يُلقي ملف انقلاب ميليشيا الحوثي وسبل القضاء عليه، سلميًا أو عسكريًا، بظلاله على قرار تعيين سالم بن بريك رئيسًا جديدًا لمجلس الوزراء اليمني، في لحظة حرجة تمر بها البلاد، وبتركيبة وزارية لم يطرأ عليها تعديل، إذ احتفظ الوزراء الحاليون بحقائبهم وفقًا للقرار الرئاسي.
ويأتي هذا التعيين في وقت تتصاعد فيه قناعة المجتمع الدولي بضرورة إنهاء تهديد الحوثيين، الأمر الذي يمنح توقيت القرار بُعدًا مزدوجًا؛ إذ قد يُفسّر على أنه رسالة سلبية تعكس اضطرابات داخل الجبهة الشرعية، في وقت يُفترض فيه توحيد الصفوف استعدادًا لمواجهة الميليشيا المدعومة من إيران.
غير أن القرار نفسه قد يحمل دلالات مغايرة، توجه رسائل للخارج بأن الشرعية تمضي في إصلاح البيت الداخلي واستعادة الاستقرار بالمناطق المحررة، تمهيدًا لتحرير ما تبقى من الأراضي اليمنية وإنهاء تهديدات الحوثيين وخطورتهم على أمن الإقليم والملاحة الدولية.
وفي هذا السياق، يقول وكيل وزارة الإعلام اليمنية، فياض النعمان، إن تعيين بن بريك يمثل "تحولًا مهمًا في مسار العمل الوطني"، وجاء في توقيت حساس يعكس حرص مجلس القيادة الرئاسي على "ضخ دماء جديدة في الحكومة"، بما يعزز الأداء الحكومي، ويعيد ضبط بوصلة المعركة الوطنية نحو استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.
وأضاف النعمان، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن هذا التغيير يحمل رسائل واضحة للداخل والخارج مفادها أن "الشرعية تتعامل مع التحديات بمسؤولية وتحديث دائم"، مشيرًا إلى أن القرار يحظى بتوافق سياسي واسع ودعم من الدول الفاعلة في الملف اليمني، وهو ما يعزز فرص توحيد القرار الوطني وتخفيف التوترات في المناطق المحررة.
وشدد على أن دعم رئيس الحكومة الجديد بات "ضرورة وطنية"، ليس فقط لضمان الاستقرار السياسي، وإنما أيضًا من أجل إعادة ثقة المواطنين، لا سيما في المناطق المحررة، من خلال إجراءات ملموسة لمعالجة الأزمة الاقتصادية وتوحيد الأوعية الإيرادية للدولة وإنهاء الازدواج المالي وفرض سلطة الدولة.
في المقابل، يرى النقيب راشد معروف، ركن الإعلام الحربي في المنطقة العسكرية الخامسة، أن قرار تعيين بن بريك "ينبع من اعتبارات داخلية إدارية"، ولا يعكس بالضرورة تحولات جوهرية في مسار الحرب أو التسوية مع الحوثيين.
واعتبر أن التغيير جاء نتيجة خلافات بين رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الحكومة السابق، وليس بسبب متغيرات في الرؤية الاستراتيجية تجاه الحوثيين.
وقال معروف في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن القرار "لا يمثل مؤشرًا على تحول في طبيعة التعاطي مع ميليشيا الحوثي"، إذ إن القرار السياسي في هذا الملف يتشكل داخل مؤسسة مجلس القيادة الرئاسي، ويتأثر بالاعتبارات الإقليمية والدولية، إضافة إلى المعطيات الميدانية.
وأوضح أن الجيش الوطني "لا يزال ثابتًا على موقفه"، وهو مستعد للحسم العسكري إن توفرت الإرادة السياسية، ومنفتح على السلام وفق شروطه العادلة ومرجعيات الحل، وعلى رأسها تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتسليم الحوثيين للسلاح ومؤسسات الدولة.
واختتم حديثه بالقول: "التغيير الوزاري يعكس طبيعة المرحلة المعقدة التي تمر بها اليمن، ولكنه لا يُغيّر من ثوابت المعركة ضد الحوثيين، إذ لا سلام دون إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة".