بعد موافقة حماس على الإفراج عن المحتجزين، وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تسارعت المواقف المرحبة بهذا القرار، بالتوازي مع حراك دبلوماسي "لافت" ستكون القاهرة محوره، حيث أعلنت مصر عن استعدادها لاحتضان حوار "فلسطيني فلسطيني"، قبل أن يتم الكشف مساء اليوم عن توجه وفد من حماس إلى القاهرة.
ويُتوقع وصول وفد التفاوض الإسرائيلي، في حين سافر المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف على عجل نحو القاهرة، لحضور اجتماع رباعي بعد غد الاثنين، يبحث الطرق الكفيلة بتسريع تنفيذ خطة ترامب في غزة.
الكشف عن الاجتماع الرباعي في القاهرة الذي يجمع مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل، تزامن مع انتقاد لافت من الرئيس الأمريكي لرئيس الوزراء الإسرائيلي قائلاً إنه "تمادى" في الحرب على قطاع غزة، معتبراً أن ذلك أدّى إلى فقدان إسرائيل الكثير من الدعم العالمي، وتسبب في عزلة دولية لتل أبيب، حسب ما نقل عنه "أكسيوس".
وتعهد ترامب بالدفع لإنجاز اتفاق السلام في غزة خلال الأيام القليلة المقبلة، مضيفاً أنه أبلغ نتنياهو بأنه "لا بديل عن الموافقة على اتفاق سلام في القطاع"، مؤكداً أنه أوضح لرئيس الحكومة الإسرائيلية أن "هذه فرصة لتحقيق النصر"،
وبحسب أكسيوس، أعرب ترامب عن رضاه عن "ردود الفعل إزاء خطته"، مؤكداً أن "نتنياهو موافق وحركة حماس ترغب في إبرام الاتفاق.. يتعين علينا الآن إنجاز الأمر".
حماس.. موافقة بعد تهديد
وكانت حماس قد أعلنت مساء أمس، موافقتها على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في غزة، وذلك بعد تهديد صريح من ترامب لها.
وقرأ محللون في موافقتها، نوعاً من عدم تفويت فرصة وقف الحرب، وإن رجح بعضهم أن تكون خطة الرئيس الأمريكي تتجاوز أزمة القطاع، إلى ما هو أبعد من ذلك.
ويقول الدكتور محمد بوشيخي، المختص في شؤون الإرهاب والنزاعات الجيوسياسية، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "خطة ترامب لا تستهدف وقف التصعيد المتبادل، بل توفر ضمانات عملية لعدم تكرار حادث 7 أكتوبر، وكذلك عدم تعرض إسرائيل لأي تهديد فلسطيني مستقبلاً، وهذا الهدف لن يتحقق في سياق الخطة بوجود حماس لذلك تقترح تصفية وجودها عسكرياً وسياسياً".
وشدد بوشيخي، على أن "موافقة حماس على الخطة، كانت متوقعة بالنظر إلى عدم وجود خيارات بديلة وفي ظل مناخ إقليمي ودولي مرحب بخطة ترامب"، مشيراً إلى أن "حماس ردت بطريقة تتيح لها حفظ ماء الوجه أمام الخسائر الكبيرة بقطاع غزة مادياً وبشرياً".
ما مستقبل حماس؟
رد الحركة جاء واضحاً فيما يتعلق بقضية الإفراج عن الرهائن، حيث ربطتها بمضمون "خطة ترامب"، لكن الحركة تجنبت أي إشارة لمستقبلها، بينما ربطت مستقبل قطاع غزة بما أسمته "النقاش الفلسطيني".
ويؤكد محمد بوشيخي، أن موافقة حماس "جاءت نتيجة توافق قيادات الخارج وقيادات الداخل، فقيادات الخارج يتحدد موقفها من خلال قياس الرأي العام الفلسطيني والغزاوي خصوصاً واتجاهات الموقف في دول المنطقة مثل مصر وتركيا، لذلك قبلت حماس بالخطة لإنهاء الحرب، لكن تم تأجيل السؤال حول مستقبل الحركة"، وفق قوله.
ولفت إلى أن "قيادات الداخل، وهي صاحبة القول الفصل في مصير الرهائن، سيتحدد موقفها أولاً من السؤال حول مستقبل الحركة، خاصة أن مستقبلها من مستقبلهم الشخصي، لكن في الواقع لم يكن أمام هذه القيادات خيارات سوى القبول بخطة ترامب لأن الرفض سيعني قتل الفرصة الأخيرة، كما أن الرفض كان سيؤدي إلى تفكك حماس وتحللها بفعل إحباطات قيادات الخارج"، وفق تعبيره.
رد مشروط
وأعلنت حماس أنها وافقت على خطة ترامب بهدف منح الفرصة لنقاش بناء ينهي الحرب، مؤكدة أنها منفتحة على دور الوسطاء، بما يحقق التنفيذ الكامل لخطة ترامب وإلزام إسرائيل بها.
وأشارت الحركة إلى أنها وافقت على المقترح، لكنها أبدت ملاحظاتها وأطلعت الوسطاء عليها، وفي هذا السياق يؤكد الدكتور محمد بوشيخي، المختص في شؤون الإرهاب والنزاعات الجيوسياسية، أن رد حركة حماس النهائي جاء بصيغة تجمع بين "القبول" و"الملاحظات" حول بنود الخطة التي تراها الحركة مجحفة، لا أن تكون "الملاحظات" بديلاً عن "القبول" وسبباً في الرفض.
وخلص بوشيخي في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى القول إن صيغة "الموافقة بملاحظات" توفر لحماس صورة أمام الرأي العام كطرف له شروطه واستقلالية قراره، وفي الوقت ذاته تجنبها تهديد ترامب الطامح لجائزة نوبل للسلام والذي يسعى لإحراز تقدم في ملف غزة بعد تعثر ملف أوكرانيا.
يشار إلى أن وفداً إسرائيلياً وآخر من حماس وصلا إلى القاهرة، وسيجتمعان مع الوسطاء، الذين تنتظرهم مهمة بالغة التعقيد تتمثل في السير بهذا الاتفاق نحو صيغة تكفل تطبيقه بطريقة تجنب الفلسطينيين استمرار الحرب، ويرى كثيرون أن وجود ترامب كضامن لخطته، قد يسهل من مهمة الوسطاء، لكن التدهور يبقى وارداً في أية مرحلة فالشيطان دوماً يكمن في التفاصيل.