أبدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وعدد من وزرائه في مقدمتهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، مرونة حيال قضية إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في ظل ضغوط أمريكية متصاعدة، حيث جاء ذلك وسط جدل داخلي واسع حول إعادة المساعدات، بحسب ما أوردته عدة وسائل إعلام عبرية.
وخفف سموتريتش من لهجته الهجومية المعتادة، رغم استمراره في توجيه انتقادات، وقال لوسائل الإعلام العبرية صباح الاثنين، إن "حدًا أدنى من الغذاء والدواء سيدخل القطاع" في إطار مرحلة تجريبية لتوزيع المساعدات في وقت لاحق من هذا الشهر.
وأضاف: "لن يصل شيء إلى حماس"، ورغم أن تصريحه هذا يتناقض مع موقفه الصريح قبل نحو شهر ونصف الشهر، حين قال في مؤتمر شعبي: "اقرأوا شفتي، لن تدخل حتى حبة قمح واحدة إلى غزة بطريقة تصل إلى حماس".
لكنه استدرك الآن بالقول: "قلت إنه ممنوع إدخال الحبوب إلى حماس، وليس إلى غزة، نحن بحاجة لإدخالها، لأنه لا أحد سيسمح لنا بتجويع مليوني إنسان".
يُذكر أن المساعدات التي ستدخل القطاع، وفق قرار اجتماع الحكومة مساء الأحد، ستُرسل بنفس الطريقة التي دخلت بها سابقًا، عبر شاحنات يُحتمل أن تسيطر عليها حماس.
إلا أن نتنياهو، بحسب "يديعوت أحرونوت"، أكد أن المساعدات القادمة ستكون محدودة العدد، لحين تجهيز نقاط توزيع يُؤمّنها الجيش الإسرائيلي، بحيث تُمنع حماس من الوصول إليها، وتقوم شركات أمريكية بتوزيعها.
وبالفعل، وصلت صباح اليوم الاثنين، شاحنات المساعدات إلى معبر كرم أبو سالم، في طريقها إلى القطاع.
ورغم تعهده السابق بالاستقالة إن أُعيد إدخال المساعدات، لم يعلن رئيس حزب "الصهيونية الدينية"، بتسلئيل سموتريتش، عن استقالته خلال تصريحاته صباح اليوم.
وقال: "لم ندخل أي مساعدات إنسانية منذ شهرين ونصف الشهر، ما سبّب ضغوطًا كبيرة على حماس، وهذا جيد، لكن حتى الضغوط تحتاج إلى تنظيم حتى لا تنفجر في وجوهنا".
وأشار إلى أن المساعدات في الأيام المقبلة ستقتصر على كميات بسيطة من المواد الأساسية، للمخابز التي توزع الخبز، والمطابخ العامة التي تقدم وجبات يومية، لافتا إلى أن "ما سيصل هو فقط خبز وطبق طعام، ولن تحصل حماس على شيء، والمساعدات ستمكّن المدنيين من الحصول على الغذاء، وتوفّر لنا غطاء دوليًا من أصدقائنا في مجلس الأمن ومحكمة لاهاي".
وفيما يتعلق بالتصعيد العسكري، قال سموتريتش: "يعمل الجيش الإسرائيلي في غزة بخمس فرق عسكرية، بقوة غير مسبوقة منذ بداية الحرب، وهذه المرة، الأسلوب مختلف: لا غارات ثم انسحاب، بل هو اجتياح وتطهير وبقاء حتى تدمير حماس".
وأضاف: "نقوم بتدمير ما تبقى من القطاع، وهذا تغيّر جوهري سيقود إلى النصر، وتحرير الرهائن، والقضاء التام على حماس".
وفي مقطع الفيديو ذاته، تحدث نتنياهو عن المرحلة السابقة من توزيع المساعدات خلال الحرب، حيث قال إنهم اكتشفوا لاحقًا أن حماس تنهب جزءًا منها.
وأضاف "لهذا السبب أوقفنا إدخالها، وقررنا مع الأمريكيين تنفيذ آلية توزيع جديدة تقوم على نقاط توزيع آمنة تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، وتُشرف عليها شركات أمريكية".
لكن، وبحسب نتنياهو، فإن إنشاء تلك النقاط يتطلب وقتًا، ولذلك تقرر استئناف توزيع المساعدات بشكل مؤقت، حتى 24 مايو/أيار، ولو بدرجة تسمح لحماس بالسيطرة الجزئية، لحين اكتمال الإجراءات الأمنية.
وأوضح: "نحن نعمل على إنشاء نقاط توزيع داخل مناطق يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، بحيث يتمكن المدنيون من الوصول إليها دون تدخل حماس، ويتم هذا بالتزامن مع ضغط عسكري كبير للسيطرة على غزة وإبعاد حماس عن المساعدات".
وأكد أن الأزمة وصلت إلى "خط أحمر" كاد يُفقد إسرائيل السيطرة، قائلاً: "أفضل أصدقائنا في العالم، من أعضاء مجلس الشيوخ، أكدوا دعمهم الكامل لنا بالسلاح والدبلوماسية للقضاء على حماس، لكنهم شددوا على أمر واحد: لا يمكنهم دعمنا في حال ظهرت صور مجاعة جماعية. لذلك، لضمان النصر، علينا حل مشكلة المساعدات".
وأشار نتنياهو ضمناً إلى العملية الأمنية التي نُفّذت صباح الاثنين في خان يونس، والتي استهدفت اعتقال القيادي في حماس أحمد سرحان حيًّا، قائلاً إن "جنودنا يقومون بعمل عظيم، بما في ذلك هذا الصباح، دون الخوض في التفاصيل"، مضيفًا أن "النصر المشترك يعني هزيمة حماس وتحرير الرهائن".
يُذكر أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير طالب بإجراء تصويت على قرار إدخال المساعدات، لكن نتنياهو رفض، مشيرًا إلى أنه يتعرض لضغوط من كبار المسؤولين في الحزب الجمهوري، وأصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة، وحتى من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
من جانبه، قدّم وزير الخارجية جدعون ساعر توضيحًا لحجم الضغوط السياسية، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يمارس ضغوطًا مماثلة، وأكد أن البعد السياسي لتوزيع المساعدات بات حاسمًا في هذه المرحلة.