كشفت مصادر أمنية وسياسية لبنانية رفيعة المستوى أن حزب الله يحتاج ما يتراوح بين 250 إلى 300 مليون دولار، لصرف "بدل إيواء" للنازحين من بيئته الحاضنة، لاسيما في جنوب لبنان، خلال عام 2026، والذين يقدرون بعشرات الآلاف من العائلات، ليتمكنوا من تأجير شقق للعيش فيها، بعد أن هدمت منازلهم، على أثر حرب الإسناد التي دخلت فيها الميليشيات اللبنانية أمام إسرائيل، رغماً عن الدولة اللبنانية.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن حزب الله لا يمتلك من هذا المبلغ حتى الآن ولو 1%، وذلك في ظل إحكام الخناق على مصادر التمويل القادمة له من الخارج، ما ترتب عليه عدم قدرة قادته على الإمساك بخطة عمل لهذه الأزمة في عام 2026، والتي ستتضح آثارها مع شهر فبراير/شباط القادم، بعد انتهاء "بدل الإيواء" الذي سُدِّد إلى آلاف العائلات في عام 2025.
واستغربت المصادر من موقف حزب الله مع هذه الأزمة، بتحريك حملات إعلامية تدعي أن المسؤولية المطلوبة في توفير مساكن للنازحين، تقع على عاتق الدولة وأن ما قام به من توفير بدلات إيواء خلال الأشهر الماضية، كان نوعاً من التفضل منه.
يأتي ذلك وسط انتشار تقارير إعلامية تتحدث عن فضيحة داخل أركان حزب الله، تدور حول اتهام قيادات بالميليشيات، بسرقة أموال مخصصة للنازحين، مما جاء بقرار داخلي، بتجميد مسؤوليات المتورطين، وسط غضب داخل الحاضنة الشعبية للتنظيم.
وفي هذا السياق، أوضحت تقارير أن هناك 100 ألف لبناني من الحاضنة الشعبية لحزب الله، لا يزالون نازحين عن مناطقهم بسبب الحرب الأخيرة مع إسرائيل، من بينهم 10 آلاف شخص من الضاحية الجنوبية بالعاصمة بيروت.
وأوضح المصدر الأمني، أن هناك جانبا من الأسر التي هدمت منازلها عبر اعتداءات إسرائيلية جديدة، لم يتم شملهم في مساعدات عام 2025، مشيراً إلى أن عجز حزب الله عن الإيفاء بالتزاماته للبيئة الحاضنة، جعلت أعدادا كبيرة من الأسر النازحة من الجنوب، تعتمد على نفسها ماليا بعد أن فشل التنظيم في الإيفاء باحتياجاتهم، في حين أن هناك نازحين آخرين يعانون بالفعل وأصبحوا بلا مأوى وهذا واضح للعيان في بيروت ومدن لبنانية.
فيما أبدى مصدر سياسي لبناني رفيع المستوى استغرابه من قيام حزب الله، في الفترة الحالية، ومع وضوح آثار هذه "الورطة" في ظل إغلاق مصادر التمويل التي كان يراهن عليها، سواء من شبكاته الاقتصادية أو من إيران، بتوجيه حملات إعلامية تدّعي أن المسؤولية عن إيواء النازحين تقع على عاتق الدولة، وأن ما قام به سابقًا من توفير بدلات إيواء كان نوعًا من التفضل منه.
وبيّن المصدر في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن هناك محاولات من جانب الحكومة، في إطار مسؤوليتها وكونها معنية بجميع أطياف الشعب اللبناني، للتعامل مع أزمة إيواء النازحين وتوفير بدل لاستئجار مساكن، لافتًا إلى وجود خطة تعمل عليها وزارة الشؤون الاجتماعية تتعلق بتوفير بدل إيواء، مشيرًا إلى أن مدى التوصل إلى برنامج بهذا الشأن سيرتبط بالمساعي التي يقوم بها رئيس الوزراء نواف سلام لبحث دعم ومساعدات من دول عربية، بالمقام الأول، في هذا الملف.
واستكمل المصدر، أن الأزمة الأكبر أن حزب الله عبر مؤسساته لم يقدم لقطاعات واسعة من النازحين "بدل إيواء" السكن خلال آخر 3 أشهر، لمن هدمت منازلهم العام الماضي، مما يعتبر ضغطا على هؤلاء الفارين من دمار تسبب فيه التنظيم، بجانب زيادة الضغوط على الحكومة لاسيما أن هناك انعكاسات أمنية واجتماعية أخرى لوضع النازحين واختلاط ذلك بملفات أخرى.
وفي هذا السياق، يرى الباحث في الشأن اللبناني ربيع ياسين أن حزب الله يعاني اليوم على كافة الأصعدة، وليس في الشق المالي فقط، موضحًا أن ما قام به منذ أن فتح حرب الإسناد ورّط الدولة وبيئته الحاضنة، بعد أن كان يمرر الأموال مع السلاح بسهولة قبل ديسمبر عام 2024، أما الآن فإن المعادلة تغيّرت كثيرًا، لا سيما مع سقوط النظام السوري، إلى جانب الضربات التي تلقاها وقصف بنيته العسكرية.
وذكر ياسين في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هناك جزءا كبيرا من التمويل الذي كان يحضر عبر الحدود من إيران، انقطع بشكل كبير عن حزب الله، مما أنعكس سلبا عليه، لاسيما أن المال هو الروح له، وبالتالي بات هناك وقف للتنفس.
وأردف ياسين أن هذا المشهد أنعكس على بيئته في الجنوب والبقاع وبعلبك مع تدمير قرى بالكامل، لتتفاقم أزمة النزوح في ظل عدم القدرة على تقديم تكلفة الإيواء والمعيشة اليومية.
وتابع بالقول إن التنظيم يحاول تحميل الدولة المسؤولية وقيامها بدفع التعويضات وبدلات الإيواء والمعيشة في حرب جر لها لبنان، دون قرار الدولة.