ترامب: حدودنا كانت مفتوحة وتعرضنا للغزو من قبل الملايين
أثارت أزمة سيولة غضبًا واسعًا في ليبيا، على الرغم من إعلان المصرف المركزي تعاقده مع شركة "دو لا رو" البريطانية من أجل طباعة نحو 30 مليار دينار (نحو 5.5 مليار دولار).
ويرى محللون أن هذه الأزمة تعكس حجم الفساد المستفحل في البلاد، وأيضاً هشاشة إدارة المال العام في ظل الانقسام الحكومي الذي تعرفه ليبيا.
وفي هذا الإطار، علّق المحلل السياسي الليبي، حسام الدين العبدلي بالقول: "إن الأزمة المالية التي تشهدها ليبيا، الآن، هي بسبب الفساد الإداري والمالي الظاهر للعيان".
وأضاف في حديث لـ"إرم نيوز" أن "الفساد مستشرٍ في المؤسسات الحكومية وقد ترتبت عليه سرقات، وعدم حصول المواطنين على حقوقهم، وتضخّم في الميزانيات، ما أثَّر في الاقتصاد الوطني، والعملة الصعبة".
وتابع: "في حقيقة الأمر، هناك إهدار كبير للمال العام، وللأسف، هنا نتساءل: أين الأجهزة الرقابية التي من المفترض أنها تراقب الحكومتين الموجودتين في البلاد، ومحاسبة المسؤولين؟".
وشدد على أن "هيئة الرقابة الإدارية، وديوان المحاسبة، وغيرهما من الجهات الرقابية منوط بها العمل على الحفاظ على المؤسسات الليبية لمنع انهيارها، لكن لا نرى لها أي دور أو عمل أو لمسات حقيقية للوقوف ضد الفساد المستشري".
واعتبر العبدلي أن "الشعب الليبي، الآن، لا يثق بالجهات الرقابية ولا في الحكومتين، وهي أطراف لم تفعل شيئاً للقضاء على الفساد، ومع الأسف، هناك ظلم اجتماعي واقتصادي كبير الآن في ليبيا"، وفق تعبيره.
أما الناشط السياسي، حسام الفنيش، فاعتبر أن "الوضع المالي في ليبيا تجاوز حدود الأزمة الاقتصادية ليصبح تهديداً مباشراً لاستقرار الدولة بأكملها. الفوضى المالية المستمرة منذ سنوات الناتجة عن وجود حكومتين متنافستين، وإيرادات موازية لم تؤدِ فقط إلى الهدر والإسراف، بل عمّقت الانقسام السياسي، وأضعفت المؤسسات الوطنية، ما جعل أي محاولة لإعادة الاستقرار الاقتصادي صعبة التنفيذ".
وأوضح الفنيش في حديث لـ"إرم نيوز" أن "الحلول المالية في ليبيا ليست نظرية فقط، بل عملية وواقعية أيضاً، وتتمثل في توحيد الحكومة والمؤسسات المالية والسيادية بما يشمل المؤسسات المالية، والاستثمارية، والمؤسسات الرقابية، لضمان وجود جهة مركزية قوية قادرة على إدارة الموارد العامة بكفاءة، ووضع سياسات مالية واضحة، وقابلة للتطبيق، مع تفعيل آليات الرقابة الإدارية والمالية على المستويين المحلي والوطني، لضمان الشفافية، ومنع أي هدر أو فساد".
وأكد أن "وجود ميزانية موحدة وعادلة يمثل حجر الزاوية للإصلاح المالي، بحيث يتم فيها تخصيص جزء من الموارد للمشاريع والتنمية المحلية مع مراعاة الأولويات الوطنية الإستراتيجية، وتوزيع الموارد على مختلف القطاعات والمناطق، وفق معايير علمية ومدروسة لضمان العدالة والفعالية، وتفادي تركز الإنفاق في مناطق دون أخرى أو في مشاريع غير ذات أولوية".
وشدد الفنيش على "أهمية إنشاء مجلس أعلى للتخطيط الاقتصادي والمالي على مستوى الدولة كهيئة سيادية مستقلة يمثل خطوة ضرورية، حيث يقوم بدراسة الميزانية، وتحديد الأولويات الوطنية والمحلية، وضمان أن التوزيع يتم بشكل متوازن وشفاف مع ربط السياسات المالية بالأهداف الاقتصادية والتنموية طويلة المدى".
وأشار إلى أنه "من الضروري خفض الإنفاق العام غير الضروري، وتوجيه الموارد نحو المشاريع الإنتاجية، وهو ما يمثل خطوة أساسية مع وضع سياسات واضحة لاستيعاب خريجي الجامعات والمعاهد في القطاع الخاص، والاستثماري، والتركيز على التعليم التقني والفني، والحد من التعيينات الحكومية المفرطة التي تجهد الميزانية دون مردود اقتصادي".
وقال إن "تشجيع القطاع الخاص في مجالات الزراعة، والصناعة، والاستثمار، والسياحة، ليس خياراً بل ضرورة لاستدامة الاقتصاد، وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد على النفط".