logo
العالم العربي

علويون ينقذون 110 من عناصر الأمن السوري المحاصرين في فيلا سهيل الحسن

قوى أمنية تابعة للحكومة السورية في اللاذقيةالمصدر: أ ف ب

طغى مشهد المجازر التي شهدها الساحل السوري في الأيام الأخيرة على ما عداه، وكانت أصوات التحريض والكراهية في العالم الموازي (وسائل التواصل الاجتماعي) أعلى من أصوات الأنين والاستغاثات على الأرض، حيث أسهم سوريون (من كل الطوائف) في الخارج بحملات تحريض ملأت صفحات "السوشال ميديا".

لكن "أفعالًا"مناقِضة شهدها العديد من المناطق والقرى الساحلية، كان أبطالها سوريين بسطاء وطيبين (من كل الطوائف)، كان لها وقع مختلف في نفوس كل من اعتنق الانتماء لسوريا بعيدًا عن الانقسام والطائفية.

الحادثة الأبرز في هذا السياق شهدتها قرية علوية في ريف جبلة تدعى "بيت العلوني"، الواقعة في قلب المنطقة التي شهدت عمليات القتل الطائفي، حيث كان هناك للعقل والحكمة دورٌ في مواجهة العنف والفوضى. في وقتٍ تزداد فيه الانقسامات، كما يقول أحد الشهود لـ "إرم نيوز"، فأثبت أهل هذه القرية، بعفويتهم وفطرتهم السليمة، أن الإنسانية تسمو فوق الطائفية، وأن القرارات الصائبة قد تكون الفاصل بين الحياة والموت.

أخبار ذات علاقة

ذوو فتاة قتلت في اللاذقية حول قبرها

الأمم المتحدة: عائلات قُتلت بأكملها في الساحل السوري

القصة باختصار

يروي الشاهد (عماد) من أهالي قرية "بيت العلوني" تفاصيل ما حدث في ذلك اليوم (6 مارس/ آذار)، فيقول: "بدأ الأمر عندما حوصر رتل للأمن العام، التابع للإدارة السورية الجديدة في قرية الدالية بريف جبلة. لكن أثناء عودتهم، تعرضوا لكمين مسلح من قبل "فلول النظام" السابق، لتندلع اشتباكات عنيفة، سقط خلالها العديد من الضحايا من جميع الأطراف. وفي ظل هذه الفوضى، وجد الناجون من قوات الأمن العام أنفسهم محاصرين داخل فيلا القائد السابق للفرقة الـ25، اللواء الفار إلى موسكو، سهيل الحسن، حيث أصبحت حياتهم مهددة.

وفقًا للمصدر، كان المشهد متوترًا، والأصوات القادمة من الخارج لم تكن تبشر بخير، "لكن في تلك اللحظة الحرجة، برز صوت مختلف من وسط الفوضى. لم يكن نداءً للحرب، بل نداءً للعقل والنجاة، إذ اجتمع أهل القرية على موقف واحد "نحن أهل هذه الأرض، لا نريد مزيدًا من الدماء"، لذلك طلبنا من عناصر الأمن العام "سلموا سلاحكم ونحن نضمن سلامتكم"وفقًا للشاهد عماد.

بهذه الكلمات، استطاع أهل القرية تحطيم جدار الخوف بين المحاصَرين وبين المسلحين من "فلول النظام" المخلوع خارج الفيلا. ما حدث بعد ذلك لم يكن سهلاً كما قال: ألقوا أسلحتهم، وخَرجوا بأيدٍ مرفوعة، تاركين وراءهم معادلة الحرب، ومتمسكين بمعادلة الثقة.

ويضيف: "بعد أن رمى المحاصَرون أسلحتهم، لم يتم التنكيل بهم، لم يتم استغلال ضعفهم، لم يتحولوا إلى غنيمة حرب، بل على العكس، تمت حمايتهم داخل القرية طوال الليل، حتى بزغ الصباح، وتم تأمين عودتهم إلى أهلهم سالمين."

ويكشف المصدر أن من أسهم في حل الأزمة مع أهل القرية "كان رجلًا من أهلنا السنة، وهو زوج ابنة عمي، يعيش بيننا في القرية منذ سنوات كأي فرد من أهلها". مضيفًا "أختي أيضًا زوجها سني"، وهذه الروابط لم تكن استثناء، بل انعكاسًا لحياة طبيعية عاشها السوريون قبل أن يفرض عليهم الصراع هويات ضيقة لم تكن يومًا تمثلهم.

ويوضح في تلك الليلة، لم يكن هناك نظام ومعارضة، سنة وعلويون، غالب ومغلوب. بل كان هناك فقط أناس قرروا أن يختاروا الحياة على الموت، والتسامح على الانتقام، والمستقبل على الماضي.

أخبار ذات علاقة

فصائل سورية

ما هي الفصائل المتهمة بارتكاب "مجازر" الساحل السوري؟

حالات "غير فردية"

لم تكن قصة "بيت العلوني" منعزلة أو وحيدة في مشهد التلاحم والتراحم بين السوريين بعيدًا عن الانتماء الطائفي، ففي مدينة بانياس، كان هناك العديد من النماذج المشابهة. ومقابل الفيديو الذي انتشر لمقاتل من الفصائل المسلحة يتباهى فيه بإبادة العلويين ومسح وجودهم من المدينة الساحلية الصغيرة، كان لبعض أهالي بانياس من السنة رأي آخر و"فعل" آخر، انتهى بعذها بالموت دفاعًا عن أهاليهم من العلويين.

طبيب (من الطائفة العلوية) يتحدث عن تجربته لـ "إرم نيوز" فيقول: عندما اقتربت أصوات الرصاص من منزلي، ومع الأخبار الواردة عن عمليات "التطهير" الجارية في المدينة، لم أجد ملجأً لي ولعائلتي إلا منزل أحد رواد عيادتي من أهلنا السنة، الذي سارع إلى فتح منزله أمام عائلتي، متعهدًا بدفع دمه ثمنًا لحمايتنا"، ومعرضًا نفسه وعائلته لخطر الموت. لقد قال لي: نحن أهل وجيران وسنبقى، أما هؤلاء الغرباء من شيشان أو إيغور أو من الفصائل المتشددة، فلا يمكن أن يكونوا بأي حال من الأحوال أقرب لي منك" .

في بانياس وجبلة أيضًا، ثمة الكثير من الحالات التي قام فيها مواطنون سنة باستضافة جيرانهم وأبناء مدينتهم من العلويين، خبأوهم وأعطوهم الأمان وقدموا لهم بيوتهم، وما زال العديد من العائلات تسكن في بيوت جيرانها بعد خمسة أيام على اندلاع عمليات العنف الطائفي.

يتحدث العديد من المصادر وشهود العيان عن تصفية العشرات من أهالي بانياس (السنة) لأنهم استضافوا في بيوتهم إخوتهم من العلويين، حيث امتزجت دماء الجيران في مشهد سيبقى في ذاكرة السوريين.

في حادثة أخرى ينقلها شهود من العلويين في مدينة بانياس، أن اشتباكات دارت بين الأمن العام وفصيل "العمشات" المتهم الرئيس بعمليات التصفية على الهوية، حيث كان هذا الأخير يحاصر مجموعة من العائلات العلوية في أحد الأبنية، بهدف تصفيتهم، وقد سقط العديد من عناصر الأمن العام ضحايا في الاشتباكات، دفاعًا عن أبناء الطائفة العلوية، كما يقول الشهود الناجون.

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC