قال مصدر سياسي كردي إن رؤية إدارة ترامب للأوضاع في سوريا بدأت تقترب من موقف العسكريين حيال الوجود العسكري الأمريكي في سوريا، بما يعني عزم واشنطن تعزيز وجودها العسكري والإبقاء على قواعد عسكرية في مناطق شمال شرق سوريا، بعد تصريحات سابقة عن نيتها تقليص وجودها العسكري في سوريا.
ويلفت المصدر في تصريحات لـ "إرم نيوز" إلى أن التباين داخل الإدارة الأمريكية حيال الوجود العسكري في سوريا بدأ يتقلص، موضحًا أن "الرؤية السياسية بدأت تقترب من موقف العسكريين، مع تصاعد نشاط داعش بعد سقوط نظام الأسد، وبعد أحداث الساحل والسويداء".
ويرجّح المصدر المطلع على اجتماعات جرت مؤخرًا بين مسؤولين من "قسد" وقيادات عسكرية أمريكية في التحالف الدولي، أن "تتحوّل مناطق سيطرة (قسد) إلى قاعدة أساسية للوجود العسكري الأمريكي، كما هو الحال في كردستان العراق"، لافتًا إلى أنّ "إجراءات واشنطن الأخيرة تعكس الرؤية الأمريكية بالتمسّك بالتحالف مع قسد في سوريا".
ولم يستبعد المصدر أن تقوم واشنطن بنقل جزء من قواتها المزمع انسحابها من بغداد إلى مناطق شمال شرق سوريا، بالإضافة إلى نقل جزء أساسي نحو كردستان العراق.
ويكشف المصدر أنه "على عكس تصريحات واشنطن بشأن نيّة تقليص وجودها العسكري في سوريا تدريجيًا، وبدء إخلاء تدريجي لقواعدها تطبيقًا لقرار سابق، عزّزت القوات الأمريكية قواعدها في محافظة الحسكة بعربات "برادلي" و"هامر".
ورغم التقديرات الميدانية التي تحدّثت عن احتمال احتفاظ واشنطن بقاعدة واحدة فقط في سوريا، مع إخلاء قواعد أخرى في غضون أشهر، إلا أنّ المصدر يلفت إلى أن "التحرّكات الميدانية للقوات الأمريكية في الآونة الأخيرة أظهرت العكس؛ إذ تمّ تنفيذ عدّة عمليات أمنية على الأرض، إلى جانب إجراء تدريبات عسكرية بالذخيرة الحيّة مع "قسد"، واستقدام عدّة دفعات من التعزيزات العسكرية، وتسيير دوريات في مناطق لا تحتضن قواعد عسكرية ثابتة كما هو الحال في دير الزور وعين العرب (كوباني).
وخلال اليومين الماضيين، نفّذ "التحالف الدَّولي" أربع عمليات أمنية في الشحيل والرقة وأريافها ضد خلايا تنظيم "داعش"، ضمن الشراكة المستمرّة مع "قسد" في مكافحة التنظيم.
كما أجرى ستّة تدريبات ميدانية واسعة بالشراكة مع "قسد" في قواعد قسرك والشدادي والطلائع وغويران في ريف الحسكة، بهدف اختبار جاهزية القوات للعمليات العسكرية، وذلك بالتوازي مع عملية عسكرية أطلقتها "قسد"، بدعم من الأمريكيين، لما قالت إنه "تتبّع لمجموعات كانت تنوي الهجوم على سجون التنظيم في الحسكة".
من جهته، قال السياسي والباحث الكردي جيان عمر، في تعليق حول الموقف الأمريكي الأخير تجاه "قسد" إن "الولايات المتحدة تحاول الموازنة بين دعم الأكراد و"قسد" كشريك موثوق في محاربة الإرهاب وبين علاقاتها الإقليمية.
وأشار عمر في تصريح لـ "إرم نيوز" إلى أن "واشنطن، وعلى الصعيد السياسي، بدأت تميل إلى مطالب قسد بالفيدرالية، بعد الأحداث الدموية في السويداء والضغوط الإسرائيلية، وقد توصلت إلى قناعة بأن فرض النظام المركزي الشديد لم يعد عمليًا، ومن هنا تبدلت تصريحات المبعوث الأمريكي توماس باراك مؤخرًا، متضمنة تلميحات لضرورة الانفتاح على أشكال أخرى للحكم بعيدًا عن المركزية الشديدة".
وينبه عمر إلى الدور الإسرائيلي في تعديل رؤية واشنطن، موضحًا أن إسرائيل تضغط على واشنطن لمنع تمدد أي سلطة معادية قرب حدودها، خاصة أن ما سماه الطابع الجهادي واضح في بنية كثير من الفصائل والمقاتلين المنضوين تحت لواء وزارة الدفاع السورية وقواتها الأمنية، وهؤلاء من وجهة نظر إسرائيل لا يختلفون عن "داعش".
ويخلص السياسي الكردي إلى أن "إسرائيل رأت قصورًا في فهم إدارة ترامب للملف السوري، وتحاول عبر سياسة مزدوجة تحريك الموقف الأمريكي لصالح رؤيتها للحل في سوريا والمنطقة، والذي يركز على استمرار دعم "قسد" كحليف موثوق للطرفين .