الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
حمّلت شخصيات مشاركة في أعمال ندوة رفيعة المستوى حول السودان، قوات بورتسودان والميليشيات المقاتلة معها، مسؤولية استمرار الحرب وعرقلة كل فرص السلام وإفشال مبادرات الحوار لإنهاء الحرب.
واعتبرت شخصيات دولية، في الندوة التي أقيمت في العاصمة الكينية نيروبي، أن قوات بورتسودان والمجموعات الإسلامية المتطرفة التي تقاتل إلى جانبها تخلت عن جميع المساعي السلمية والتعبير عن مواقف متشددة بالسير في الحل العسكري، فضلا عن عقد صفقاتٍ للتزود بالسلاح من دولٍ أبرزها إيران وتركيا، ومؤخراً عقد صفقة تسليحٍ مع باكستان.
وشهدت الندوة مشاركة شخصيات دبلوماسية دولية وأفريقية وسياسيين سودانيين.
وأجمع المشاركون على أن قوات بورتسودان "تعمل على تعطيل فرص السلام وإفشال فرص الحوار لإنهاء الحرب في السودان؛ بسبب مقاطعتهِ لعددٍ من المنابر التفاوضية الدولية بدءًا من منبر جدة (مايو – يونيو 2023)، ومنبر المنامة (نهاية 2023)، ومحادثات جنيف مطلع العام الجاري.
وقال الخبير الأممي ووزير الخارجية التونسي الأسبق وممثل الأمم المتحدة لمالي المنجي الحامدي، إن الوضع في السودان بلغ مرحلة خطيرة لم يعد من الممكن التغاضي عنها، مضيفاً أن استمرار الحرب وتوسّعها مع دخول أسلحة محرمة دولياً واستخدام ميليشيات متطرفة عابرة للحدود يهدد بجرّ المنطقة بأكملها إلى دوامة من الفوضى وعدم الاستقرار.
وأشار الحامدي، في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى الاتهامات باستخدام قوات بورتسودان أسلحةً كيميائية، وقال إن هذا الأمر يتطلب تحقيقاً دولياً جدياً لمعرفة المتورطين في ذلك.
وأوضح الحامدي أن قوات بورتسودان برفضها لأي مسار سلمي، وبتحالفها مع التيار الإسلامي المتشدد، لا يمكن اعتبارها طرفاً بنّاءً في الحل السياسي، بل إنها تسعى إلى فرض الأمر الواقع بالقوة العسكرية، وهو ما يتعارض مع كل التجارب السابقة التي أثبتت أن الحروب الأهلية لا تُحسم عسكرياً وإنما تنتهي دائماً بتسويات سياسية.
وأكد أن "المطلوب اليوم قبل الغد هو إيقاف الحرب فوراً، والشروع في مفاوضات جدية تقود إلى خارطة طريق واضحة، تشارك فيها شخصيات سودانية تحظى بثقة جميع الأطراف وتلقى دعماً دولياً، وصولاً إلى انتخابات رئاسية وتشريعية تعيد للسودان استقراره".
وشدد الحامدي على أن "دور الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة محوري في ممارسة ضغوط كبيرة وشفافة على الجيش وحلفائه الإسلاميين للجلوس إلى طاولة الحوار، مع التحذير من مخاطر ترك الساحة السودانية مفتوحة أمام المنظمات الإرهابية التي تبحث عن بيئة الفوضى، ما يجعل السودان مهدداً بأن يتحول إلى بؤرة جديدة للتطرف تمتد آثارها إلى جنوب السودان وتشاد وإثيوبيا ودول الساحل والصحراء.
واعتبر الحامدي خلال الندوة أن الحرب في السودان منسيةٌ في الإعلام الدولي وهو مايجعلها غائبةً بصورة كبيرة، مشيرا إلى أن الصراع الدامي أدى إلى نزوح الملايين داخلياً وخارجياً، وحذر من خطر تنامي المليشيات المسلحة والمتطرفة في السودان، والتي تقاتل إلى جانب قوات بورتسودان وأيضاً المليشيات التي جاءت من دول مجاورةٍ إلى السودان مثل أثيوبيا وتشاد، وأن دخول جماعاتٍ متطرفة يزيد من الخطر الداخلي والإقليمي.
وحذر من تدفق الجماعات المتطرفة مثل داعش والجماعات الإسلامية المتشددة من سوريا والعراق ومالي وساحل وصحراء شمال أفريقيا إلى السودان؛ لأنها تمثل بيئةً مثالية لها.
واختتمت، الخميس، بالعاصمة الكينية نيروبي أعمال الندوة رفيعة المستوى حول السودان والتي تهدف لإطلاق عمليةِ سلام جديدة برعاية الاتحاد الأفريقي؛ بهدف جمع الأطراف السودانية لبناء عملية سلام مستدام وإيقاف الحرب في السودان.
وقالت وزير الخارجية الكينية السابقة أمينة محمد، إن الحرب الجارية في السودان منذ 2023 أدت إلى أوضاعٍ إنسانية كارثية وأدت إلى نزوح ولجوء ملايين السودانيين إلى الدول المجاورة، وأشارت إلى أهمية دعم جهود السلام وحث الأطراف السودانية على الحوار وأيضاً تعريف المجتمع الدولي بحقيقة الصراع الجاري في السودان لدعم الحلول السلمية وكيفية التوصل إلى حوارٍ بناء ينهي الحرب.
وحذرت الوزيرة السابقة من تأثير الجماعات المتطرفة ودورها في الحرب الجارية في السودان، وتحدثت أيضاً عن تفعيل الدور الأفريقي عبر الـ"إيغاد" والاتحاد الأفريقي لدفع إنهاء الحرب وأن تكون أفريقيا هي المنبر الذي يوجد الحل للأزمة السودانية.
ودعت أمينة إلى أهمية جهود الأمم المتحدة ووكالاتها في تقديم المساعدات الإنسانية وأيضاً دعم الجهود الدبلوماسية لإيجاد حلٍ سلمي والضغط على الأطراف الرافضة للحوار، وأشارت إلى أهمية سير عملية تقديم المساعدات الإنسانية وإطلاق عملية للسلام بالتوازي.
وقد تفاقم الوضع في السودان مؤخراً في ظل رفض قوات بورتسودان أي مبادرة سلام في وقت استخدم فيه كل صنوف الأسلحة المحرمة دولياً، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه بسبب ذلك، ما يعني أن الحلول ستكون مستعصية ما لم يتعرض للضغط من المجتمع الدولي وخاصة الاتحاد الأفريقي، وهذا ما أكده المجتمعون في الندوة الحوارية.
وذكر مسؤول الاتصال والمعلومات وممثل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية توابيا جومو، أن الصراع في السودان أدى إلى هجرة 10 ملايين شخص منذ بداية الصراع إلى خارج السودان، وأن الصراع المسلح أدى إلى نقصٍ حادٍّ في الغذاء والصحة، وأن استمرار المعارك في كردفان ودارفور أثّر على أكثر من 500 ألف شخص في معسكرات النازحين بإقليم دارفور، مشيراً إلى إطلاق دعواتٍ مستمرة لإيقاف الهجمات على المدنيين، وأن هناك 75% من النساء تعرضن إلى مخاطر صحية وإنسانية بسبب الحرب في السودان التي تمعن فيها قوات بورتسودان الرافضة لأية حلول لا بل تعمل على تعطيلها.
ومن جانبه حذر السكرتير السابق لـ"إيغاد"، محبوب المعلم، من خطورة الأوضاع الإنسانية في السودان وتداعياتها الخطيرة على مستقبل البلاد وتأثيراتها الإقليمية الخطيرة، والتي تجعل السودان يعيش حالة فوضى مستمرة واستمرار تدفقات اللاجئين السودانيين إلى دول الجوار بحثاً عن الأمان، وأشار محبوب إلى أهمية العمل على جميع المبادرات الإقليمية السابقة منذ منبر جدة والمنامة وجنيف، وأن يتم العمل على مبادرةٍ يدعمها الاتحاد الأفريقي والـ"إيغاد" لتخرج بالسودان من نفق الحرب.
وأشار وزير خارجية جنوب أفريقيا الأسبق، برنابا بنجامين، في حديثه خلال الندوة ولوسائل الإعلام أن الصراع الذي يعيشه السودان لن يكن حصراً على هذا البلد، وأنه سيكون ذا تأثير خطير على المحيط الإقليمي، وفي ظل تنامي الجماعات والمليشيات المسلحة، مشيراً إلى دور الحركة الإسلامية والمليشيات المتطرفة في إطالة أمد الصراع واستمراره، وأيضاً تعنت قوات بورتسودان في أوقاتٍ سابقة.
الناطق الرسمي باسم التحالف الديمقراطي لقوى الثورة "صمود"، بكري الجاك، حمّل الحركة الإسلامية في السودان استمرار الصراع والحرب في السودان والوصول بالوضع إلى انقسامٍ اجتماعي وسياسي خطير يهدد وحدته، وأشار إلى تصريحاتِ قيادة الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني المحلول دائماً ومؤخراً عن أن الحرب الجارية في السودان هي الطريق الذي سيعود بهم إلى السلطة، مشيراً إلى سردية الحرب التي تبناها الإسلاميون عبر خطاب الكراهية والعنصرية.
واعتبر بكري الجاك أن مسألة إنهاء الحرب في السودان عبر حلٍّ عسكري ليس منطقياً وستتولد عنه حروب جديدة. وجدد الناطق الرسمي باسم "صمود" الإسلاميين مسؤولية تأجيج الحرب والاستثمار فيها لمصلحتهم السياسية، ومنع قيام حكومةٍ مدنية تؤسس لديمقراطيةٍ مستدامةٍ في السودان.