أثارت الاحتجاجات في محيط المقر المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل، الخميس، تساؤلات حول تأثيراتها وما إذا كانت ستقود إلى حل أو تجميد الاتحاد، وهو المطلب الرئيس الذي رفعه المحتجون.
وتجمع العشرات من الأشخاص في محيط الاتحاد احتجاجا على الإضرابات التي تنظمها النقابات في عدد من القطاعات ورفعوا شعارات مناوئة له.
وندد اتحاد الشغل في بيان رسمي بما أسماه "هجوم مجموعة إجرامية" استهدفت مقره المركزي، محمّلا المسؤولية للسلطات.
المحلل السياسي التونسي، نزار الجليدي، قال إن "الاحتجاج أمام مقر الاتحاد لم يكن تحركا عفويا ولا يمكن وضعه في خانة ديناميكية احتجاجية سببها الأزمة الداخلية المعلومة منذ مدة والتي يعيشها التنظيم النقابي الأكبر في تونس".
وأكد لـ"إرم نيوز" أن هذه "ممارسة سياسية بامتياز شاهدنا على مدى أيام التحضير لها، وهناك من ينسبها إلى جهات مقربة من السلطة وهناك من يعتبرها من إنجاز المعارضة النقابية".
واستدرك الجليدي بالقول إن "ما حدث يوم 7 آب / أغسطس لا علاقة له بمحاور الخلافات والمطالب التي ترفعها المعارضة النقابية داخل الهياكل أو خارجها".
وأشار إلى "مبدأ أساسي أصبح يحدد الحوكمة في تونس اليوم وهو أن لا أحد فوق المحاسبة".
ورأى الجليدي أن "كل الهياكل الحزبية والمنظمات والأشخاص وحتى المؤسسات أصبحت خاضعة لهذا المسار، لكن أن يصل هذا التوجه إلى تجميد الاتحاد أو حله فهذا غير وارد في تقديري".
وبحسب الجليدي، فإن "التعددية النقابية والمعارضة النقابية وإن كانت شرعية فإنها ما زالت خافتة ولا يمكن لها قبل سنوات أن تصبح حقيقة يلمسها العامل وتجعله يغادر خيمة الاتحاد العام التونسي للشغل ويفقد مخالب تدافع عنه".
وبين أن "الاتحاد فقد الكثير من زخمه وقوة تعبئته وتأثيره في مجريات الأحداث بسبب قيادته المركزية وبعض إطاراته الجهوية ووقوعها في أخطاء كبرى وربما بسبب فساد منسوب إليه".
ولفت الجليدي إلى أن الاتحاد يتقاطع مع عديد القوى السياسية في قراءة تتعلق بتراجع الحريات وغياب الحلول وانسداد الأفق.
واستنتج الجليدي أن "بيانات التنديد أمس الخميس تعكس مكانة الاتحاد رغم الأزمة وظاهر الضعف وبقاء القناعة لدى الشرائح الاجتماعية والقوى السياسية الواسعة بأن ضرب الاتحاد أو انكساره هو تدمير لحجر الزاوية في السلم الاجتماعي".
ويتفق المحلل السياسي، محمد صالح العبيدي، مع الجليدي إذ يرى أن "مسألة حل الاتحاد أو تجميده مسألة مستبعدة لأنه ليس البرلمان السابق أو هيئة سياسية، فهو المركزية النقابية الضاربة في تاريخ البلاد والتي لا يمكن الاستهانة بها وبثقلها".
وأوضح العبيدي في تصريح لـ "إرم نيوز"، أن "موجة التنديدات من أحزاب مؤيدة حتى للسلطة التي تلت الاحتجاجات ضد الاتحاد تعكس ثقل هذا الجسم النقابي الذي لا يمكن تجاهل دوره وحضوره في الساحة".
وأكد أن الحديث عن فساد في الاتحاد يبقى "مجرد حديث"، وأن "على القضاء أن يأخذ مساره إذا ثبت ذلك فعلاً، أما استهداف الاتحاد مباشرة من قبل البعض فهو أمر غير مقبول".