رجّح خبراء أن تكون الغارات الجوية اليومية التي تشنها الطائرات الحربية والمسيرات الإسرائيلية على مواقع عدّة في جنوب لبنان، ليست سوى "حربًا صغيرة".
ورأى الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذه الهجمات تمهد لعملية عسكرية واسعة النطاق تشمل كامل الأراضي اللبنانية، بما في ذلك العاصمة بيروت.
وأكد الخبراء أن "فريقًا من الضباط الأمريكيين هو من يدير العمليات الجوية الإسرائيلية في جنوب لبنان انطلاقًا من قاعدة عسكرية قريبة من الحدود، بهدف الضغط على السلطات اللبنانية ودفعها إلى الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل".
وأشار الخبراء إلى أن "الولايات المتحدة، بالتنسيق مع إسرائيل، تستخدم هذا الأسلوب من الضغط لتمكين تل أبيب من فرض شروطها على لبنان في مختلف القضايا، ومنها نزع سلاح حزب الله ولو عن طريق القوة، قبل 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وكان أكثر من مسؤول إسرائيلي قالوا في وقت سابق، إن "الهجمات الجوية اليومية على جنوب لبنان ليست سوى بروفة لعملية واسعة النطاق ستشمل كامل الأراضي اللبنانية، بما في ذلك العاصمة بيروت، إذا لم يلتزم الجيش اللبناني بتفكيك بنى حزب الله التحتية ضمن المهلة المحددة".
ووصل عدد الغارات التي شنها الجيش الإسرائيلي على مواقع عدّة داخل لبنان إلى 29 غارة جوية خلال 48 ساعة، شملت 5 محاور جنوب نهر الليطاني، واستهدفت بلدات الطيبة وكفرحمام وميس الجبل ويارون وطير حرفا، ما أدّى إلى مقتل 11 مدنيًا وإصابة 19 آخرين، بحسب حصيلة وزارة الصحة اللبنانية.
من جانبها، أحصت قوات "اليونيفيل" 6123 خرقًا إسرائيليًا لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، بينها 417 غارة جوية، ودعت في بيان "الطرف الإسرائيلي إلى الكفّ فورًا عن استخدام القوة"، محذّرة من أن "استمرار الخروقات يهدد بانهيار الاتفاق كليًا".
وقال المحلل السياسي نور الدين حمودة، إن "لبنان دخل أسبوعًا حاسمًا قد يحدد مصير الهدنة أو عودة الحرب الشاملة، مع تصاعد وتيرة الغارات الإسرائيلية وزيادة التوترات الداخلية نتيجة خلافات القوى اللبنانية بشأن طريقة التعامل مع التهديدات التي تواجه البلاد، بين مؤيد لفتح قناة مفاوضات مع إسرائيل، ومعارض يرى في ذلك استسلامًا للشروط الأمريكية – الإسرائيلية".
ولم يستبعد حمودة في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن تكون الغارات المكثفة التي تنفذها الطائرات الإسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية في جنوب لبنان مجرّد "بروفة حية" للحرب الكبرى القادمة، إذا لم يفكك الجيش اللبناني بنى حزب الله التحتية قبل نهاية الشهر الجاري.
وتوقّع حمودة، استنادًا إلى هذه المعطيات، أن توسّع إسرائيل رقعة استهدافها لتشمل جميع مواقع حزب الله في لبنان، من الناقورة حتى بيروت، وذلك بدعم أمريكي كامل.
وفي معرض حديثه لـ"إرم نيوز" عن تصاعد وتيرة التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان خلال الأيام المقبلة، أشار المحلل السياسي طانيوس صبري الحاج، إلى أن الأوساط السياسية اللبنانية تتداول معلومات عن خطة تل أبيب للتصعيد، والتي تُعرف باسم درع الشمال 2 وتشمل 3 مراحل".
وقال الحاج، إن "المرحلة الحالية حتى 30 نوفمبر/تشرين الثاني تتضمن حربًا صغيرة يومية جنوب الليطاني واستهداف أي شاحنة مشبوهة على طريق بيروت – الجنوب".
أما المرحلة الثانية من 1 إلى 15 يناير/ كانون الأول، فتشمل قصفًا جويًا مكثفًا لجميع مواقع حزب الله في البقاع الشمالي والهرمل، مع إغلاق أجواء لبنان لمدة 72 ساعة متواصلة.
وبشأن المرحلة الثالثة من خطة التصعيد الإسرائيلي، أكد الحاج أنها تتضمن ضربة مركزة على الضاحية الجنوبية ومطار بيروت وميناء بيروت وجسور الطريق الساحلي، مع تنفيذ إنزال بري في الناقورة ومزارع شبعا.
بدوره، رأى المحلل لطفي الزغير أن سلسلة الغارات الإسرائيلية المكثفة على لبنان هي بمثابة "حرب صغيرة" تشنها إسرائيل بالتنسيق مع الولايات المتحدة، إذ شملت عشرات البلدات والقرى في الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية لبيروت.
ويرى الزغير أن "اتفاق وقف إطلاق النار لم يعد يمثل هدنة، بل تحوّل إلى حرب باردة ساخنة يومية تشنها إسرائيل على لبنان، وتسفر عن سقوط مئات القتلى في صفوف المدنيين اللبنانيين".
وخلص الزغير إلى أن "لبنان يدخل أخطر 20 يومًا منذ انتهاء حرب يوليو/ تموز 2006، بعدما تحوّلت (الحرب الصغيرة) إلى حرب حقيقي، وربما تكون الحرب الكبرى على الأبواب".