logo
العالم العربي
خاص

مستقبل النفوذ مقابل السلاح.. الفصائل العراقية تفاوض لضمان شبكاتها المالية

عنصر في الحشد الشعبي العراقي

كشفت مصادر عراقية مطلعة أن "كتائب حزب الله" و"حركة النجباء" التابعتين لميليشيا الحشد الشعبي، وضعتا سلة شروط  مقابل القبول بحصر السلاح بيد الدولة، وقُدّمت هذه الشروط شفهيا إلى قوى داخل الإطار التنسيقي خلال الأيام الماضية.

وقال مصدر مقرب من الإطار التنسيقي لـ "إرم نيوز"، إن الشروط تشمل ضمانات مكتوبة بعدم استهداف القيادات أو المقرات، وحصر استلام السلاح بوزارتي الدفاع والداخلية حصرا، وعدم فتح أي ملفات قضائية أو أمنية لاحقة بحق المنتسبين، إضافة إلى تحييد "اقتصاديات الفصائل" وعدم المساس بشبكاتها المالية، وترك ملف الحل والدمج مفتوحا زمنيا من دون سقف ملزم، مع تعهد بأن تكون قرارات رئيس الوزراء المقبل "بعيدة تماماً" عن الحشد الشعبي.

ووصف المصدر هذه الشروط بأنها "ليست تفاوضا على السلاح فقط، بل على مستقبل النفوذ". 

أخبار ذات علاقة

الحشد الشعبي في العراق

العراق.. "إعادة تعريف" القوى المسلحة تضع الحشد الشعبي أمام مصير مجهول

انقسام داخل "الإطار"

يفيد المصدر المقرب من الإطار التنسيقي أن الصورة داخل الإطار تبدو أكثر تعقيدا، مشيرا إلى وجود تيارين واضحين: الأول يرى أن الدخول في المسار السياسي وحصر السلاح بات ضرورة لتخفيف الضغوط الدولية، ويضم شخصيات بارزة بينها رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، وزعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي.

أما التيار الثاني، فيحذر من أن أي خطوة متسرعة قد تخلق فراغا أمنيا وسياسيا، وتدفع بعض الفصائل إلى العمل خارج أي إطار منضبط. وينقل المصدر عن أحد المؤيدين لهذا التيار قوله إن "التفكيك غير المنسق أخطر من السلاح المنفلت نفسه".

بين ضغط سافايا وصمت قاآني

في هذه الأثناء، لم يعد الضغط الأمريكي خفيا، حيث اعتبر مبعوث الرئيس الأمريكي إلى العراق مارك سافايا أن أي خطوة لنزع سلاح الفصائل العراقية مرحّب بها نظريا، لكنها بلا قيمة ما لم تُنفّذ ضمن إطار وطني مُلزم، يشمل تفكيك جميع الفصائل وضمان انتقال عناصرها إلى الحياة المدنية أو المؤسسات الرسمية.

وترى مصادر سياسية عراقية أن واشنطن تراقب لا أكثر في هذه المرحلة، لكنها تلوّح بأدوات ضغط أوسع إذا ما تحول الملف إلى عملية شكلية. وتربط هذه المصادر بين ملف السلاح ومستقبل الوجود الأمريكي، معتبرة أن "العراق أمام اختبار سيادة حقيقي".

في خضم هذا الجدل، كشف المصدر المقرب من الإطار التنسيقي أن قادة من الفصائل الرافضة لنزع السلاح تواصلوا مع قائد فيلق القدس إسماعيل قآني لطلب موقف واضح من التطورات. إلا أن الردود، بحسب المصدر، جاءت غامضة وغير حاسمة.

وقال المصدر إن معلوماته تبين أن "طهران لا تريد صداما مفتوحا الآن، لكنها أيضا لا تشجع على تسليم شامل يفرّغ أوراق القوة". وأضاف أن الرسالة الإيرانية الضمنية تميل إلى إدارة الوقت وربط أي خطوة بسياق إقليمي أوسع، خاصةً مع استمرار التوتر مع واشنطن. 

أخبار ذات علاقة

قوات الأمن العراقية

دولة مؤسسات أم "توازن البنادق"؟.. العراق أمام مفترق طرق

المرجعية تضع خطاً أحمر
في السياق نفسه، يشير المصدر في الإطار التنسيقي إلى أن الموقف الأكثر تأثيرا في هذا الملف سيكون للمرجعية الدينية في النجف، وبيّن أن موقف المرجعية كان حاسما لجهة ترفض المساس بالحشد الشعبي قبل تشكيل الحكومة الجديدة، وأوضح المصدر أن المرجعية الدينية تعتبر ملف نزع السلاح "ورقة سيادية لا يجوز حرقها في مرحلة انتقالية".

ووفقا للمصادر السياسية، يمنح هذا الموقف الفصائل الرافضة هامش مناورة أوسع، ويؤجل أي قرار جذري، فيما يجري الحديث داخل الإطار عن "إصلاحات داخلية" بدلا من تفكيك شامل.

موافقات جزئية.. ورسائل مزدوجة
على الرغم من أن فصائل عدة أعلنت موافقتها المبدئية على حصر السلاح بيد الدولة، (كتائب الإمام علي، وعصائب أهل الحق، وأنصار الله الأوفياء، وكتائب سيد الشهداء)، إلا أن مصادر متابعة تؤكد أن هذه الموافقات مشروطة وغير نهائية، وتهدف إلى امتصاص الضغط أكثر من كونها بداية تفكيك فعلي.

المصدر المقرب من الإطار التنسيقي، وصف الأمر بأنه "إعادة تموضع سياسي، لا نهاية للملف". مشيرا إلى أن "كل المؤشرات تدل على أن ملف نزع السلاح لن يُحسم قريبا". وأوضح أن واشنطن تضغط لكنها تتجنب الانفجار، وطهران تراقب وتدير الإيقاع، والإطار التنسيقي منقسم بين الواقعية السياسية وهواجس الأمن، فيما تتمسك الفصائل الرافضة بشروط تضمن بقاء نفوذها وشبكاتها المالية - التي بنتها بالفساد - حتى وهي تفاوض على السلاح. 

أخبار ذات علاقة

مسلح  من مليشيات الحشد الشعبي في العراق

السلطات العراقية تجدد تأكيدها على حصر السلاح بيد الدولة

ويحذر المصدر من تحول هذا الملف إلى كباش أمريكي–إيراني جديد على الأرض العراقية، معربا عن خشيته من أن يُدار كما سابقاته، بالتسويات المؤجلة والقرارات الرمادية. وخلص المصدر إلى القول بأن العراق يسير في منطقة وسطى خطرة؛ بحيث لن يكون هناك نزع كامل للسلاح، ولا بقاء مطلق له، بل مفاوضات مفتوحة على كل الاحتمالات.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC