ينتظر الجيش الإسرائيلي تنفيذ خيارات لتموضعه وتحديد خريطة انتشاره في قطاع غزة مع الاستعدادات للدخول للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، بناء على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتضاربت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين حول شكل انتشار القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، خلال المرحلة المقبلة، ومكان انتشاره، وما إذا كان سيعتمد "الخط الأصفر" الذي تقسم بموجبه إسرائيل غزة.
وقال المحلل السياسي عاهد فروانة، إن استراتيجية الجيش الإسرائيلي تتجه نحو البقاء في "المنطقة الصفراء" كما صرّح رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، مشيرًا إلى أن الجيش يسعى لترسيخها كحدود دائمة مع قطاع غزة، وتوسيعها تدريجياً ضمن سياسة فرض الوقائع الميدانية.
وأضاف، لـ"إرم نيوز": "إسرائيل تتبنى استراتيجية الانتظار في هذه المرحلة، مفضّلة البقاء في المنطقة العازلة دون الحسم أو الانسحاب الكامل، مستغلة غياب الضغوط الدولية للتمركز أطول فترة ممكنة داخل الخط الأصفر".
وأشار إلى أن "هذه الاستراتيجية تخدم التوجه السياسي للحكومة الإسرائيلية وأن الجيش ينفذ ما يقرره المستوى السياسي"، مؤكدًا أن "أي انتقال نحو المواجهة أو الانسحاب الكامل مرتبط بقرار سياسي أكثر منه عسكري.
وقال: "الجيش الإسرائيلي يرى أن الوضع الحالي في غزة يخدم مصالحه العسكرية والأمنية، من خلال السيطرة على الأرض، وتنفيذ الاغتيالات، وتكريس واقع التقسيم دون الدخول في مواجهة مباشرة واسعة".
وأوضح أن "إسرائيل تحاول تكرار نموذج جنوب لبنان بشكل موسّع في قطاع غزة، بحيث تُبقي على وجود أمني وعسكري في مناطق معينة دون الانخراط في احتكاك دائم مع السكان، ما يمنحها قدرة على التحكم والتأثير دون تحمّل تبعات الاحتلال الكامل".
بدوره قال المحلل السياسي شفيق التلولي، إن "كلًّا من الجيش الإسرائيلي وحركة حماس يعتمدان استراتيجية شراء الوقت لإدارة أزمة غزة، في محاولة كل طرف لإبقاء حضوره وتأثيره في القطاع".
وأضاف، لـ"إرم نيوز": "إسرائيل تلجأ إلى استنزاف حركة حماس تدريجيًّا عبر إطالة أمد المرحلة الأولى من الاتفاق، وتنفيذ اختراقات ميدانية، ما يُبقي المشهد في حالة ضبابية ويحوّل الصراع إلى حرب إدارة وقت لا إلى حسم ميداني".
وتابع التلولي: "سياسة الانتظار أو المواجهة لدى الجيش الإسرائيلي مرتبطة بالقرار السياسي داخل الحكومة، خاصة أن الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو يسعى لترسيخ واقع ميداني جديد دون الانجرار لحرب شاملة يصعب على نتنياهو تبريرها دوليًّا أو إدارتها داخليًّا".
وقال التلولي: "نتنياهو يحاول استمالة الإدارة الأمريكية المقبلة، خصوصًا الرئيس ترامب الذي لا يُفضل تفجير الوضع مجددًا في القطاع"، مشيرًا إلى أن الائتلاف اليميني الإسرائيلي يسعى إلى إبقاء ورقة غزة منفصلة عن المنظومة الفلسطينية، لضمان تعطيل أي إعادة تموضع لحركة حماس أو عودتها كقوة فاعلة في القطاع.
وأشار إلى أن حكومة نتنياهو تُدير ما يشبه "حرب الاستنزاف" بهدف عرقلة إعادة البناء في غزة، بينما تلعب حركة حماس على الوقت على أمل حدوث تغييرات تُمكّنها من البقاء جزءًا من المعادلة السياسية، إلى جانب السلطة الفلسطينية.
وأردف، أن "السيطرة الحالية شرق الخط الأصفر هي ورقة مساومة وابتزاز سياسي هدفها ترميم صورة الردع أمام الداخل الإسرائيلي، ودغدغة أحلام اليمين المتطرف".