ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
فوجئ السوريون، مساء اليوم الثلاثاء، بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، مؤكداً، خلال زيارته للمملكة العربية السعودية، أنها (العقوبات) أدت دوراً مهماً، لكن حان الوقت، الآن، لها للمضي قدماً"، فيما تُثار تساؤلات حول جدوى رفع العقوبات، وتأثير رفعها على حياة السوريين داخلياً وخارجياً، وكذلك سلبيات إزالتها.
وأضاف ترامب، خلال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي في الرياض: "سآمر برفع العقوبات عن سوريا لمنحها فرصة للتألق.. حان وقت تألقها. سنوقف جميع (العقوبات). حظاً سعيداً يا سوريا، أظهري لنا شيئاً مميزاً للغاية".
في الوقت الذي أعلن فيه ترامب أن عزمه رفع العقوبات جاء بعد مناقشات وطلب من كلٍّ من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تبرز إلى السطح مجدداً أهمية النظر إلى تأثير ذلك على حركة الاستيراد والتصدير، وتحسين وضع العملة السورية، وتخفيف الأزمة الاقتصادية الحادة، وكذلك إمكانية إعادة بناء البنية التحتية المدمرة، فضلاً عن تداعياتها السياسية الإيجابية على الانفتاح والتقارب بين سوريا ودول الجوار، وإزالة التوتر في المنطقة ككل.
ولكن قد يُضعف ذلك موقف الاتحاد الأوروبي، الذي ما زال يفرض عقوبات على سوريا، بحسب خبراء يؤكدون أن رفع العقوبات الأمريكية، في الوقت ذاته، قد يشجع دولاً أخرى على رفع عقوباتها تدريجياً، ما يعيد دمشق إلى الساحة العربية والإقليمية الدولية.
ماذا يعني رفع العقوبات عن سوريا؟
يقول الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة، لـ"إرم نيوز"، إن "رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا يعني تحسين القدرات الاقتصادية والاستثمارية السورية في عمليتي التشغيل والتصنيع، حيث ستستفيد من ذلك الشركات والبنوك والجهات، الداخلية والمتعاملون مع الدولة السورية، وكذلك إعادة الإعمار".
وتشير تقارير إلى أن تكلفة إعادة إعمار سوريا تُقدر بما بين 400 إلى 500 مليار دولار مبدئياً، فـ"ذلك يعني تحسين قدرات التشغيل داخل سوريا، وإقبال كثير من الشركات لدخولها الدولة السورية، ولكن لقاء فتح التبادل التجاري بين سوريا والعديد من الدول، وبالتالي إمكانية تحسين، وزيادة القدرات الاقتصادية"، بحسب بدرة.
ما الذي دفع ترامب لاتخاذ هذه الخطوة؟
أشار ترامب منذ بداية ولايته الثانية إلى وقف الحروب والانسحاب من الصراعات الخارجية، انطلاقاً من سياسة أمريكية جديدة في المنطقة، فاتحاً الباب لاستثمارات أمريكية في سوريا، ولعل "برج ترامب"، الذي يريد الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع بناءه في دمشق، والتهدئة مع إسرائيل، هما من الإغراءات التي سبقت الإعلان عن رفع العقوبات بيوم واحد.
وكان جوناثان باس، ناشط أمريكي مؤيد لترامب التقى مع الشرع، في 30 أبريل/ نيسان، قال: "أخبرني الشرع بأنه يريد بناء برج ترامب في دمشق. يريد السلام مع جيرانه. ما قاله لي جيد للمنطقة ولإسرائيل".
كيف سينعكس رفع العقوبات على حياة السوريين؟
يقول مصطفى بدرة إنه "من الممكن أن ُيعاد السوريون مرة أخرى إلى الدولة السورية، بعد رفع العقوبات، طبعاً إذا استقر وأتمّ العدل داخل البلاد، وتم اتخاذ القرارات السليمة والسديدة، التي تواكب التطور، مثل حقوق المواطنة والانتخابات، وحقوق الاستثمار لكافة السوريين".
هل يعني رفع العقوبات اعتراف ترامب بالشرع؟
يقول مصفى بدرة: "طبعاً، بكل تأكيد، هذا الأمر اعتراف أمريكي ودولي، لأن تولي أحمد الشرع الرئاسة السورية، تم منذ البداية بمباركة غير مباشرة من ترامب، الذي رفع العقوبة الشخصية المفروضة عليه، والتي كانت تُقدر بملايين الدولارات، ومنعت أمر اعتقاله.. إذن، الموضوع كله تم بمباركة أمريكية".
ويضيف بدرة، في ختام حديثه لـ"إرم نيوز": "هناك مجهود كبير لبعض الدول العربية، من أجل إعادة إحلال الاستقرار في الوطن العربي والشرق الأوسط، وكان لها دور كبير في رفع العقوبات عن سوريا، مثل السعودية ومصر والإمارات، محاولةً تحقيق المتطلبات الدنيا للمواطنين والدولة السورية، ووقف نزيف اللجوء للهروب والهجرة غير الشرعية، التي تؤثر سلباً على الاقتصاد والمجتمع وسياسات الدول، بطبيعة الحال".
ولكن في الضفة الأخرى، يرى خبراء أن رفع العقوبات عن سوريا لا يعني اعترافاً صريحاً بشرعية الإدارة السورية الجديدة، فقد تُرفع العقوبات لأسباب اقتصادية أو تكتيكية، لكن عملياً، سيكون ذلك انتصاراً دبلوماسياً لدمشق، وقد يمهّد الطريق لاعتراف دولي تدريجي بالنظام، خاصة إذا رفع الاتحاد الأوروبي عقوباته لاحقاً، مؤكدين أن الوضع سيعتمد على ما إذا كانت واشنطن ستشترط إصلاحات سياسية أو انتقالاً ديمقراطياً بعد رفع العقوبات بالكامل.
ما سلبيات رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا؟
بحسب تقارير، فإن النظام السوري الجديد قد يستغل التحسن الاقتصادي لتعزيز قبضته الأمنية دون إصلاحات سياسية، مع عدم ضمان وصول المنافع إلى المناطق التي تسيطر عليها أو المنظمات الإنسانية، وغيرها، لاسيما أن سوريا تعاني من مؤشرات التقسيم أو الفيدرالية في بعض المناطق جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً.
ما قد لا تعرفه عن العقوبات على سوريا
العقوبات الدولية هي تدابير تقييدية تفرضها المنظمات الدولية أو الدول ضد دول أخرى أو جهات غير حكومية أو أفراد يشكل سلوكهم أو سياساتهم انتهاكاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان أو تهديداً للسلام والأمن العالمي أو الإقليمي.
فرضت الولايات المتحدة الأمريكية، ودول الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، وكندا، وسويسرا، وأستراليا، وعدة دول، عقوبات على قطاعات ومؤسسات رئيسة في سوريا، بينما خففت بعض الأطراف، بما فيها أمريكا والاتحاد الأوروبي، بعض هذه العقوبات.
قبل العام 2011، وخلال الفترة من 1979 وحتى 2011، تعرضت سوريا لعقوبات من أمريكا والاتحاد الأوروبي، ضمن 3 فئات، هي: "سوريا دولة راعية للإرهاب" أولاً، و"تطوير أسلحة دمار شامل" ثانياً، وعقوبات متعلقة بتقويض الاستقرار في المنطقة ثالثاً". أما عقوبات بعد العام 2011، ففرضتها الولايات المتحدة وجهات أوروبية وعربية ضد النظام السابق، وكان من أبرزها "قانون قيصر" العام 2020، و"قانون مكافحة الكبتاغون".
وكان تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة، في شباط/فبراير حذّر، من أنه في ظل معدلات النمو الاقتصادية الحالية، لن تتمكن سوريا من استعادة مستوى الناتج المحلي الإجمالي لفترة ما قبل النزاع، قبل حلول العام 2080.