخاص في حوادث تفجّر ألغام في ليبيا التي لم تشفع لها الثروات الهائلة لحل هذه المشكلة التي تزداد تعقيدا، في ظل غياب حلّ سياسي يوحّد الجهود بين الحكومات المتنافسة وأجهزتها.
مناشدة الدعم الدولي
ودعا رئيس المؤسسة الليبية لحقوق الإنسان أحمد حمزة المجلس الرئاسي إلى مناشدة المجتمع الدولي بتقديم المساعدة لإزالة الألغام التي تهدّد سلامة الناس وحياتهم.
وكشف حمزة لـ"إرم نيوز": أنه "لا توجد خرائط اليوم لمكان زرع الألغام أو وجودها، ولم يتم الإعلان عنها من قبل أطراف النزاع بعد توقف الحرب في 2020".
وأكد أن "ليبيا ما تزال تعاني من خطر الألغام ومخلفات الحرب المنتشرة في المناطق والأحياء السكنية والمزارع، خاصة في مدينة طرابلس، وبنغازي، وسرت، وتاورغاء، ودرنة".
مئات القتلى والجرحى
وبيّن أن "هذه المناطق تُصنّف على أنها شديدة الخطورة على السكان نظرًا لعدم التخلّص من الألغام"، كاشفًا أنه "منذ 2020 وتوقّف الحرب، في مايو/ أيار من ذلك العام، تجاوز عدد ضحايا الألغام 130، فيما تجاوز الجرحى 230، وفيهم من فقد النظر أو أحد أطرافه".
وأكد حمزة أن "الإمكانيات الوطنية ضعيفة جدًا في هذا المجال؛ ما يستدعي الدعم الدولي من خلال التجهيزات والمعدات"، لافتًا إلى أن "جهود التوعية تكاد تكون منعدمة".
3 ملايين لغم
وفيما تقدّر الأمم المتحدة وجود 3 ملايين لغم مزروعة في ليبيا، ولا تُعرف بالتحديد أماكنها، فإن تقارير إعلامية محلية تفيد بأن الآلاف لقوا حتفهم جراء تفجر هذه الألغام ومخلفات أخرى للحروب التي مزّقت البلاد من شرقها إلى غربها.
وقالت الناشطة السياسية الليبية، إيمان الكشر، إن "الألغام في ليبيا كان ضحيتها العديد من الأشخاص، ولم تتم إزالتها بالكامل، حيث استمرت الحرب لفترات متقطعة، وفي الحروب كل شيء متاح".
لا إحصائيات
وبيّنت الكشر، وهي مرشحة سابقة لرئاسة الحكومة الليبية لـ"إرم نيوز"، أن "عدد الألغام المزروعة غير واضح، ولا توجد إحصائية حقيقية، ولم تحدث تحديثات للإحصائيات منذ العام 2020"، مطالبة "الحكومة بإحضار شركات متخصصة لإزالتها، مع تدريب فريق ليبي وطني بعدد كبير يعمل في ليبيا".
وختمت الكشر بقولها: "إن الألغام تلوّث حوالي 70 مليون متر مربع بعد حرب 2019 بالألغام، وقد مات حوالي 200 شخص جراء ذلك من بينهم أطفال".
الدعم الدولي بالأرقام
ورغم إنكار كثيرين وجود دعم دولي لليبيا من أجل حسم ملف الألغام، إلا أن مرصد الألغام الأرضية ذكر، في 2019، أن الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، والسويد، واليابان، وهولندا، وسويسرا، قدّمت 24 مليون دولار لدعم جهود إزالة الألغام في ليبيا.
ومن جانبه قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، إن "ملف الألغام في ليبيا قديم وثقيل، ويعود إلى الحرب العالمية الثانية، حيث تلوّثت الأراضي الليبية الشاسعة بعشرات الآلاف من ألغام دول الحلفاء والمحور، الذين استباحوا الأرض الليبية، وخاضوا فيها أعنف حروبهم".
جهود العقيد
وتابع المرعاش لـ"إرم نيوز" أنه "لا يكاد يخلو بيت ليبي، منذ العام 1940، وحتى، الآن، من ضحية لهذه الألغام اللعينة؛ ما دفع العقيد الراحل معمر القذافي لجعل هذا الملف دائمًا في أي لقاءات مع الدول الغربية، خاصة ألمانيا، وبريطانيا، وإيطاليا، ومطالبتها بخرائط الألغام والتعويض عن ضحاياه".
وأكد أن "هذا الملف يشكّل تحديًّا حقيقيًّا للحكومات الليبية المتعاقبة، التي لم تُولِ أي اهتمام بهذه المواد الخطرة سواء الألغام أو حتى القنابل التي تم إلقاؤها على الليبيين، خلال 2011، موقعة آلاف القتلى".
وسبق أن كشفت منظمة "حقول حرة" تهتم بتفكيك الألغام وإزالتها في ليبيا، وهي منظمة غير حكومية ومحلية، عن وجود ما لا يقل عن 15 حقل ألغام في جنوب طرابلس وحدها.