ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء

logo
العالم العربي
خاص

صراع الرهانات..إيران تناور بورقتي النووي والغاز لتجنب "مقصلة" العقوبات الأوروبية

العلمان الأوروبي والإيرانيالمصدر: شاترستوك

قالت مصادر دبلوماسية أوروبية إن ما قدّمته طهران في تفاهم القاهرة الأخير مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لم يكن خطوة إيجابية نحو الشفافية، وإنما لا يتعدى كونه محاولة جديدة للالتفاف على الرقابة.

وذكرت المصادر لـ"إرم نيوز"، أن الاتفاق حصر عمليات التفتيش بمحطة بوشهر، بينما ظلّت المواقع الأكثر حساسة بعيدة عن أعين المفتشين.

وأوضح المصدر أن هذا النهج أثار استياء العواصم الأوروبية، التي رأت فيه استمرارًا لسياسة المماطلة وكسب الوقت بانتظار متغيرات سياسية ترد من واشنطن أو تبدلات في مواقف الاتحاد الأوروبي.

أخبار ذات علاقة

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي

عراقجي: مفاوضات القاهرة الأخيرة كانت "جدية وليست سهلة"

النووي كورقة ضغط على أوروبا

وتقرأ الدوائر الدبلوماسية في بروكسل أن هذا السلوك الإيراني يندرج كجزءٍ من استراتيجية ابتزاز اقتصادي قائمة على ربط الاستقرار النووي بمدى قدرة طهران على تصدير النفط والغاز إلى أوروبا، في وقت تعاني فيه الأخيرة من أزمة طاقة حادة منذ اندلاع الحرب الروسية–الأوكرانية.

واعتبرت المصادر أن إيران تراهن على أن الأوروبيين لن يغامروا بمزيد من الاضطراب في الأسواق، فتستخدم النووي كغطاء لمساومات مالية وتجارية تعيد إنعاش اقتصادها المنهك.

مسارات التحرك الأوروبية

أمام هذا الواقع، تتحرك أوروبا على أكثر من مسار لمواجهة الخطر الإيراني. فالمداولات داخل أروقة الاتحاد الأوروبي بدأت تُناقش إجراءات أكثر صرامة.

إحدى هذه المقاربات تركز على العقوبات المركّبة، أي توسيع نطاق العقوبات بحيث تتجاوز القطاع النفطي والمصرفي، لتشمل أيضاً سلاسل التوريد التي تسمح لإيران بتمويل برامجها النووية عبر قنوات غير مباشرة.

ولفتت مصادر "إرم نيوز" إلى أن الفكرة تقوم على تضييق الخناق الاقتصادي إلى حدّ يجعل من الصعب على طهران الاستفادة من أي مناورة نووية لتحسين وضعها المالي.

وفي موازاة ذلك، يجري التفكير في استخدام مجلس الأمن خلال الفترة المقبلة كمنصة لإعادة عزل إيران دولياً، عبر خلق إجماع دولي جديد يذكّر بأن النووي الإيراني ليس قضية أوروبية–أميركية فقط، وإنما هو تهديد للاستقرار العالمي برمّته.

أخبار ذات علاقة

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (على اليمين) والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي يوقعان بروتوكولًا بشأن عمليات التفتيش النووية في القاهرة في 9 سبتمبر.

عوضًا عن التفاوض النووي.. هل تحولت الوكالة الدولية إلى غطاء لضرب طهران؟

 

ورقة مساومة

وفق معطيات متداولة في أوساط دبلوماسية أوروبية، ترى العواصم الكبرى أن طهران لم تُبدِ يوماً التزاماً حقيقياً بمفهوم "السلمية" في برنامجها النووي.

وهناك نظرة أوروبية حالية تصف النهج الإيراني بأنه "اقتصاد نووي سياسي"، إذ يجري تقديم التخصيب أو تعليقه وفق احتياجات السوق ومصالح النظام، وليس وفق التزامات قانونية دولية.

هذه القراءة تُضعف الثقة بأي اتفاق مستقبلي، وتجعل من طهران طرفاً يساوم على حساب الاستقرار الإقليمي والدولي.

الباحث في الشؤون الإيرانية، سعيد كعب، اعتبر خلال حديثه لـ"إرم نيوز" أن منهج طهران في المفاوضات يقوم على قاعدة "لا التزام كامل ولا قطيعة نهائية"، وإنما مساحة رمادية تسمح لها بالمناورة.

وأضاف أن "كلما اقتربت لحظة حاسمة، اندفعت إيران إلى طرح اتفاق مؤقت أو تفاهم جزئي، سرعان ما يتبيّن أنه غير قابل للتنفيذ أو خالٍ من المضمون. هذا التكتيك يهدف إلى شراء الوقت بانتظار تبدلات في مواقف الحكومات الأوروبية".

كما رجّح أن يكون اتفاق القاهرة نسخة مكررة من سياسة "إدارة الوقت" التي تتقنها طهران منذ سنوات، مع فارق أن الظروف اليوم تجعل من هذه السياسة أكثر خطورة على الأمن الدولي.

فرص لالتقاط الأنفاس

وأوضح أن إيران لا تنظر إلى الاتفاق كالتزام طويل الأمد، بل كفرصة لالتقاط الأنفاس في مواجهة الضغوط، والرهان على تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في أوروبا، بحيث تنشغل الحكومات الأوروبية بمعالجة أزماتها الداخلية أكثر من انشغالها بملف إيران.

واعتبر أن ما تسعى إليه طهران هو تثبيت وضعية المساومة المستمرة؛ عبر تقديم تنازلات شكلية محدودة مقابل مكاسب اقتصادية، من دون أي نية حقيقية للقبول برقابة شاملة أو بتجميد تخصيبها العالي لليورانيوم.

وأشار كعب إلى أن أخطر ما في هذه المرحلة أن طهران توهم نفسها بأن بإمكانها فرض معادلة تقوم على "النووي مقابل الطاقة"، غير أن المزاج الأوروبي بات أكثر ميلاً إلى المواجهة والردع بدلاً من تقديم تنازلات.

واعتبر أن استمرار المناورات الإيرانية لن يؤدي إلا إلى تعجيل خطوات أوروبية أكثر صرامة. وأضاف أن كل تفاهم جزئي أو مؤقت لن يُنظر إليه بعد الآن كحل، بل كدليل إضافي على أن إيران طرف غير موثوق، وأن أي اتفاق معها يظل هشاً وقابلاً للسقوط عند أول اختبار جدي.

أخبار ذات علاقة

محمد إسلامي

إيران: مغادرة مفتشي "الطاقة الذرية" بعد الإشراف على تبديل وقود مفاعل بوشهر

أوروبا بين ضغط الطاقة وهاجس الأمن

المحللة في الشؤون الأمنية الأوروبية، كلارا هوفمان، أوضحت لـ"إرم نيوز" أن اتفاق القاهرة الأخير يعكس انتقال إيران من مرحلة المراوغة التقنية إلى ما يشبه "الهجوم الدبلوماسي"، حيث تحاول طهران فرض أجندتها على الوكالة الدولية عبر انتزاع اتفاقات جزئية تُبقي التفتيش تحت سقفها الخاص. واعتبرت أن هذا التحول خطير لأنه يُظهر أن إيران أصبحت تسعى لتغيير قواعد اللعبة ذاتها، بحيث يتحول النقاش من مدى التزامها إلى مدى ما تسمح به من التزامات.

وأضافت هوفمان أن الخطورة تكمن في أن طهران تستخدم هذه التكتيكات لخلق أمر واقع جديد متمثلًا ببرنامج نووي يتقدم بشكل مستمر تحت غطاء تفاهمات محدودة؛ ما يجعل من الصعب على الوكالة أو الأوروبيين استعادة زمام المبادرة لاحقًا. وأوضحت أن هذا الأسلوب يهدف إلى تقويض مرجعية الوكالة ذاتها، بحيث تصبح المنظمة الدولية طرفًا مقيّدًا بخيارات إيران بدلاً من أن تكون جهة رقابية مستقلة.

وبحسب هوفمان، فإن أوروبا تدرك أن استمرار هذا النمط يعني تحوّل إيران إلى لاعب يفرض شروطه بمرور الوقت، وهو ما يهدد مصداقية النظام الدولي لمنع الانتشار النووي. لذلك، فإن أي قراءة متفائلة لاتفاق القاهرة ستكون بمثابة خطأ استراتيجي، وفق تقديرها؛ لأن التجربة أثبتت أن طهران لا تقدم تنازلات حقيقية إلا تحت الضغط المباشر، وأن أي مساحة تمنح لها سرعان ما تتحول إلى منصة لمراكمة مزيد من القوة والابتزاز.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC